يبدو الوضع في سوريا وكأنه سباق بين أرنب القدرات وسلحفاة الاحتياجات، فكلما كبرت فاتورة الحاجات، تقلصت فاتورة الإنجاز والوفاء والتسديدات، بمعنى أكثر واقعية، فإن حجم عجز الحكومة في أداء الالتزامات والواجبات بات ظاهرا وجليا للعيان.

تعثر الوزارات

يرى صحفيون سوريون، أن ما زاد الطين بلة هو التعثر الواضح في الوزارات المعنية مباشرة بالشؤون المعيشية والخدمية، ناهيك عن الارتباك اللامتناهي غير المقبول الذي يتحمل “وزره” القرارات الإدارية المترددة والمتقلبة، التي تختبئ وراء تسويق الحجج، وبيع الوعود والآمال التي لا تتحقق.

وأوضح الصحفي، وائل علي، وفق ما نشرت صحيفة “البعث” المحلية، أن السبب يكمن في بطء استجابة الحكومة للأمور العاجلة، مثل المتطلبات والعلاجات، فضلا عن التخلي المتسارع و”الغامض”، والذي حدث في وقت ومكان مختلفين، قبل السماح للناس بالتفاعل والتعامل مع القرارات الجديدة، وقبل تقديم بديل تعويضي.

ووصف علي، أنه أصبح الغالبية من المواطنين “ريشة في مهب الريح”، وتفاقم الوضع نتيجة الفساد المستشري الذي لم يتم كبح جماحه، فضلا عن آفة الأسعار المرتفعة التي فشلت المؤسسات والسلطات في معالجتها، وتفاقم التضخم النقدي. رغم استقرار سعر الصرف وضعف القوة الشرائية التي لم تجد فيها الزيادات فائدة وستستمر في الفشل.

وقال علي، “يجب أن نتحرك بسرعة لمواجهة التحولات والتغيرات الطارئة، والتعامل معها بجدية عبر تأمين الاحتياجات، والإسراع بمعالجة الكارثة الكهربائية العالقة والابتعاد عن التنظير وآمال الطاقة البديلة التي ضاعت وقوضتها الظروف المناخية الحالية التي حولت المنازل الدافئة إلى ثلاجات تعيش فيها العائلات”. 

للقراءة أو الاستماع: لعبة قروض المصارف.. قرارات الحجز للسيطرة على أملاك السوريين

قضايا الشباب بلا حلول

أما بالنسبة عن “الدعم الحكومي” والسيناريوهات المقترحة لتطبيقه للوصول إلى المستفيدين الحقيقيين في نظر الحكومة. فيبدو أن ذاكرة الحكومة المنشغلة بهذا الملف قد نسيت القضايا الأكثر أهمية. وهي الشريحة المهمة التي تحتاج إلى دعم من نوع آخر للبقاء في بقاع الوطن.

هنا الحديث عن شريحة الشباب، لأن الاستثمار فيها برأي الباحث، غسان فطوم، أفضل، إذ بات الهم الشاغل لهذه الشريحة بكيفية الهجرة. مضيفا، “لا نعتقد أن الإعلان عن 100 ألف فرصة عمل سيغير رأيهم. فهو ضئيل مقارنة بعدد العاطلين عن العمل، حتى لو اعتبره البعض خطوة إيجابية”.

ويشير فطوم في حديثه لصحيفة “البعث”، إلى أنه بالعودة إلى دفاتر الذاكرة، لم يكن للشباب نصيب من اهتمامات الحكومات. مع العلم أنه إذا تم تنفيذ عدد قليل من الخطط والبرامج التي كانوا يناقشونها، فستكون هذه الفئة في حال أفضل.

وأوضح فطوم، أن الندوات والمؤتمرات وورش العمل لن تكون كافية لمعالجة “هموم الشباب”. في حين إن الوصول إلى “الشباب المبدع والمؤسسات الرائدة” هو عبارة لا معنى لها. ما لم تكن مدعومة بإرادة قوية وإدارة فعالة لهذا الموضوع الساخن، الذي لا يزال مصدر قلق وفي ذيل اهتمامات الحكومة.

للقراءة أو الاستماع: استثمارات سوريّة بـ تريليون ليرة.. هل تنجح أم تبقى حبر على ورق؟

سياسة الحكومة السورية خلال الوقت الحالي

ويبدو أن الحكومة السورية عازمة على تطبيق سياسة رفع الدعم عن شريحة واسعة من السوريين، رغم الانتقادات الكبيرة التي تعرضت لها بسبب عزمها رفع الدعم خلال الآونة الأخيرة.

فعشرات آلاف العائلات سيتم استبعادها، حيث أعلنت الحكومة عن آلية استبعاد العائلات السورية من الدعم الحكومي. والتي ستشمل عشرات الآلاف من العائلات خلال المرحلة الأولى من تنفيذ الآلية الجديدة.

وقالت معاونة وزير الاتصالات والتقانة، فاديا سليمان، إن المرحلة الأولى من آلية رفع الدعم، ستشهد استبعاد 596628 بطاقة أسرية من الدعم أي ما يعادل 15 بالمئة من البطاقات الأسرية.

ويعود الحديث عن رفع الدعم إلى أواخر العام الماضي، حيث تعرضت الحكومة لانتقادات واسعة بعد طرح هذه السياسة، كما أثيرت التساؤلات حول آلية ومعايير اختيار العائلات المستبعدة.

ويبدو أن القرار الحكومي الأخير بشأن الدعم، سيؤدي إلى تصعيد الأزمة الاقتصادية للمواطن السوري. لا سيما في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية في سوريا منذ بداية العام الجاري.

للقراءة أو الاستماع: الصقيع قتل موسم الخضار في سوريا.. فما هي أسعارها الآن؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة