وسط ظروف معيشية متأزمة، يطارد انعدام الأمن الغذائي العديد من العائلات الدمشقية في سوريا والتي فقدت الأمل بالفعل في تحسن الوضع مع انخفاض عملتها المحلية، في مواجهة ارتفاع أسعار السلع. إذ اشتكى تجار في أسواق دمشق من قلة البضائع المتوافرة في الأسواق، بسبب تقييدات الاستيراد على الخيوط وارتفاع تكاليف الإنتاج وقلة البيع.

ماذا عن موسم التنزيلات هذا العام؟

وبحسب صحيفة “الوطن” المحلية، فقد انخفض سحب تجار التجزئة في دمشق للسلع بنسبة 80 بالمئة، وأعرب أصحاب المحلات عن استيائهم من الزيادة الهائلة في أجور المحلات.

وأضافوا أن نفقات المحل اليومية هائلة لأن الكهرباء متوفرة فقط لمدة ساعة واحدة كل يوم، مما يضطرهم إلى استخدام المولدات، بالإضافة إلى أجر العامل الباهظ، وتضاعف الرقم الضريبي، والانخفاض الكبير في المبيعات.

وبسبب ارتفاع التكاليف يتردد التجار في الإعلان عن بدء موسم التخفيضات الذي يبدأ كل عام في شباط/فبراير. ونتيجة لذلك، فإنهم يفكرون في تخزين ما تبقى لديهم من المنتجات للموسم المقبل.

وفي هذا السياق، أوضح أمين صندوق غرفة تجارة حمص، محمد الصفوة، أن التكاليف التشغيلية للأعمال التجارية ارتفعت إلى ما يقارب 100 ألف ليرة في اليوم، ولكل من يرغب في تشغيل المولد لمدة 6 ساعات في اليوم، بغض النظر عن التكاليف الأخرى.

للقراءة أو الاستماع: هبوط حاد قريب لـ الليرة السورية.. فما هي الأسباب؟

دمشق تكافح لاستيراد المواد الغذائية

رغم المشهد النشط في الأسواق، لا يزال اليأس قاسما مشتركا للمتسوقين الذين يتعذر عليهم مواجهة الأسعار المرتفعة، إذ يعاني السوريون من أزمة اقتصادية متفاقمة مستمرة نتيجة انخفاض الليرة السورية أمام الدولار الأميركي.

وكشف “برنامج الغذاء العالمي” في أحدث إحصائية له، عن أن 12.4 مليون شخص في سوريا يعانون حاليا من انعدام الأمن الغذائي. بالإضافة إلى 1.3 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي الشديد. فاليوم، يكافح الآباء أكثر من أي وقت مضى لإطعام أطفالهم. بعدما أصبح سعر المواد الغذائية الأساسية الآن أعلى بـ 29 مرة من متوسط أسعارها قبل الأزمة.

ومن أجل تأمين الغذاء لمواطنيها -أكثر من 80 بالمئة منهم يعيشون في فقر مدقع- أنشأت دمشق مؤسسة التجارة السورية في عام 2017، والتي تبيع السلع الأساسية بأسعار مدعومة في جميع أنحاء الأراضي التي يسيطر عليها الحكومة. ومع ذلك، وفي الأشهر الأخيرة، كافحت دمشق لشراء ما يكفي من الغذاء لتخزين أرفف المؤسسة.

واشتكى موظفون في القطاع العام، خلال حديثهم لـ”الحل نت”، مشترطين عدم الكشف عن هويتهم، من وضع الحياة المتوتر وقالوا: “لقد أصبحنا مهووسين بالتفكير ليل نهار حول كيفية تأمين الغذاء لأسرنا. هذا أصبح كابوسنا اليومي”. كما يعتقدون أن العيش في ظل الظروف الحالية أصبح “شبه مستحيل”. مؤكدين في الوقت ذاته أن معظم العائلات تقضي الشتاء بدون تدفئة.

للقراءة أو الاستماع: خطأ اقتصادي كبير.. أزمة رواتب بسبب رفع الدعم في سوريا

الأمن الغذائي في سوريا كابوس؟

على وجه التحديد، واجهت الحكومة السورية مشكلة في استيراد السكر والأرز والقمح هذا العام. وقد أعلنت عن عطاءات متعددة لاستيراد هذه المواد الغذائية لكنها فشلت في الغالب في الوفاء بها. ويرجع ذلك عموما إلى مشاكل في تأمين ما يكفي من العملات الأجنبية لتنفيذها. 

ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل حاد منذ بداية العام. حيث ارتفعت أسعار السلع الأساسية مثل زيت الطهي والسكر بنسبة تزيد عن 50 بالمئة عما كانت عليه هذا الوقت من العام الماضي. وتضاعفت أسعار الخبز في نفس الفترة الزمنية.

وحول الأزمة الغذائية، قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في نيسان/أبريل الماضي، إن فشل الحكومة السورية في معالجة الأزمات. ولا سيما أزمة الخبز بشكل عادل وكاف بسبب عقد من النزاع المسلح، يجبر ملايين السوريين على الجوع. وأشارت المنظمة، إلى أن “المسؤولون السوريون يقولون إن ضمان حصول الجميع على الخبز الكافي هو أولوية، لكن أفعالهم تظهر عكس ذلك”.

ورغم استقرار قيمة الليرة السورية أمام العملة الأجنبية خلال هذه الفترة، إلا أن الأسعار في ارتفاع مستمر. وأصبح المواطن أمام هاجس من الخوف بشكل يومي من الارتفاع المستمر بسبب قرارات حكومية غير مدروسة. بعيدا عن هاجس ارتفاع الدولار، لم يعد السوريون قادرين على تحمل عبء هذا الارتفاع غير المبرر.

وما يعمق الأزمة، هو قرار الحكومة السورية بتقليص الدعم، والذي صدر الأسبوع الماضي. إذ إن الكثير من الآراء بين مؤيدين للقرار من المسؤولين الحكوميين. وبين رافضين أو منتقدين له من الخبراء الاقتصاديين ومن المواطنين السوريين، يرون أن القرار جاء في وقت تمر فيه سوريا أسوأ أوضاعها الاقتصادية.

ومن خلال القرار استبعدت الحكومة السورية، مطلع الشهر الجاري نحو 600 ألف عائلة من الدعم الحكومي المقدم سابقا. وبيعها بعض المواد الغذائية الأساسية، والمشتقات النفطية بأسعار محررة وغير مدعومة. وهو ما أثار استياء ورفضا واسعين لدى السوريين، وسط مخاوف من امتداد قرارات مماثلة لعائلات جديدة.

للقراءة أو الاستماع: مع تراجع الليرة السورية.. وزير الكهرباء: تكريم العمّال بألف ليرة “شغلة كبيرة”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.