كانت التداعيات واضحة تماماً عندما افتُضِح تسجيل مقطع صوتي الأسبوع الماضي لوزير الخارجية الإيراني #جواد_ظريف بينما كان ينتقد هيمنة #الحرس_الثوري على السياسة الخارجية لبلاده.

«في الجمهورية الإسلامية، الوسط العسكري هو المهيمن»، يقول “ظريف” قبل أن يضيف: «لقد ضحيت بالدبلوماسية لصالح ساحة المعركة أكثر مما ضحيت بساحة المعركة لصالح الدبلوماسية».

فمن نواحٍ عديدة، يوحي ذلك بالكثير عن السبب الذي جعل #إيران تجد نفسها في لحظة حاسمة، بينما تحاول تعزيز قوتها في دول عربية عدّة مثل #اليمن #لبنان #سوريا #العراق، بحسب مقالٍ نشره موقع (The National).

وكأدوات رئيسية لمثل هذه الهيمنة، تسبب الحرس الثوري الإيراني ووكلاؤه المحليون في تدمير الدول العربية التي يتواجدون فيها، فقد دُمِّرت سوريا بسبب الحرب، وكذلك اليمن، ولبنان اليوم مفلس، بينما تثبط هيمنة #حزب_الله المساعدات العربية.

وفي الوقت ذاته، تحاول الميليشيات الموالية لطهران في العراق تطبيع البلاد مع جيرانها خوفاً من أن تدفع إيران الثمن.

إعادة إعمار سوريا ومواقف مغايرة من الأسد

شيءٌ ما يتغير اليوم، بعد أن أدى اقتراب نهاية الحرب في سوريا إلى دفع بعض الدول العربية إلى إعادة تقييم علاقاتها بـ #بشار_الأسد ونظام حكمه.

فبالنسبة لهذه الدول، فإن التكلفة الهائلة لإعادة إعمار سوريا، إلى جانب الرغبة الروسية القوية في استقرار الوضع في سوريا، من خلال إعادتها إلى الحاضنة العربية، قد خلقت فرصاً تجعل إيران غير مستقرة.

وإعادة احتضان سوريا من قبل الدول العربية، خاصة مع عودتها إلى #جامعة_الدول_العربية، قد يسبقه مفاوضات حول ما يمكن أن يقدمه كل طرف للآخر.

ويدرك الإيرانيون جيداً بأن المطلب الأول من الأسد، سوف يكون الابتعاد عن إيران. ولن يذهب الأسد إلى أبعد مما تريده الدول العربية، لكنه قد يحاول توسيع هامش مناورته فيما يتعلق بإيران.

كذلك ستكون هناك انتخابات رئاسية في سوريا في غضون أسابيع قليلة، وإن كانت هذه الانتخابات بعيدة عن الديمقراطية، فإن بشار الأسد سيستخدمها لإعادة تدوير حكمه.

وربما تكون إحدى طموحاته، هي مواجهة إيران وروسيا بعضهما البعض من أجل تعزيز سلطته التي لا تزال هشة، فالأسد لديه حليف مهم في موسكو، وهو عامل آخر قد يشغل بال المسؤولين ذوي التوجهات الأمنية في طهران.

طموحاتٌ روسيّة بإزاحة إيران 

أما روسيا، فهي باتت مقتنعة بأن الطريقة المثلى لتهدئة الوضع في سوريا تكمن في تيسير الدعم العربي لإعادة إعمار البلاد وتأمين التأييد العربي لحكم الأسد.

وكان وزير الخارجية الروسي #سيرغي_لافروف قد زار دول الخليج في شهر آذار الماضي، حيث أجرى مناقشات تخص سوريا إلى جانب أمور أخرى. ويشير لقائه حينها مع كل من وزيري الخارجية القطرية والتركية في #الدوحة إلى أنه يمكن لروسيا أن تلعب دوراً في سد الفجوات بين دول المنطقة، التي لا تزال تعتزل العلاقات مع سوريا.

ومن وجهة نظر إيران، فإن مثل هذه الديناميكية تحدث في سياق دبلوماسي يكون فيها حضورها ضعيفاً. فمحادثات #أستانا التي شاركت فيها إيران لم تعد فعالة.

ومع ذلك، لا تزال إيران تحتفظ بأكثر من ورقة رابحة للحصول على نتائج مرضية. ففي سوريا، لدى #طهران تأثير كبير على المؤسسات العسكرية والأمنية الرئيسية في الدولة. كما أنها تحتفظ بقوة كبيرة في لبنان، حيث أن حزب الله هو القوة الفاعلة بالرغم من انهيار البلاد.

رغم ذلك، هناك مشاكل محتملة تلوّح في الأفق، فمع انخراط المزيد من الدول في تطبيع العلاقات مع سوريا، سوف يكون النطاق الأوسع هو نطاق حرية الأسد لاستعادة بعض القوة من الإيرانيين في سوريا وحتى في لبنان.

ومن المحتمل أن تكون النتيجة مزيداً من التفكك مع تدهور الوضع اللبناني. وهذا يعني أن حزب الله سيكون لديه وسائل أقل للسيطرة على الوضع في البلاد من خلال مؤسسات الدولة الآخذة في التآكل، متيحةً بذلك مساحات أوسع للآخرين لتولي الأدوار.

ويكاد يكون من المؤكد أن سوريا ستفسر العلاقات المتحسنة مع الدول العربية على أنها دعوة لإحياء شبكاتها وحلفائها في لبنان، وقد تحظى بدعم عربي إذا ما كانت النتيجة هي تقليص مدى نفوذ حزب الله وإيران بشكل جزئي. ومع الانتخابات الرئاسية اللبنانية العام المقبل، من المرجح أن تدفع دمشق من أجل انتخاب #سليمان_فرنجية حليف الأسد المقرّب.

رغبةٌ في تدمير البلاد العربية 

في ضوء هذه التطورات، يكتسب الاتفاق النووي أهمية جديدة بالنسبة لطهران. وإذا ما تم التوصل إلى اتفاق، فسوف يسمح ذلك لطهران باستخدام الإيرادات المنتظرة لتعزيز موقعها في كل من سوريا ولبنان.

إلا أن هذا لا يعني تقويض الأهداف العربية والروسية، فالتوصل إلى “وضع مستقر تماماً” في سوريا هو أمر مشكوك فيه بالنسبة للدول العربية وروسيا، كما هو الحال بالنسبة لإيران.

وعليه، قد تضطر إيران إلى تقاسم المزيد من الهيمنة في بلاد الشام مع الدول العربية وروسيا كخطوة ضرورية نحو إعادة تأهيل سوريا الإقليمي. كما أن لتركيا وإسرائيل رأي مسبق فيما يحدث في سوريا، وكيفية تعامل بشار الأسد مع كلا البلدين سوف تؤثر على إيران.

وربما يعتقد الحرس الثوري الإيراني أن كثرة الطهاة سوف تحرق “الطبخة” وتفسد مكانتها الإقليمية، إلا أن ميل إيران لتدمير الدول العربية في أماكن وجودها، يجعل مسألة “كثرة الطهاة” هذه أمراً لا مفر منه.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.