جفاف في بلاد الرافدين: هل ستؤدي سياسات تركيا وإيران المائية إلى مجاعات وحروب أهلية جديدة في العراق؟

جفاف في بلاد الرافدين: هل ستؤدي سياسات تركيا وإيران المائية إلى مجاعات وحروب أهلية جديدة في العراق؟

يواجه العراق مشكلة مائية مزمنة، مع تزايد خطر فقدانه 60% من وارداته من مياه نهري #دجلة والفرات، نتيجة سياسات الدول المجاورة له، ما يجعله يعاني من مشاكل داخلية متعددة، لا سيما أن مناطق جنوب البلاد تشهد صراعات عشائرية على الحصص المائية المخصصة للزراعة، بعد أن تضررت مساحات واسعة من الأراضي، بسبب نقص المياه.

ويشترك العراق مع #تركيا في نهرين كبيرين، هما دجلة والفرات، ويعتمد نهر دجلة بشكل كبير على منابعه التركية، فالأنهار العراقية الفرعية لا تغذيه مائياً إلا بنسبة 42%، فيما تأتي البقية من تركيا وإيران، التي تشترك هي الأخرى مع العراق بأكثر من واحد وأربعين نهراً فرعياً، تنبع من الأراضي الإيرانية، وتصبّ في العراق. وعملت الحكومة الإيرانية على قطع النسبة الأكبر من هذه الروافد، ببناء سدود عليها، ما تسبب بقلة واردات دجلة، وتعرّض مدن عراقية للجفاف.

تركيا بدورها بدأت منذ عقود بتشييد سدود مائية كبرى على نهري دجلة والفرات، ما ينذر بخطر كبير على وجود الدولة العراقية، بحسب ما حذّرت منه لجنة الزراعة في #البرلمان_العراقي، خاصة أن  تجاوزات #إيران وتركيا على حصة العراق المائية قد تسببت بحركة نزوح كبيرة بين المزارعين، في المناطق الجنوبية والوسطى من البلاد.

 

تداعيات خطيرة

النائب “جمال فاخران”، عضو لجنة الزراعة النيابية، أكد لموقع «الحل نت» أن «للعراق حقاً، وفق القانون الدولي، في نيل حصته من الأنهر المتشاطئة بينه وبين تركيا وسوريا وإيران، وقد طالبت لجنة الزراعة النيابية رئيس الوزراء العراقي مصطفى #الكاظمي، والجهات المختصة، بالتدخّل في ملف التجاوز على حصة العراق، خاصة من قبل تركيا، التي تقطع المياه لملء سد “اليسو” على نهر دجلة».

مشيراً إلى أن «التجاوز على حصص العراق المائية، من قبل تركيا أو إيران، له تداعيات خطيرة، ستؤدي لفقدان مئات آلاف الدونمات الصالحة للزراعة، ودفع المزارعين للنزوح، فضلا عن الضرر الكبير الذي سيصيب العراق، وخاصة وسطه وجنوبه، من انخفاض مناسيب نهري “الزاب” و”سيروان”، النابعين من الأراضي الإيرانية».

من جانبه أكد “عبد الأمير الدبي”، عضو اللجنة نفسها، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية، أن «الجانب التركي تجاهل توريد حصة العراق المائية، ولم يلتزم بالاتفاقيات الدولية للدول المتشاطئة».

 

السلة الغذائية في خطر

«مشكلة المياه بدأت في العراق منذ سبعينيات القرن الماضي وما تزال تتجدد بين الحين والآخر»، بحسب الخبير الاقتصادي “أحمد عبد ربه”، الذي يؤكد لـ«الحل نت» أن «العراق من أغنى بلدان العالم بالموارد المائية، ولكنه يعاني باستمرار من شح المياه، بسبب ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، وقلة تساقط الأمطار، فضلاً عن مشاكله مع تركيا وإيران، بشأن حصصه المائية من نهري دجلة والفرات».

عبد ربه يشير إلى أن «العراق بحاجة إلى سبعة وسبعين مليار متراً مكعباً من المياه، لتغطية احتياجات الزيادة السكانية فيه، ولكن ما يدخل له من المياه لا يتجاوز سبعة عشر مليار متر مكعب، وهذا ما جعل وزارة الزراعة العراقية تضطر إلى تخفيض مساحات الأراضي المزروعة، ففي العام الماضي كانت الخطة الزراعية للوزارة تقضي بزراعة أراضٍ بمساحة ثمانية عشر مليون دونم، أما في العام الحالي لم تشمل الخطة إلا خمسة عشر مليون دونم، وهذا سينعكس سلباً على السلة الغذائية للدولة العراقية ومواطنيها».

ودعا الخبير الاقتصادي #الحكومة_العراقية إلى «ضرورة البدء بمشروع “السدة القاطعة”، في منطقة “رأس البيشة”، الواقعة في نهاية “شط العرب”، للاحتفاظ بالمياه العذبة، التي تصل من نهري دجلة والفرات».

 

سنين عجاف

الخبير المائي “تحسين الموسوي” يحمّل الجميع مسؤولية جفاف نهري دجلة والفرات، مؤكداً لموقع «الحل نت» أن «هناك خطراً كبيراً على مستقبل العراق، تتحمل مسؤوليته الحكومة العراقية وتركيا وإيران على حد سواء».

ويوضح أنه «لا توجد حتى الآن اتفاقيات حقيقة مع الجانب التركي بخصوص حصة العراق المائية، وإنما هناك بروتوكول، صادق عليه البرلمان التركي، لإنشاء مركزين بحثيين في #بغداد والبصرة، لبحث المشاكل المائية في تركيا والعراق».

ويبين الخبير المائي أن «العراق لا يحتاج لبناء سدود جديدة، لأن الطاقة التخزينية لسدوده الحالية بلغت مئة وخمسين مليار متر مكعب، فيما لا يصل حجم وارداته المائية لهذا الرقم».

ويحذّر “الموسوي” من أن العراق «سيمر بسنين عجاف، فحصة الفرد العراقي كانت تصل إلى 1250 متراً مكعباً من المياه سنوياً فيما مضى، إلا أنها قد تنخفض إلى 350 متراً مكعباً في عام 2025، وهذا مؤشر خطير، خصوصاً بعد مشروع “الكاب الكبير”، الذي بنته تركيا، والذي يشمل عديداً من السدود، فضلاً عن سد “اليسو”، الذي سيخفّض من إيرادات العراق المائية كثيراً، وهذا يعني أن البلاد مقبلة على أزمة مائية وزراعية كبيرة جداً، خصوصاً وأن 60% من العراقيين يعتاشون على الزراعة».

مختتماً حديثه بالقول: «على الحكومة العراقية تسليم ملف المياه إلى أعلى سلطة أمنية وسياسية في البلاد، لخطورته البالغة، فعلى الرغم من أن وزارة الزراعة العراقية سعت جاهدة، في الآونة الأخيرة، لتطوير أدواتها، إلا أن المشكلة تبقى أكبر من إمكاناتها».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.