تتفق دمشق مع طهران في عدم استمرار قطيعتها للدول العربية عموماً والخليجية على وجه الخصوص. فمؤخراً أوقفت دمشق العمل مع شركات إيرانية وأخرى تمد “حزب الله” اللبناني بالوقود. وهو ما يشي بوجود خطة محكمة من قبل الجانبين لها أبعاد خفية ومؤثرة على المدى البعيد.

دمشق التي أبدت موافقتها على اللاورقة الأردنية – الأميركية، وجرى بعدها سلسلة من التطبيعات معها من قبل دول عربية. ردت مؤخراً بسلسلة من الإجراءات أظهرت وكأنها تسعى للتخلص من حليفها الإيراني الاستراتيجي.

هنا تصارعت آراء المتابعين للملف السوري في جدية هذا التحرك. وإذا ما كان محاولة لنزع خناق قانون قيصر الذي يلف عنق دمشق بشكل متزايد خلال الآونة الأخيرة.

مراوغة عبر الشركات الإيرانية

مصادر رفيعة المستوى، في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بدمشق، كشفت لـ “الحل نت”، بأنّ قرار إيقاف العمل مع الشركات الإيرانية كان ملفتاً للأنظار داخل أروقة الوزارة.

تبيّن ذلك، عندما بدأت شركات عربية إماراتية بتقديم اعتمادات لاستيراد قطع غيار وبناء مصانع في سوريا. رغم أن هذه الشركات لم يكن لها موطأ قدم حتى قبل الحرب في سوريا.

التحركات الجديدة، بينتها مصادر “الحل نت”، بأنّها تأتي من أجل التخلص “رويداً رويداً” من قانون العقوبات الأميركي “قيصر”، عبر تسهيل مهمة الشركات العربية، والتلويح بطرد الشركات الإيرانية.

اقرأ أيضا: ثلثا الاقتصاد السوري يعتمد على المخدرات.. إيران تمول التجار جوا وبرا

لم يكن تقليصاً للدور الإيراني!

أعلنت غرفة  التجارة الإيرانية، الاثنين الفائت، إلغاء الحكومة السورية لترخيص استيراد السيارات المصنوعة في إيران. وذلك نقلاً عن رئيس لجنة الأعمال في غرفة إيران التجارية، محمد رضا نجفي مانيش.

وتم اتخاذ هذا القرار بعد أن قامت شركة إيران-خودرو ببناء مصنع  “سيامكو” وأول مصنع لصناعة السيارات في سوريا عام 2005، والذي يقع في منطقة عدرا الصناعية على بعد 40 كيلومتراً من العاصمة السورية دمشق. 

تعود ملكية أسهم الشركة إلى شركة “إيران خودرو” بنسبة 40 بالمئة والقطاعين الخاص والحكومي السوريين بنسبة 60 بالمئة. فيما تقوم الشركة بإنتاج سيارة سمند “شام”.

كما توقف مصنع “سايبا” الإيراني، المنشأ في مدينة حمص  قبل بدء الحرب السورية. في الوقت الذي كانت تعمل فيه الدولتان لتحقيق تقارب بين اقتصاديهما. وأُعيد تشغيله في عام 2016 بناء على أوامر من طهران بعد إغلاقه في بدايات الحرب.

رئيس “منظمة تنمية التجارة الإيرانية”، قال إن سوريا اتخذت القرار لعدم خروج العملة الصعبة من بلادها. وبدلا من توريد البضائع إليها  تقوم بتصدير البضائع.

تبريرات طهران التي وصفتها مصادر “الحل نت”، أنّها إعلامية فقط فيما يهم دمشق تحرك العملات الصعبة من داخل البلاد وخارجها لعودة العجلة الاقتصادية.

اقرأ أيضا: عبر المخدرات.. هل تحركت إيران لضرب التطبيع العربي مع دمشق؟

“حزب الله” ضحية أخرى للأسد؟

إلغاء الرُخص لشركات السيارات الإيرانية لم يكن الوحيد الذي اتخذ من قبل دمشق. فأيضا أنهت الحكومة السورية، عقود إعادة بناء مشاريع بنى تحتية منحت لشركات إيرانية، مقابل منحها لمصلحة شركات بحرينية.

وأيضا لم تتوقف تحركات الحكومة السورية هنا، إذ سار الأمر ليبدو وكأن دمشق تنهي النفوذ الإيراني الاقتصادي المسيطر في سوريا. 

فالحكومة امتنعت خلال الأسابيع الماضية، من إصدار رخص لسفن تحمل وقود إيراني. كانت تريد إفراغ وقودها في ميناء بانياس، وتقوم بنقلها إلى لبنان.

التبريرات التي صرحت بها الحكومة السورية، هو أن هناك انزعاج رسمي لبناني من تهريب الوقود عبر سوريا إلى لبنان.

ولأن “حزب الله” تحت المراقبة الدولية، وتفاديا لتطوير قانون “قيصر”، وتحاشي المزيد من العقوبات الدولية والقيود الاقتصادية، جرى توقيف استقبال السفن التي يستوردها “حزب الله”.

وعليه، كانت التقارير الإعلامية تصور أنّ الحكومة الإيرانية تخشى من عودة العلاقات السورية مع الدول العربية، وتقليص دور إيران في سوريا مما يضعف من هيمنتها ونفوذها. لكن على العكس فإنّ ذلك كان ضمن خطة مشتركة للتخلص من العقوبات الدولية. وإظهار التغيّر في دمشق من أجل دعمها لاستعادة ما تبقى من أراضيها. وفق ما قالته المصادر رفيعة المستوى في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بدمشق لـ “الحل نت”.

اقرأ أيضا: التطبيع العربي مع “الأسد“.. مخاوف إيرانيّة أمام الدور العربي

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة