لا يتوفر سوى القليل من المعلومات التفصيلية حول برنامج سوريا الكيماوي، لا سيما بعد فرض المجتمع الدولي على دمشق التخلص منه خلال السنوات السابقة، فمن المعتقد أن جميع أنشطة البحث والتطوير والإنتاج والمرافق المرتبطة ببرنامج الأسلحة البيولوجية والكيماوية في سوريا تخضع للسيطرة المباشرة لمركز الدراسات والبحوث العلمية، ومؤخرا باتت هذه الوكالة تحت سيطرة الإدارة الروسية.

يتخوف الخبراء البيولوجيون من أن تعود سوريا إلى إنتاج الأسلحة الكيميائية بعد توقيع حكومة دمشق اتفاقية مع موسكو لتوطين صناعة العقاقير التحصينية البيولوجية والتي تتطلب استيراد مواد كيميائية.

دمشق تعقد صفقة كيميائية

وصف المسؤولون السوريون اللقاءات السورية مع الجانب الروسي لتطوير التعاون الاقتصادي أنه يحقق المنفعة المتبادلة لكلا الطرفين، وجاءت صفقة توطين صناعة العقاقير التحصينية البيولوجية الروسية بما فيها اللقاحات ضد فيروس “كورونا” المستجد في سوريا ضمن هذه اللقاءات.

فقد التقى وزير الصناعة، زياد صباغ، أمس الأربعاء، وفدا يتقدمه رئيس هيئة التنسيق الروسية، لوشكاريف أوليغ جيرمانوفيتش، ودميتري أليكسندروفيتش أوموتنيخ، رئيس جمعية المستوردين والمصدرين في مجال الصحة الروسية، وعدد من أعضاء السفارة الروسية بدمشق.

وطلب صباغ، من الوفد الروسي تقديم دراسة موجزة عن خط اللقاح إضافة إلى الملحقات اللازمة من تجهيزات التعقيم والتبريد والاشتراطات التقنية والصحية اللازمة للانطلاق بالمشروع على أسس علمية سليمة وواضحة.

وقد تم الاتفاق على متابعة التفاصيل التقنية والفنية بين الجانبين مع اللجنة الفنية المشكلة في وزارة الصناعة. بالإضافة إلى إمكانية الانتقال لاحقا إلى تصنيع أدوية نوعية بعد انتهاء أزمة وباء كورونا.

الجدير ذكره، أن هذا الاتفاق يأتي بعد عقد اجتماع مماثل في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر 2021، لبحث الإجراءات المشتركة الممكن اتخاذها لتوطين صناعة العقاقير التحصينية البيولوجية الروسية في سوريا. حيث اتفق الجانبان على متابعة دراسة الرؤى المطروحة للبدء بالمشروع مع المؤسسة الكيميائية، وشركة “تاميكو”، ومديرية الإنتاج في الوزارة.

للقراءة أو الاستماع: الجيش السوري استخدم الأسلحة الكيماوية 17 مرة خلال الحرب السورية

عودة لتصنيع الأسلحة الكيماوية

ومن جهته، حذر الخبير البيولوجي، البروفسيور عمار الخصاونة، وهو خريج جامعة “سانت بطرسبورغ” التي تعتبر واحدة من أقدم وأكبر الجامعات في روسيا، ومتخصصة في البحوث والدراسات العسكرية، من أن هذه الاتفاقية تدعم تقديم مواد كيميائية لسوريا من باب تصنيع العقاقير الدوائية.

وبيّن الخصاونة، لـ”الحل نت”، أن هذه الاتفاقية تمر عبر مركز البحث العلمي والذي معظم وظائفه البحث وتطوير الأسلحة للجيش السورية منذ سبعينيات القرن الماضي. حيث كان مركز البحوث العلمية مسؤولا عن تطوير العلوم والتكنولوجيا في سوريا، وتطوير علاقات التعاون مع الشركات الكيميائية الغربية.

بالإضافة إلى ذلك، كان المركز مسؤولا عن إنتاج للقنبلات الكيماوية الذي تم البدء في إنتاجها عام 1997. وحاليا قد يكون قادرا على إنتاج قنابل صغيرة مناسبة لنشر الأسلحة البيولوجية.

وبحسب الخصاونة، فمنذ أواخر الثمانينيات، بذلت سوريا جهودا لزيادة قدراتها في مجالات الأدوية والتكنولوجيا الحيوية. وقد اشتمل هذا الجهد على إنشاء عدد من الشركات المشتركة وبناء ما يقرب من 12 مصنعا للأدوية. بحجة إنتاج منتجات دوائية للأسواق المحلية وللتصدير. ولكن الهدف من بنائها وتشغيلها قد أدى إلى تطوير المهارات والتقنيات في سوريا التي على صلة ببرنامج الأسلحة البيولوجية.

للقراءة أو الاستماع: سوريا تفقد حقوق التصويت في منظمة مراقبة الأسلحة الكيماوية بعد تورطها في استخدام غازات سامة

الأسد استخدم الأسلحة الكيماوية 17 مرة

في تموز/يوليو 2012، أكد المتحدث باسم الخارجية السورية، جهاد مقدسي، لأول مرة أن سوريا تمتلك أسلحة كيماوية. موضحا أن هذه الأسلحة لن تستخدم أبدا ضد الشعب السوري، وإنما فقط ضد “عدوان خارجي”.

وبعد هجمات 2013، تعهدت الحكومة السورية بتفكيك مخزونها من الأسلحة الكيماوية، لكن ووفقا لتقرير صادر عن “OSJI” و”الأرشيف السوري»” تم الكشف عنه في تشرين الثاني/أكتوبر 2020، فإن لدى سوريا برنامج أسلحة كيميائية “لا يزال قويا”. حيث تستخدم السلطات السورية “الحيل” لخداع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

وفي حزيران/يونيو 2021، قال رئيس منظمة “حظر الأسلحة الكيميائية”، أمام الأمم المتحدة، إن: “الجيش السوري استخدم الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً فيما لا يقل عن 17 مرة خلال الحرب في سوريا”. وكشف، فرناندو آرياس، المدير العام للمنظمة، أن الخبراء حققوا في 77 ادعاء وخرجوا بنتائج أكدت تلك، التي وصفها بـ “المزعجة”، رغم انضمام سوريا للمنظمة عام 2013.

وأكد آرياس، أنه “لا تزال هناك العديد من الأسئلة حول مصداقية الحكومة السورية فيما يتعلق بالإعلان عن برنامجه للأسلحة الكيميائية. وذلك بعد العثور على أسلحة كيميائية في عينات تم جمعها في حاويات تخزين كبيرة في أيلول/سبتمبر 2020”.

وأشار مدير المنظمة، إلى أن دمشق تعرقل وصول فريق التحقيق الخاص بالمهمة منذ شهر أيار/مايو الفائت. مبينا أن المنظمة “لم تتلق ردا من دمشق حين طلبت تأشيرات لدخول الفريق”.

وكانت الدول الأعضاء في منظمة “مراقبة الأسلحة الكيماوية”، قد جردت سوريا من حقوقها في التصويت بعد أن تبيّن أن قواتها استخدمت الغازات السامة بشكل متكرر خلال الحرب. وأيدت غالبية الدول التي صوتت، في نيسان/أبريل الماضي، منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، قرارا بإلغاء امتيازات سوريا على الفور في الوكالة.

للقراءة أو الاستماع: الولايات المتحدة تؤكد أن استخدام الأسلحة الكيماوية يستوجب العقاب

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.