لا تزال أحياء عدة بمدينة الحسكة، وغيرها من مدن مناطق الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا، لم تتسلم مخصصاتها من مادة مازوت التدفئة، حيث ازدادت شكاوى السكان مع تصاعد البرد خلال الأسبوع الأخير وانخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.

توزيع جزئي

وبحسب بلند محمد(30 عاما) وهو من سكان حي المفتي فإن مادة التدفئة لم توزع على سكان الحي حتى الآن ويستوي في ذلك السكان التابعين لأربعة كومينات(مجالس إدارة الأحياء) في نفس الحي.

وقال محمد فتاح (29 عاماً), وهو من حي الصالحية شمالي الحسكة، لـ الحل نت، إنه لم يستلم مخصصاته من مازوت التدفئة، “رغم الوعود اليومية من جانب كومين الحارة بتوفيرها قريباً”..

وفي 11 أيار/مايو من العام منتصف العام الجاري، أصدرت “إدارة المحروقات العامة”، التابعة لـ”الإدارة الذاتية” لشمالي وشرقي سوريا، تعميمًا، حدد تاريخ توزيع مادة مازوت التدفئة بدءًا من 20 الشهر ذاته في جميع المناطق.

اقرأ أيضا: الإدارة الذاتية تعلن تخفيض سعر البنزين…وشكاوى من عدم توزيع محروقات التدفئة

وأضاف فتاح، أنه يلجأ إلى ابن عمه الذي يعمل ميكانيكا في الحي، للحصول على بضع لترات من المازوت المتسخ الذي يجمعه من تغيير مصافي السيارات، في حين حصل بعضاً من سكان الحي على مخصصاتهم، فيما قررت إدارة المحروقات تخفيض الكمية إلى النصف، على حد تعبيره.

وتبلغ تسعيرة مازوت التدفئة في مناطق “الإدارة الذاتية” 85 ليرة سورية لليتر الواحد، ويباع بشكل مباشر للسكان عن طريق بطاقات أُصدرت العام الماضي، تحدد مستحقات العائلة الواحدة بـ440 ليترًا.

تعليق المدافئ

وقالت ياسمين محمد، (35 عاماً)، وهي من حي الناصرة غربي الحسكة، إنها لم تحصل هذا العام على مخصصاتها من مازوت التدفئة، في حين أنها اقتصدت العام الفائت في استعمال المدفأة، لذا لا تزال تحتفظ بكمية قليلة من مخصصاتها السابقة.

وأضافت محمد، أن معظم سكان الحي لم يستلموا مخصصاتهم ولم تبدأ لجان المحروقات بتوزيعها بعد، وسط غياب شبه تام للكهرباء في الحسكة.

وشهدت درجات الحرارة انخفاضا منذ الأسبوع الفائت، وصلت ليلة أمس في الحسكة إلى ثلاث درجات تحت الصفر، بحسب الأرصاد الجوية الحكومية.

وكان من المقرر الانتهاء من توزيع المخصصات أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر، لكن سكان أحياء عديدة يقضون الليالي دون تدفئة.

وذكرت مصادر متقاطعة في مدينة الحسكة، أن أغلب أحياء الحسكة كالمفتي والعزيزية وغويران والنشوة لم يحصلوا على كامل مخصصات المازوت فيها إلى هذه اللحظة، والحال مشابهة بالنسبة لمدينة القامشلي.

وفي مدينة الرقة توجد معاناة مشابهة وإن كانت أخف وطأة ذلك أن المخصصات فيها وزعت في وقت مبكر مقارنة بمناطق الجزيرة التي بدء التوزيع فيها كأخر المناطق.

وقال حمزة أحمد من سكان شارع القطار إنه لم يستلم مخصصاته من المحروقات حتى الآن، وإن حظر بيع المحروقات في المحال ولدى باعة البسطات خلال الشهر الجاري من جانب مجلس الرقة المدني، فاقم معاناة السكان.

وأضاف الشاب لـ الحل نت أن المحروقات توزع في محطات قليلة داخل المدينة بمبلغ 410 ليرات، لكنها تشهد ازدحاما كبيرا طوال اليوم، فيما تتوفر بريف الرقة والطبقة لدى باعة على الطرق الرئيسية بسعر 1200 ليرة، وهي اسعار تفوق مقدرة غالبية السكان في الريف والمدينة.

تهريب المحروقات

وتتكرر أزمة المحروقات مرتين في مناطق الإدارة الذاتية خلال العام مع تزايد الطلب عليها مع انخفاض أو ارتفاع درجات الحرارة خلال فصلي الشتاء والصيف.

لكن صحفيين أرجعوا السبب الحالي إلى تهريب كميات كبيرة عبر طريق الـM4 إلى مناطق سيطرة فصائل الجيش الوطني بريف تل تمر شمالي الحسكة وريف عين عيسى شمالي الرقة.

ونشر الصحفي مهند إبراهيم سيدو على صفحته في موقع فيسبوك “في اليوم الواحد يتم تهريب أكثر من ١٠٠ ألف لتر مازوت على طريق الـM4 ”زيدي عيوة تروازيةكنطري عالية ”والمواطن لا يحصل على لتر ٨٥ ولا لتر ٤١٠ل.س”.

وكان المرصد السوري قد نشر في تموز/يوليو مقطعا مصورا لما قال إنها لصهاريج تهرب المازوت من مناطق سيطرة قسد إلى قرية التروازية بريف عين عيسى شمالي الرقة، حيث نقاط التماس مع مناطق فصائل المعارضة، كما نشر مقطعاً مشابهاً في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لصهاريج تهرب مادة المازوت إلى ريف بلدة تل تمر شمالي الحسكة.

وكانت الإدارة الذاتية قد قررت خلال الشهر الفائت تشكيل لجان لمواجهة تهريب الطحين والمحروقات من مناطقها بهدف “تحقيق الاستقرار الاقتصادي فيها”.

ويختلف تعامل الإدارة الذاتية مع ملف المحروقات من منطقة لأخرى حيث كان مسموحا للمدنيين في مدينة الرقة وريفها حتى قبل أسابيع بتجارة المحروقات على الأرصفة، إلا أن ذلك لم يعد متاحا بعد الآن.

وقالت مصادر من المدينة أن المئات من محال بيع المحروقات في مختلف أنحاء المدينة توقفت أعمالها بعد أن منعت الإدارة المدنية في الرقة تجارة المحروقات بالنسبة للباعة، وهو ما قد يتسبب بتوقف أعمال آلاف الأشخاص.

اقرأ أيضا: القامشلي بلا غاز ومازوت وكهرباء.. والثلج بازدياد

رد رسمي

وقال عبدالسلام عباس، الإداري في محروقات إقليم الجزيرة في وقت سابق لـ الحل نت، إن أزمة المحروقات تأتي في ظل الطلب المتزايد على المازوت من قبل المزارعين لري محاصيل القمح والشعير، إلى جانب استمرار مديرية المحروقات بتوزيع مخصصات مازوت التدفئة في المنازل والمدارس ومؤسسات الإدارة الذاتية.

وأضاف عباس, أنهم وزعوا نحو 366 ألف بطاقة على منطقة الجزيرة، وأن الحسكة وحدها تبلغ 100 ألف بطاقة مخصصة لمازوت التدفئة.

ولم ينف مسؤول المحروقات تهريب المازوت إلى الأسواق السوداء، مضيفا أن “الأسواق الحرة تتواجد في كل الدول، حيث تباع فيه المواد بأسعار خاصة تختلف عن أسعار المؤسسات الحكومية”.

وأشار عباس إلى أنهم يتابعون عبر لجان مراقبة ضبط تهريب المحروقات، وأنهم اتخذوا إجراءات محاسبة ضد محطات لتزويد المحروقات، بسبب ما وصفها بـ”تجاوزات قانونية”.

ومنذ ثلاث سنوات تعمد مؤسسات الإدارة الذاتية المعنية بتوزيع كميات من محروقات التدفئة قبل الخريف بهدف التخلص من الأزمة خلال فصل الشتاء، إلا أنها لم تتمكن حتى الآن من تلافي حدوث نقص وأزمة في مثل هذه الأوقات من السنة.

ونوه مسؤول المحروقات، بأن خطتهم لتوزيع مخصصات التدفئة تأجلت لشهرين بسبب الطلب على المازوت لري المحاصيل الصيفية كالقطن والذرة.

توقف أعمال

وبحسب محمد الأحمد(33 عاما) وهو صاحب جرار من بلدة الهول(40 كلم شرق الحسكة) فإن نحو 85جرارا زراعيا من أصل 220 جرارا مسجلين لدى لجنة الزراعة في البلدة لم يحصلوا على مخصصاتهم من المحروقات.

وأضاف لـ الحل نت إنه من ضمن أصحاب الجرارات الذين تضرروا من عدم استلام المحروقات حيث تسبب ذلك بتوقف أعمالهم بشكل كلي خاصة وأن غالبية المزارعين كانوا ينتظرون هطول الأمطار لبدء زراعتهم.

وأشار إلى أن المازوت الزراعي وزع دفعة واحدة وهي 1000 ليترفيما يتبقى دفعتين وهي ألفي ليتر كان من المقرر توزيعها تباعا ولكن ذلك لم يحدث.

وقال الشاب إن ليتر المازوت الزراعي مسعر بـ85 ليرة بينما المتوفر في المحطات فيبلغ 410 ليرات وهو ما لا يمكن الاعتماد عليه بسبب الفارق في تكلفة زراعة الدونم.

ومنذ 23 تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، بدأت الإدراة الذاتية بتوزيع مخصصات المزارعين من المحروقات، وتصل الكمية الموزعة على المزارعين والأمور الخدمية والتدفئة لنحو 20 صهريج مازوت يومياً، أي بمعدل 800 ألف طن، بحسب مسؤول المحروقات في إقليم الجزيرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.