لم تستطع سنوات الحرب، والمظاهرات التي بدأت في سوريا منذ العام 2011، أن تغير من العقلية الأمنية التي تنتهجها الحكومة السورية، ليس في التعامل فقط مع المعارضين المطالبين برحيلها. إنما تجاوزت ذلك إلى الموالين لها وعلى رأسهم الصحفيين والناشطين الإعلاميين، حتى وإن تعلقت انتقادات بعضهم للأوضاع المعيشية والاقتصادية، والفساد المستشري في مؤسسات الدولة.

اعتقالات تعسفية

في أحدث اعتقالات الأجهزة الأمنية لمنتقدي سياسات الحكومة والوضع الاقتصادي المتدهور، أعلنت عدة صفحات سورية على “فيسبوك” نبأ اختفاء المهندس جهاد إبراهيم، ووفق مصادر محلية فقد اعتبرت أن اختفاء إبراهيم تقف وراءه الأجهزة الأمنية للسلطة في سوريا، كونها انتهجت مؤخرا سياسة تكميم الأفواه لمواليها.

 وكتب المهندس عبدو الأسعد، (اعتقلته الأجهزة الأمنية في شهر كانون الثاني الماضي بتهمة وهن نفسية الأمة)، مساء أمس الأحد “إنقطع الإتصال بزميلنا المهندس جهاد إبراهيم منذ يوم البارحة وفق معلومات أخبرتني بها زوجته كان في طريقه من قريته في مشتى الحلو الى طرطوس. نرجو من الله له السلامة ولعائلته الصبر.

يذكر أن المهندس جهاد إبراهيم هو من العاملين في محطة بانياس لتوليد الكهرباء وهو واحد من أهم مهندسي الميكانيك في سوريا وخصوصا في مجال صيانة محطات التوليد”.

خلال منتصف الشهر الفائت، غدا ما حصل مع المهندس ومدير تشغيل سابق لمحطة الزارة الكهربائية عبدو الأسعد، حديث الأوساط السورية ووسائل التواصل الاجتماعي. فالسلطات الأمنية في حكومة دمشق اعتقلت المسؤول السابق، إلا أن تهمته لم تكن قتلا ولا اعتداء، ولا انضماما لتنظيم إرهابي أو تحريضا على العنف، أو مثلا محاولة انقلاب على نظام الحكم، وإنما “وهن نفسية الأمة”.

حيث أفادت مصادر مقربة من الأسعد، في ذلك الحين، بأن الأخير اعتقل لأسباب تتعلق بمنشوراته على صفحته الشخصية في “فيسبوك”، والتي انتقد فيها الفاسدين والمرتشين.قائمة الاعتقالات تتوسعفيما نقلت صفحات إخبارية وحسابات شخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن الأجهزة الأمنية الحكومية قامت يوم السبت الفائت باعتقال الناشط الموالي للحكومة يونس سليمان وذلك للمرة الثانية.

وبحسب تلك المصادر، فإن الاعتقال جاء على خلفية منشورات سليمان الأخيرة، التي انتقد فيها ملاحقة الصحفي كنان وقاف، خلال عملية البحث عنه وتنفيذ مداهمات في عدة منازل في طرطوس أحدها منزل الصحفي محمود ابراهيم.

وكان يونس سليمان الذي يدير مجموعة “مواطنون مع وقف التنفيذ”، شن هجوما على الحكومة في عدة منشورات على الحكومة، انتقد فيها الأوضاع والفساد في مناطق الحكومة، ما أدى لاعتقاله أكثر من مرة كان أولها في شهر تموز/يوليو الماضي.

فيما داهمت دورية أمنية داهمت نهاية الأسبوع الماضي، منزل الصحفي محمود ابراهيم في مدينة طرطوس خلال عمليات بحثها عن الصحفي كنان وقاف، ما دفع الناشط بشار برهوم، لشن هجوم لاذع على الحكومة بعد مداهمة منزل ابراهيم، قائلا ان سبب ملاحقة وقاف رفضه موالاة الصغار، وموجها كلامه للأجهزة الأمنية حول مداهمة المنازل بالقول” ما شفناكم بالجولان عملتوا هيك”.

تجاوز للخطوط الحمراء

الصحفي كنان وقاف، كان قد بث شريط فيديو مطلع الشهر الجاري، قال فيه أن قوة أمنية كبيرة اقتحمت منزله في غيابه بهدف اعتقاله وسط تهديدات، وتسببت في حالة من الذعر لزوجته وأطفاله، مضيفا ان القوة كانت مدججة بالسلاح الخفيف والمتوسط، اقتحمت منزله بهدف اعتقاله، وكأنهم أقدموا على اعتقال “داعشي” على حد وصفه.

وأوصى وقاف الذي بدى عليه علامات الرعب في نفس الشريط أن تتم العناية بزوجته وأطفاله، ما أثار تفاعلا بين السوريين عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث طالب العديد منهم بمساعدته والتضامن معه بعد وصيته المؤثرة بالاعتناء بزوجته وأطفاله.

وكان وقاف، قد نشر، في 4 شباط/فبراير الحالي، تدوينة عبر حسابه على موقع فيسبوك انتقد فيها الرئيس السوري بشار الأسد على استقباله للفنان وائل رمضان وزوجته سلاف فواخرجي، في الوقت الذي تجاهل فيه الأوضاع الاقتصادية في البلاد، والغضب الشعبي في العديد من المناطق السورية.

فيما يرى ناشطون سوريون، أن وقاف تجاوز كل الخطوط الحمراء، بانتقاده رئيس الجمهورية، وهذه بحد ذاتها جريمة، تنطبق على المعارضين والموالين.

تظهر كل التقارير الحقوقية، خلال السنوات الماضية، أن مستوى حرية التعبير في سوريا في أدنى مستوياته، حتى على المستوى العالمي، وأن دمشق لن تقوم بتغيير تعاملها الأمني، أيا كان موقف الشخص منها، سواء كان معارضا أو مواليا، فهناك خطوط حمراء يمنع الاقتراب منها تحت أي مسمى، وهي الرئيس وعائلته.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.