بين الحين والآخر، ترتفع حدة الخلافات بين الجارتين إيران وتركيا- الطرفين المشاركين في أستانا- فيما يتعلق بالملف السوري، وسط مصالح كلٍ منهما وطموحاتهما الاستراتيجية في المنطقة، ما يرسم علاقاتٍ متنافرة نوعاً ما بين البلدين، قد تنهار بشكلٍ كامل في أي وقت.

وظهر الخلاف مؤخراً في رسالةٍ شديدة اللهجة وجهها السفير الإيراني في سوريا “مهدي سبحاني” لتركيا، موضحاً أن طهران لا تتفق مع الأخيرة في سياستها اتجاه سوريا.

ويبدو أن إيران تجد لنفسها أهدافاً مشتركة على الأراضي السورية مع روسيا – الطرف الثالث في أستانا- بعيداً عن تركيا.

قد يهمك: بعد الاتفاق الروسي الإسرائيلي.. هل انتهت مهمة إيران في سوريا؟

وفي ظل انتشار كبير للقوات العسكرية لكل طرف من الأطراف الثلاثة في بقاعٍ واسعة من الجغرافية السورية، وصف “سبحاني” الوجود التركي في سوريا بـ«غير الشرعي».

داعياً إلى انسحاب القوات التركية من سوريا، والالتزام باتفاقيات “أستانا” المتعلقة بوقف إطلاق النار في مناطق “خفض التصعيد” والتعهدات المتفق عليها بشأن الطريق الدولي “M4”.

عوامل الخلافات

د. محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، يبيّن لـ (الحل نت) أنه من المهم التأكيد على أن ما يفرق بين إيران وتركيا أكثر بكثير مما يجمعهما أو أكثر من نقاط الاتفاق بين البلدين.

خاصة ًفي عهد الجمهورية التركية للرئيس “رجب طيب أردوغان”، الذي تنظر إليه إيران اليوم باعتباره ليس حليفاً تكتيكياً؛ بل تطورت نظرتها إليه معتبرةً إياه منافساً استراتيجياً لدوداً في أكثر الملفات ذات الحساسية الأمنية لإيران، وتحديداً في ملفات سوريا وأذربيجان وأفغانستان.

وما التشبيكات الثنائية بين البلدين من اشتراك في آلية “أستانا” والزيارات الأخرى المتبادلة على مستوى القمة، إلا تجنباً للمزيد من التصعيد وفتح جبهة جديدة مع قوة إقليمية كبرى.

حيث يرى “أبو النور”، أنه بناءً على هذه المعطيات، تلح إيران على القوة الكبرى الشريكة في آلية “أستانا” للضغط على الرئيس “أردوغان” وإخراجه من سوريا تماماً.

اقرأ أيضاً: التواجد الإيراني.. هل سيؤثر في ملف عودة دمشق للجامعة العربية؟

ويمكن قراءة ذلك من خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الأركان الإيراني اللواء “محمد باقري” إلى روسيا.

وفي تلك الزيارة، حاول اللواء التركيز على ملفي التسليح وتعزيز الوجود الإيراني في سوريا من خلال تحييد كل من أنقرة وتل أبيب.

ملفاتٌ مُشتركة تمنع انهيار العلاقات بين البلدين

يستبعد د. “محمد محسن أبو النور” انهيار أو تصدع العلاقات بين إيران وتركيا، لأسباب استراتيجية عامة وأسباب تكتيكية خاصة بكل من البلدين.

إذ أن السياسيين في أنقرة وكذلك في طهران يتمتعون بقدرة عالية على التحلي بـ«البراغماتية وتغليب المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية، ولعل الملف الكردي المشترك بين البلدين هو ما يفسر سكوت إيران على مسألة بناء الجدار العازل التركي معها» على حد تعبير “أبو النور”.

يرجى الاطلاع: تقارب روسي إسرائيلي في الملف السوري.. ما تأثيره على الوجود الإيراني في سوريا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.