تحركات روسية “غامضة” في تل رفعت والشهباء: ضغط على الإدارة الذاتية أم مناورة سياسة مع أنقرة وطهران؟

تحركات روسية “غامضة” في تل رفعت والشهباء: ضغط على الإدارة الذاتية أم مناورة سياسة مع أنقرة وطهران؟

قامت القوات الروسية، المتمركزة في منطقتي #تل_رفعت والشهباء بريف #حلب الشمالي، بإخلاء بعض مواقعها، في الثالث عشر من نيسان/أبريل الحالي. عمليات الإخلاء تمت بالتحديد في قرية “منغ”، التي يوجد فيها مطار عسكري، وقرية “كشتعار”، التي تقع على خطوط التماس مع الفصائل المسلّحة المعارضة، المرتبطة بتركيا، إضافة إلى إخلاء ثلاثة مواقع داخل مدينة تل رفعت نفسها.

الجدير بالذكر أن منطقة “الشهباء” تحوي المواطنين المُهجّرين من #عفرين، بعد العملية العسكرية التركية على المنطقة في عام 2018، المسماة “غصن الزيتون”. ووفقاً لما يقوله أهالي المنطقة فإن القوات الروسية أكدت لهم، في وقت سابق، أنها الضامنة لعدم قيام #تركيا والفصائل المعارضة بعملية عسكرية واسعة النطاق على الشهباء وتل رفعت، ما يجعلهم يتخوّفون من أن يؤدي الانسحاب الروسي إلى تركهم وحيدين في مواجهة هجوم محتمل.

وأفاد خبر، نشره “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، أن «ميلشيات موالية لإيران استقدمت إلى ريف حلب الشمالي أرتالاً وتعزيزات عسكرية، ما دفع القوات الروسية للعودة إلى النقاط العسكرية التي انسحبت منها، وقاعدتي “كشتعار” و”تل رفعت”».

وجددت هذه التحركات الروسية مخاوف الأهالي وشكوكهم حول وجود صفقة بين #روسيا وتركيا، خاصة أن كثير منهم مقتنع أن القوات التركية سيطرت على عفرين بعد تفاهم مع الروس، تم عام 2018، قضى بتسليم مناطق #الغوطة ودرعا إلى #القوات_النظامية،المدعومة من #موسكو، مقابل السماح للجيش التركي بالقيام بعملياته في مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض.

ولمعرفة أبعاد التحركات الروسية في الشمال السوري، ومصير مدينة تل رفعت ومنطقة الشهباء، التقى موقع «الحل نت» مع مسؤولين في #الإدارة_الذاتية لشمال وشرق سوريا وفصائل المعارضة المسلّحة.

 

تداعيات كارثية

“بدران جيا كرد”، نائب الرئاسة المشتركة للإدارة الذاتية، قال لموقع «الحل نت»: «ما يزال الغموض يكتنف التحركات الروسية في منطقة الشهباء وتل رفعت و”كشتعار”، فالقوات الروسية تغيّر من تموضع نقاطها العسكرية، وتسحبها إلى مراكز عسكرية قريبة من مدينة حلب، ولم يخبرنا الجانب الروسي بشكل مسبق بخصوص هذه التحركات، التي حدثت بشكل مفاجئ».

وحذّر “جيا كرد” من «التداعيات الكارثية التي ستحصل، في حال تخلّت روسيا عن دورها الضامن لحماية الشهباء وتل رفعت، والمدنيين المقيمين فيهما، ما قد يُدخل المنطقة في مرحلة جديدة، تصبح فيها بؤرة للتوتر، وميداناً لصراع عسكري طويل وعنيف».

#الجيش_الوطني المعارض، المقرّب من تركيا، لا يبدو أكثر اطلاعاً على حقيقة التحركات الروسية من الإدارة الذاتية، فقد أكد “يوسف الحمود”، الناطق الرسمي باسم “الجيش الوطني” لموقع «الحل نت»: «لم تتوفر لدينا معلومات كافية حول طبيعة التحركات الروسية في ريف حلب الشمالي، ولم يتضح بعد ما إذا كانت روسيا ستنسحب بشكل نهائي قي الفترة القادمة، أم أنها تقوم بمجرد تحركات تكتيكية».

واستدرك بالقول: «النقاط التي أُخلاها الروس، ثم عادوا إليها، على تماس مباشر مع مناطق سيطرة الجيش الوطني، ومن الممكن أن تكون هذه التحركات نوعاً من الاستفزاز لقواتنا المتواجد على الأرض. ورغم ذلك لا نستطيع الحكم بشكل نهائي على طبيعة الإجراءات الروسية في ريف حلب الشمالي».

 

الضغط على الإدارة الذاتية وقسد

“بدران جيا كرد” يبدي قلقه من أن تكون التحركات الروسية هادفة لـ«الضغط على الإدارة الذاتية، للحصول على مكاسب أو تحقيق بعض المطالب، كما حصل في منطقة “تل تمر”، في شباط/فبراير الماضي، حين انسحبت القوات الروسية، ومن ثم عادت في اليوم التالي».

ويتابع بالقول: «هذه الأسلوب، الذي تتبعه القوات الروسية، محل أسف بالنسبة لنا، خاصة إذا كان المقصود به الضغط علينا، كما نتوقع، ولذلك نراقب الوضع عن كثب، لمعرفة ما تهدف إليه القوات الروسية»، مشدداً على ضرورة «قيام روسيا بدورها في حماية المنطقة، وخلق الثقة لدى المدنيين، من خلال منع حصول صدامات واشتباكات بين القوى المتواجدة على الأرض».

من جانبه يقدم “عبد السلام عبد الرزاق”، القيادي في قوات الجيش الوطني، تحليلاً قريباً من توقعات “جيا كرد”: «روسيا تعيد النظر في حساباتها، ومدى المكاسب، التي تحققها من تواجدها في ريف حلب الشمالي، ومعظم المؤشرات تفيد بأنها ستنسحب بشكل كامل من المنطقة، في ظل وجود خلافات مع #قوات_سوريا_الديمقراطية “قسد”، حول ملفات سياسية واقتصادية وأمنية متعددة في منطقة شرق الفرات»

ويضيف في حديثه لموقع «الحل نت»: «القوات الروسية قامت بعمليات إعادة انتشار أكثر من مرة، في الشريط الذي تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية منذ سنوات، فقد أخلت بعض النقاط وتمركزت في أخرى، وكل هذا قد يندرج ضمن سياق الرغبة بالضغط على “قسد”».

 

ما الذي أعاد القوات الروسية مجدداً إلى تل رفعت؟

 وعن الأنباء عن عودة القوات الروسية إلى مواقعها، والأسباب التي دفعتها لذلك، يقول “عبد الرزاق”: «هناك تنافس بين #إيران وروسيا على المنطقة، فمدينة تل رفعت مهمة بالنسبة لإيران، بسبب قربها من بلدتي نُبل والزهراء، اللتين تعدان معقلاً للقوات الإيرانية في حلب».

مصدر محلي من ريف حلب الشمالي أفاد لموقع «الحل نت» بمعلومات مماثلة، مؤكداً أن «عودة القوات الروسية إلى قواعدها ونقاطها العسكرية، في تل رفعت و”كشتعار”، كانت بسبب إرسال الميليشيات الإيرانية تعزيزات عسكرية كبيرة إلى المناطق التي انسحبت منها القوات الروسية».

وأضاف المصدر، الذي رفض كشف هويته، أن «هنالك معلومات بأن روسيا اتفقت مع تركيا، خلال الفترة الماضية، على إجراء صفقة، تتخلى فيها عن تل رفعت، مقابل حصولها من الأتراك على تنازلات في ملفات أخرى، ولكن التواجد الإيراني النشط في المنطقة يعيق تنفيذ ذلك الاتفاق، إذ أن الروس لن ينسحبوا من تل رفعت، ليمنحوها مجّاناً للإيرانيين».

 

ما مستقبل المنطقة؟  

‘”بدران جيا كرد” يجيب على هذا السؤال بالقول: «من المعلوم أن هناك مداولات مستمرة بين تركيا وروسيا حول بلدة تل رفعت، ولدينا مخاوف جدية بأن تقوم موسكو بالتنازل عن المنطقة لأنقرة، مقابل وقف الأخيرة لتدخلاتها بشبه جزيرة القرم في #أوكرانيا، وهذا أسلوب سياسي لا نراه سليماً، لأنه ينقل المشاكل بين روسيا وتركيا إلى مناطق أخرى، ويجعل من أهاليها ضحية لاتفاقات ومناورات، لا شأن لهم فيها».

بدوره يجيب “عبد السلام عبد الرزاق”‘: «من الأرجح أن هناك تفاهماً بين تركيا وروسيا حول التحركات، التي جرى في تل رفعت، قرب مناطق التماس مع قوات الجيش الوطني، وأعتقد أن روسيا ستتجه في المستقبل إلى الانسحاب الكامل من المنطقة».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.