المخدرات في العراق: لماذا لا تتمكن القوى الأمنية من إيقاف المهربين والمروجين؟

المخدرات في العراق: لماذا لا تتمكن القوى الأمنية من إيقاف المهربين والمروجين؟

باتت المخدرات في العراق ظاهرة تجتاح المدن والبلدات بكل وضوح. وتتوفر في كل شبر من البلاد. إلى درجة دخولها المدارس والمرافق العامة والسياحية. فلم يعد تعاطيها يقتصر على فئة دون أخرى.

وبحسب تقارير محلية فإن محافظة البصرة تتصدر سجل المخدرات في العراق، من حيث التعاطي والترويج. لتحلّ بعدها مدينة العمارة، مركز محافظة ميسان. والسبب، بحسب كثير من المطلعين، محاذاة المحافظتين للحدود مع إيران، التي تعتبر المصدّر الرئيس للمخدرات إلى العراق.

ويؤكد المراقبون للشأن الأمني أن أطناناً من المخدرات تدخل العراق بشكل متواصل. عبر الحدود الجوية والبحرية والبرية. بمساعدة قادة الميلشيات المسلّحة. وزعماء مافيات لديهم علاقات بأحزاب سياسية متنفّذة.

أرقام صادمة عن المخدرات في العراق

وتصدّرت أخبار القبض على المتعاطين والمروجين للمخدرات في العراق المشهد اليومي. وخصوصاً خلال هذا العام.

اللواء “سعد معن”، مدير العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية العراقية، ورئيس خلية الإعلام الأمني، يقول، في حديث خاص لموقع «الحل نت»، إن «المديرية العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في العراق نجحت بشكل كبير، خلال الأشهر العشرة الأخيرة، في مكافحة ظاهرة المخدرات في العراق. من خلال القبض على نحو عشرة آلاف متهم في جميع أنحاء البلاد. على مستوى المتعاطين والمروجين والمتاجرين».

ويتابع “معن” أن «الحكومة العراقية الحالية أولت اهتماماً كبيراً لهذا الملف. وحققت نجاحاً باهراً في تحييد وتحجيم ظاهرة المخدرات. التي باتت تشكّل خطراً لا يختلف عن التهديدات الإرهابية». حسب تعبيره.

ويكشف العميد “زياد القيسي”، مدير العلاقات والإعلام في مديرية مكافحة المخدرات العراقية، عن أرقام صادمة بشأن المتعاطين والمروجين للمخدرات في العراق، الذين تمت محاكمتهم. إضافة إلى الكميات المقبوض عليها خلال العام الحالي.

“القيسي”، في حديثه لـ«الحل نت»، قال إن «أكثر من أربعة آلاف وستمئة متهم تمت محاكتهم وفق قانون مكافحة المخدرات. وصدرت بحقهم أحكام مختلفة. تراوحت بين الإعدام والسجن المؤبد والسجن والغرامة. فيما تم ضبط قرابة خمسمئة كيلوغرام من المواد المخدرة، منذ بداية عام 2021 ولغاية اليوم».

من جهة أخرى يؤكد “أحمد الذهبي”، الطبيب المتخصص بعلاج المدمنين على المخدرات في مشفى “ابن رشد”، أن العراق «وصل إلى مرحلة الغرق في المخدرات. ولا خيار سوى المواجهة، حتى لا نستسلم لها وتنتصر علينا». حسب تعبيره.

ويلفت “الذهبي”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «على الأهالي الانتباه إلى أبنائهم، الذين تظهر عليهم أعراض تعاطي المخدرات. مثل الشرود الذهني وقلة الأكل والانزواء. وفور ظهور هذه الأعراض عليهم مراجعة المراكز الصحية المختصة. حتى لا تتدهور حالة المتعاطين أكثر».

كما يتابع أن «كثيراً من الأهالي يشعرون بالعار من فعلة أبنائهم المتعاطين. ويصرّون على تركهم لكي لا يتم اكتشافهم من المجتمع. وهذا خطأ كبير. ويساهم بزيادة انتشار المخدرات في العراق».

أسباب تفشي المخدرات

وعن الأسباب التي أدت إلى تفشي ظاهرة المخدرات في العراق يؤكد المختصون أنها ترجع إلى عدم استقرار الوضع الأمني والاقتصادي والسياسي والبطالة وأسباب أخرى.

“علي البياتي”، عضو مفوضية حقوق الانسان في العراق، يقول إن «قضية انتشار المخدرات نتيجة واقعية لما يحدث في العراق من أزمات مختلفة».

البياتي يؤكد لموقع «الحل نت» أن «العراق يشهد انتشار أخطر نوعين من المخدرات. الأول يتمثّل بمادة “الكرستال ميث”، التي تدخل عبر إيران. والثاني “الكبتاجون”، أو ما يسمى “زيرو وان”، الذي يدخل من إيران عبر دول الخليج».

فيما توضح “ايناس كريم”، من مؤسسة “عراق خالٍ من المخدرات”،  أن «هناك من يتعاطى المخدرات بإرادته وبقناعته، حبا منه للاستكشاف. أو لأسباب قد تكون عاطفية. أو ظروف شخصية تعرّض لها. وقد يكتشف المتعاطي بعد فوات الأوان خطورة ما يفعله».

للقراءة أو الاستماع: بين انتشار المخدرات وانسداد الأفق السياسي: العراق بالمرتبة الرابعة عالمياً في حالات الانتحار

وتمضي “كريم”، في حديثها لموقع «الحل نت»، بالقول إن «انتشار المخدرات لا يقتصر على المناطق الشعبية فقط. بل، ومن خلال تقصيينا، وجدنا أن كثيراً من العوائل التي يكون دخلها عالٍ يتعاطى أبناؤها المخدرات».

الميلشيات الولائية والمخدرات في العراق

ورغم حديث المسؤولين الأمنيين العراقيين عن ضبط كميات كبيرة من المخدرات، ومحاكمة المتورطين بتهريب المخدرات في العراق، إلا أن هذا لم يوقف، أو حتى يخفف من انتشار المخدرات في البلاد.

وفي عملية التقصي والبحث لمعرفة المافيات والتجار والجهات التي تقوم بنشر المخدرات في العراق. نجد أن غالبيتها تابعة  لميلشيات مسلّحة، أو جهات سياسية نافذة.

ويروي ضابط كبير في وزارة الداخلية العراقية لموقع «الحل نت» قصصاً كثيرة لعمليات ضبط مخدرات. كان المتهمون فيها شخصيات متنفّذة في الحكومة العراقية. وجد بحوزتها مواد مخدّرة. إلا أن الجهات الأمنية لم تستطع التعامل معها، بسبب ما تمتلكه من نفوذ سياسي وأمني.

الضابط، الذي رفض نشر اسمه لأسباب أمنية، أكد أن «عمليات تهريب المخدرات في العراق تسيطر عليها بالدرجة الأولى الميلشيات الموالية لإيران. وأغلب قادة هذه الميلشيات من كبار تجار المخدرات».

كما يضيف أن «أحد زملائه من الضبّاط تمكّن من ضبط شحنة في إحدى موانئ البصرة. كانت مسجلة بالتعريفة الجمركية بوصفها “شحنة موز”. وبعد تفتيشها عُثر داخلها على قرابة طن من الهروين»، لافتاً إلى أن «الشحنة عائدة لأخ زعيم واحدة من الفصائل المسلّحة في العراق».

ويتابع أن «الضابط، الذي قبض على الشحنة، اختفى فجأة في ظروف غامضة. وتم إدخال الشحنة وتوزيعها في محافظات العراق».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.