لقد تعرض الاقتصاد السوري للتوتر منذ سنوات ما أحدث الأزمة الاقتصادية في سوريا، وكان لذلك تأثير حتمي على السكان. فتركت الأزمة الاقتصادية السورية السوريين في وضع صعب، فهم يحاولون البقاء وسط بلد ينهار، ومجتمع دولي منقسم. كما يستمر الصراع في التأثير على الاقتصاد السوري، الذي كان يعاني بالفعل قبل اندلاع الحرب.

كان الاقتصاد السوري هشا حتى قبل بدء الصراع حيث واجه عقبات مثل ارتفاع معدلات البطالة والجفاف الشديد وضعف الأداء الزراعي. في الوقت الحالي هناك حالة من السخط في أوساط السوريين ضمن مناطق الحكومة السورية، خاصة مع ظهور أسماء كبيرة اتهمت بالفساد.

أسباب الأزمة الاقتصادية في سوريا: الفساد وانعدام الشفافية

الفساد مشكلة شائعة في الحكومات في جميع أنحاء العالم. على الرغم من كونه يمثل مشكلة داخل سوريا منذ سنوات، إلا أن الفساد وصل الآن إلى ذروته.

https://twitter.com/dala2el/status/1468002214291468290?s=20

جذر مشكلة الأزمة الاقتصادية في سوريا هو الافتقار إلى الشفافية من قبل الحكومة السورية. ولا يمكن تحقيقه في سوريا  كون لا لوائح صارمة فيما يتعلق بقبول الرشاوى أو الهدايا أو المزايا الأخرى لأي عمل رسمي يتم تنفيذه أو اتخاذ قرار بموجب صفتهم الرسمية.

يقول المحامي عيسى إبراهيم، لـ”الحل نت”، إن هذه مسألة مرتبطة بكون “النظام” مُتَحكّم حتى تاريخه بكامل منظومة الإدارة وكذلك وسائل الإعلام ولديه جيش إلكتروني ليأخذ المشهد بهذا الاتجاه، حتى يمكن استمرار السيطرة على الجمهور السوري.

ويرى إبراهيم، وهو حفيد الشيخ صالح العلي، أنّ دمشق تؤطر المشهد حتى يمكنها التحكم به وإدارته وتشتيت المسؤولية فيه. تمهيداً لتلافيها تجاه المُسبب الأول وغيره من العناصر، وقد نجح في ذلك بسبب ما تقدم. و بسبب عدم وجود طرف سياسي مُتماسك بحد أدنى مقابل للأسد الابن، طرف يمكن الوثوق به، ليقوم بدوره بتوسيع مساحة الرؤية وجعل المشهد  السوري واضح لحد مقبول بذهن العامة. ومن ثم تحديد المسؤولية فيما يجري وتحديد معالم المأساة السوريّة العامة الكبيرة.

اقرأ المزيد: مشاعر استياء متزايدة داخل الجيش السوري بسبب إيران وروسيا

الخطاب المخادع عن الفساد في سوريا

ومن جهته يرى أستاذ العلاقات الدولية والدبلوماسية، الدكتور محمد الأحمد، أنّ بعض الأصوات تحاول تقديم الأزمة السورية وتحويلها إلى مجرد أزمة فساد داخلية. مضيفاً «طبعا محاولة مسح الحقيقة والذي لا يمكن محوها على الإطلاق». 

وبحسب حديث الأحمد لـ”الحل نت”، فإنّ العشر سنوات الفائتة تم فيها ارتكاب جرائم حقيقية بحق الشعب السوري. وبحق سوريا نفسها كوطن على كافة المستويات السياسية والحقوقية والأخلاقية والاجتماعية. وبالتالي هذه محاولات لإرسال رسائل باتجاهات مختلفة بأننا نشبه باقي العالم. 

وفسر الأحمد رسائل الحكومة الإعلامية، بادعائها «عنا شوية فساد، يعني أنه يعني نحن طبيعيون». ولكن وفق تصوره «لا يوجد شيء طبيعي بالمطلق فيما يفعله النظام تجاه الشعب السوري فلا يوجد نظام على الكرة الأرضية يفعل بشعبه ما فعله النظام السوري. ولا يمكن لهذا النوع من الخطاب أن يجمل ما لا يمكن أبدا».

اقرأ أيضا: ماذا يعني رفع الاتحاد الأوروبي للعقوبات عن رجال الأعمال السوريين؟

الحقيقة المخفية وراء مزاعم الفساد للحكومة السورية

في حين أصدر رئيس الحكومة السورية، حسين عرنوس، اليوم الخميس، قرارا يقضي بتشكيل لجنة دعم إعلامي لتهيئة الرأي العام قبل تعميم القرارات المتعلقة بالأوضاع المعيشية. ويترأس اللجنة معاون وزير الإعلام لشؤون التطوير الإعلامي، على أن تضم أعضاء من جميع الوزارات بما فيها التجارة الداخلية والكهرباء والنقل.

الخطاب الرسمي لدمشق حمل الأزمة الاقتصادية في سوريا لمنتفعي الحرب حسب وصفه. وهو خطاب رأه محللون أنّه لكبح جماح الغضب الشعبي. وإدارة ملف الفساد تجاه أسماء لا تريد دمشق استمرار وجودها في البلاد.

ويشير المحامي، عيسى إبراهيم، إلى أن «”منتفعي الحرب” في مناطق سيطرة النظام. هم كاملاً جزء من منظومة مُدارة بشكل كامل منه، استحضرهم بمواصفات وشروط وآلية تحكّم كاملة، وهم واجهات عمل في المساحات التي لا يمكن له رسمياً أو “أخلاقياً” الدخول بها».

وبرأي إبراهيم أنّ غايته الاستثمار من خلالهم بالمأساة وتحصيل أكبر قدر من المال. وكذلك الاستخدام للأشخاص والمجموعات بما يخدم سياسته العامة وإدارته للمشهد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي العام. بالإضافة لسعيه لتشتيت النظر للمشهد السوري من قبل الجمهور، حتى للذي يرى منهم المشهد بشكل أفضل ومحدد، جعله مُشتتاً بدوره ومُهدداً.

وأضاف الدكتور محمد الأحمد، أنّ التمويه الإعلامي إذا صحت التسمية لإعطاء صيغ أخرى لما يجري في سوريا من خلال خطاب عام تقوم به الحكومة عبر وسائلها المختلفة وعبر أبواقها عن منتفعي الحرب لا يمكن أن يخفي الحقيقة.

وعليه يرى إبراهيم، أن الفقر والفساد والغضب الشعبي والرغبة بالتغيير هي مسائل مزدوجة إمكانية الاستخدام. ولا يمكن التعويل عليها لذاتها في إحداث فرق إيجابي، ويمكن لأي طرف استخدامها لتحقيق مصلحته. وبظل عدم وجود بنية مُظَهّرة  ذات حد أدنى من الفعالية والتناغم والقدرة الإدارية بالمعنى العام للكلمة بمقابل الأسد الابن، ففرصة الأسد بإعادة إدارة الجمهور في مناطق سيطرته بل وفي المناطق التي هي خارج سيطرته هي الفرصة الأكبر. 

وحول مفهوم  إعادة الإدارة، أوضح إبراهيم، أنّ المفهوم نسبي وليس مطلق، بل إلى حين. باعتبار أن الأسد  ليس لديه إمكانية واقعية، ولو أراد، لأي مستوى من الإصلاح حتى بتخصيص رأي مختلف عنه بالتلفزيون الرسمي. بسبب الطبيعة المركزية للسيطرة لديه. وبالتالي أي إصلاح  أو تغيير مهما  صَغُر، هو بداية في طريق يؤدي لسقوطه.

قد يهمك: التنقل في سوريا يحتاج ميزانية.. الحواجز الأمنية تفرض إتاواتها على الإعلاميين

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.