منذ منتصف العام الماضي، والسوريون يعيشون أزمة #محروقات متواصلة تشتد وتنحسر قليلاً بين الحين والآخر دون أن تنتهي، لكن الأزمة الأخيرة، التي بدأت تشتد منذ بداية #العام لتبلغ ذروتها منذ أسبوع تقريباً، تعتبر الأكثر حدة وتعقيداً.

وعزتها #الحكومة السورية إلى تأخر وصول ناقلة #نفط قادمة من #إيران بسبب تعطل حركة الملاحة في قناة #السويس الشهر الماضي إثر جنوح ناقلة حاويات عملاقة.

أزمة الوقود سبقت جنوح السفينة في قناة السويس

رغم تحجج الحكومة في #سوريا بتعطل قناة السويس ما سبب أزمة #المحروقات الأخيرة، إلا أن بدء ملامح الأزمة الخانقة بدى واضحاً قبل تاريخ جنوح سفينة “إيفر غيفن” في الـ23 من #آذار الماضي.

إذ اشتدت أزمة المحروقات بداية العام مع إعلان وزارة النفط في 10 كانون الثاني تخفيض كميات #البنزين الموزعة على المحافظات بنسبة 17% وكميات #المازوت بنسبة 24% لحين وصول توريدات جديدة.

وفي بداية شباط، نقلت 25 لتر من الشريحة المدعومة للسيارات الخاصة إلى الشريحة غير المدعومة بحيث تصبح المخصصات 75 لتر مدعوم بدلاً من 100 ليتر و125 لتر غير مدعوم.

وفي التاسع من آذار صدر قرار بتخفيض كميات المحروقات الموزعة على المحافظات مرة أخرى بنسبة 15% للبنزين، وكميات #المازوت بنسبة 20% بحجة انتظار وصول التوريدات الجديدة.

وفي منتصف آذار أعلنت “وزارة #التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، أنها عدلت سعر لتر #البنزين 90 أوكتان للكميات المخصصة على #البطاقة_الإلكترونية، مدعوم وغير مدعوم، إلى 750 ليرة سورية للتر الواحد بعدما كان 475 ليرة، أي بزيادة قدرها نحو 58% ورفعت سعر البنزين أوكتان 95 من 1300 ليرة إلى 2000 ليرة.

كل القرارات السابقة، سبقت جنوح سفينة “إيفر غيفن”، وساهمت بزيادة طوابير الانتظار على محطات الوقود لأيام.

لتزيد وزارة #النفط الطين بلة وتؤزّم الوضع أكثر وتعلن في 27 من آذار أنها قامت بترشيد توزيع الكميات المتوفرة من المشتقات النفطية (مازوت – بنزين) بما يضمن توفرها حيوياً لأطول زمن ممكن بسبب جنوح السفينة في قناة السويس وتأخر وصول صول ناقلة كانت تحمل نفط ومشتقات نفطية للبلد دون تحديد كميات الترشيد التي تعتبر الثالثة منذ بداية العام.

لتقوم بعد ذلك لجان المحروقات في المحافظات السورية بتخفيض كميات تعبئة مادة البنزين للسيارات السياحية الخاصة والعامة (التكسي) بنسبة 50% اعتباراً من 30 آذار بمعدل 20 لتر كل 7 أيام للسيارات الخاصة، و20 لتر كل 4 أيام للعامة، وتوقيف تزويد السرافيس بالمازوت أيام الجمعة.

الأسباب الحقيقية وراء أزمة نقص المشتقات النفطية

يؤكد الخبير الاقتصادي زاهر أبو فاضل لموقع (الحل نت)، أن «أزمة المحروقات مرتبطة بشكل وثيق بشقين أساسيين، هما قانون #قيصر الذي يزداد حدة، وضعف الملاءة النقدية لدى الحكومة من القطع الأجنبي لتسديد ثمن الشحنات، والأخير دفعها مراراً لرفع سعر البنزين إلى أن تم تحريره مؤخراً».

وتابع «يمكن أن يضاف إلى الشقين السابقين الأساسيين، أسباب أخرى، منها الضغوط الروسية التي تشتد أكثر فأكثر لأخذ السلطات نحو القبول بالقرار 2254، وتوجه السلطات نحو خفض سعر الصرف بتخفيض فاتورة الاستيراد من كل شيء حتى المشتقات النفطية التي تحتل أكبر حيز من سلة المستوردات»

إضافة إلى الخلاف الحاصل مع “قوات سوريا الديمقراطية” التي امتنعت مؤخراً عن بيع النفط للقاطرجي، والإغلاقات في لبنان وأزمة المحروقات فيها التي حدّت من القدرة على تهريب المادة، بحسب أبو فاضل

وتابع أن «من المستبعد أن تشهد البلاد انفراجاً تاماً بأزمة المحروقات قريباً، وستبقى الأوضاع تشهد غصات وحلحلات بسيطة بين الحين والآخر».

انعكاس أزمة المحروقات معيشياً

ومع اشتداد أزمة المحروقات وتخفيض المخصصات 50%، أصيبت الحياة في #سوريا بالشلل، وباتت المواصلات شبه معدومة والشوارع شبه خالية، وارتفعت أجرة الركوب بالتكسي أكثر من 100%.

في وقت تعرقل وصول الطلاب إلى المدارس والموظفين إلى أماكن عملهم حتى العاملين منهم بالقطاع العام، وكثرت الغيابات بشكل ملحوظ خلال الأسبوع الماضي، وخاصة مع تخفيض الحكومة لمخصصات البنزين للسيارات الحكومية أيضاً.

وبحسب أبو فاضل، فإن توجه الحكومة الأخير بتوقيف دوام الجامعات والمدارس نحو 15 يوماً، وتوقيف عمل بعض دوائر الوزارات وتخفيض نسبة الدوام فيها لم يكن بسبب جائحة #كورونا التي لم تتخذ الحكومة حيالها أي إجراء في الموجة الأولى أو الثانية.

بينما السبب الرئيسي هو منع انهيار مؤسسات الدولة وتخفيف الاحتقان الشعبي نتيجة أزمة المواصلات، وسط ارتفاع تكاليف الوصول إلى مكان العمل أكثر من الراتب الشهري بأضعاف، بحسب أبو فاضل.

وتأثرت كل القطاعات بأزمة المحروقات الأخيرة، وارتفعت الأسعار 6 أضعاف وتأثرت حركة النقل البضائع بنسبة 90% بحسب ما قاله عضو مجلس إدارة غرفة تجارة حلب “علي تركماني” لإذاعة ميلودي المحلية، مؤكداً أن هذا العامل ساهم بعدم قدرة التجار على خفض أسعارهم رغم انخفاض سعر صرف الدولار.

ارتفاع في أسعار السلع ونقل الركاب في وضع مأساوي!

وبحسب جولة قام بها موقع (الحل نت) في الأسواق، فإن الفعاليات التجارية التي تعتمد على المحروقات (بنزين ومازوت) باتت تعمل بالحد الأدنى، وخفضت المحلات والفعاليات والمنشآت التي تعتمد على المولدات عند انقطاع التيار الكهربائي لتأمين خدماتها والحفاظ على بضائعها، ساعات العمل ورفع أسعارها.

وبات سائقوا التكسي يفضلون الوقوف وانتظار الطلبات بدلاً من الدوران ضمن الشوارع للبحث عن زبائن.

ووصل سعر لتر البنزين في السوق السوداء إلى 2500 ليرة سورية، بينما وصل سعر شراء مخصصات البنزين على البطاقة الذكية لمرة واحدة (20 لتر) إلى 20 ألف ليرة سورية، والدخول إلى محطة الوقود دون الوقوف على الطابور إلى مابين 10 – 15 ألف ليرة.

وبات الكثير من المضطرين للذهاب إلى أشغالهم، يركبون الدراجات الهوائية، أو يعتمدون على المشي، بينما عرض البعض خدماتهم مجاناً لتوصيل المضطرين بسياراتهم كلما توفر لديهم البنزين، وذلك ضمن مجموعات أنشئت على فيسبوك لهذا الغرض مثل (وصلني بطريقك).

وعود بانفراج قريب في أزمة المحروقات

وأكد رئيس مجلس الوزراء “حسين عرنوس” قبل نحو أسبوع، أن هناك انفراجات بموضوع المشتقات النفطية خلال أسبوع، ويأتي ذلك بالتزامن مع تعهد وزارة الكهرباء بإعادة التيار الكهربائي إلى وضعه المقبول خلال أسبوع بعد زيادة ساعات التقنين نتيجة شح المشتقات النفطية.

وتداولت صفحات على فيسبوك في الثالث من نيسان، صوراً لما قالت إنه صهاريج نقل النفط الخام التابعة لشركة قاطرجي التي بدأت بالتحرك من مناطق قسد نحو محطات التكرير في حمص وبانياس.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.