تعود جذور مشروع “الشام الجديد” لدراسة أعدّتها عام 2014 “سيبل كولاكسز”، الخبيرة الاقتصادية في البنك الدولي، بخصوص دول بلاد الشام، سوريا ولبنان والأردن والأراضي الفلسطينيّة، إضافة إلى #تركيا والعراق ومصر، وسبل تنميتها وتطويرها اقتصادياً.

ولاحقًا أخذ المشروع زخماً كبيراً، بعد تبنّيه من قبل رئيس الوزراء العراقي مصطفى #الكاظمي، في زيارته لواشنطن في أيلول/ سبتمبر 2020. وقال حينها لصحيفة “واشنطن بوست” إنه «يعتزم الدخول في مشروع استراتيجي يحمل اسم “الشام الجديد”»، موضحا أنه «مشروع اقتصادي على النسق الأوروبي، يجمع #القاهرة ببغداد، وانضمت إليه #عمان، لتكوين تكتل إقليمي قادر على مواجهة التحديات».

وفي الشهر نفسه تم تنظيم مؤتمر في العاصمة الأردنية عمان، جمع الكاظمي بالعاهل الأردني عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح #السيسي، ثم اجتمعت الأطراف الثلاثة مرة أخرى في السابع والعشرين من حزيران/ يونيو 2021، بالعاصمة العراقيّة #بغداد.

 

انعكاسات المشروع على سوريا

ورغم الطابع الاقتصادي الذي يغلب على المشروع، إلا أن عدداً من الخبراء والمحللين السياسيين يرون فيه أبعاداً سياسية واستراتيجية عميقة، قد تؤدي إلى تغيير التوازنات في الشرق الأوسط، خاصة بعد مباركة الإدارة الأميركية، بقيادة #جو_بايدن، للتحالف الجديد بين الدول الثلاث.

وفي هذا السياق يبدو “د.زيد النوايسة”، المحلل السياسي الأردني والمتخصص في الشؤون السورية، متفائلاً بأن «مشروع “الشام الجديد” سيؤدي لتأسيس شراكة استراتيجية طويلة الأمد بين العراق ومصر والأردن، قد تتوسع لاحقاً بانضمام سوريا ولبنان، وربما المملكة العربية السعودية».

ويرى “النوايسة”، في حديثه لـ«الحل نت»، أنه «رغم عدم حضور سوريا القمة الثلاثية في بغداد، إلا انها بالتأكيد كانت على طاولة المفاوضات، لأن الأطراف العربية الثلاثة تملك تقريباً ذات المقاربة السياسية نحو الملف السوري، والتي تنطلق من ضرورة عودة سوريا لجامعة الدول العربية ومؤسسات العمل العربي المشترك، والعمل على إنجاز حل سياسي، يضمن وحدة سوريا واستقرارها».

مضيفاً أن «سوريا بلد يملك موقعاً استراتيجياً، ويُعتبر بوابة المشرق العربي على أوروبا، ولديه حدود مشتركة مع طرفين في اللقاء الثلاثي، وهما العراق والأردن، ويساهم في ربط #لبنان مع هذه الأطراف مستقبلاً، في حال انضمامها للتحالف، وبالتالي يعزز الوجود السوري من قوة المشروع في كافة المجالات».

ويرجّح الباحث الأردني أن «سبب تأخّر انضمام سوريا للمحور الجديد مرتبط ببطء العملية السياسية وترنّحها. والأهم العقوبات المفروضة عليها بفعل #قانون_قيصر، الذي أقرّه الكونغرس الأمريكي في عهد إدارة الرئيس ترامب، لذا من المرجّح أن يحمل الملك عبد الله الثاني، في زيارته المرتقبة لواشنطن، في التاسع عشر من تموز/يوليو الحالي، ملف استثناء #الأردن من تنفيذ العقوبات المفروضة على سوريا، وربما العمل على إعادة دمج #الحكومة_السورية في المجتمع الدولي، بينما تتبنّى مصر والعراق عودة سوريا للجامعة العربية».

 

القاهرة في مواجهة طهران

من جانبه يرى الإعلامي الأردني “د.يوسف ربابعة”، في تعليقه لـ«الحل نت»، أنّ «قمة بغداد كانت استجابة لتطورات مهمة في المنطقة، ويُعتبر الملف السوري من الملفات الراهنة، التي تحتاج لحل، ضمن مشروع المنطقة القادم، لذا فإن الدعم المصري لقمة بغداد جاء لتخفيف التدخّل الإيراني في الملف السوري، وعرقلة فرض #طهران لشروطها في أي حل سياسي مقبل. ووجود مصر في المعادلة هو الأهم، فقد لعبت دوراً قبل ذلك في تحييد تركيا، والحد من نفوذها في الملف السوري».

ويعتقد “ربابعة” أنّ «الفراغ، الذي سيحدث نتيجة تحييد #إيران وتركيا، ستملأه مصر، بوصفها دولة عربية مركزية، مما يعني أن الدور المصري سيتعمّق في الأيام القادمة، ليس فقط في الملف السوري، بل الفلسطيني أيضا، لأن التسوية السورية- السورية، مرتبطة بالتسوية الفلسطينية بين #حركة_حماس والسلطة الفلسطينية من جهة؛ والتسوية بين حماس وإسرائيل من جهة أخرى. ومصر هي الدولة التي تملك الأوراق المهمة في كل ما يجري في المنطقة، إضافة للدور الأردني الفاعل على أرض الواقع».

في الاتجاه نفسه رجّح “عمر الرداد”، خبير الأمن الاستراتيجي الأردني، ومدير عام “مركز الطريق الثالث للاستشارات الاستراتيجية”، أن «تقود مصر جهوداً لضمّ سوريا إلى المحور الجديد، بما يشكّل مشروعا بديلاً لمشاريع إقليمية، تقودها إيران وتركيا، جعلت من العراق وسوريا أراضٍ منكوبة»، حسب تعبيره.

لكن “الرداد” يستدرك بالقول، في إفادته لموقع «الحل نت»، إن «انضمام سوريا لهذا الاتفاق سيبقى محكوما بمدى قدرة #دمشق على الحصول على موافقة حليفتيها #موسكو وطهران، اللتان تتطلعان لجني مكاسب بعد إنهاء #الأزمة_السورية. وأعتقد أنّ القيادة السورية ستأخذ بالحسبان مطالب ونصائح موسكو، بصورة أكثر جرأة ووضوحاً من مطالب القيادة الإيرانية».

 

عودة اللاجئين أولاً

بالمقابل بدا الباحث الأمريكي “وليام كريستو”، المتخصص في الشؤون الأردنية والسورية، متشائماً بشأن القمة الثلاثية، معتبراً أنه «لن يكون للقمة تأثير كبير، فقدرات الدول الثلاث لا تتعدى إرسال بعض الرسائل السياسية، وهناك رسالة سياسة واحدة ذات صلة بسوريا، وهي أن الأردن ومصر والعراق كلها حريصة على عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم».

ويتابع الباحث الأميركي في حديثه لـ«الحل نت»: «إذا أعاد المجتمع الدولي نظام الأسد إلى حظيرته، واعتبر سوريا بلداً آمناً لعودة اللاجئين، فإن البلدان الثلاثة، ولا سيما الأردن، ستكون سعيدة بتخفيف عبء استضافة مئات آلاف اللاجئين السوريين، دون اهتمام كبير بطبيعة الحل السياسي، الذي سيتم فرضه، وانعكاساته على مستقبل سوريا والمنطقة».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.