شهدت السنوات الثلاث الماضية، خاصة الأشهر القليلة الفائتة، سلسلة عمليات استهدفت حافلات عسكرية لقوات حكومة دمشق، أبرزها في تشرين الأول/أكتوبر الفائت، عندما انفجرت عبوة ناسفة في حافلة مبيت عسكرية أسفل جسر الرئيس وسط العاصمة السورية، مما أدى إلى مقتل 14 شخصا كانوا بداخلها وإصابة آخرين. وتبنته جماعة تطلق على نفسها اسم “سرايا قاسيون”، أعلنت دمشق أنها اعتقلت عناصرها في نهاية كانون الأول/ديسمبر 2021.

من يقف وراء الاستهدافات؟

واستهدف التفجير حافلة عسكرية لقوات الحكومة، أمس الثلاثاء، عند دوار الجمارك في دمشق، حسبما أعلنت وكالة أنباء “سانا” المحلية، والتي كشفت عن مقتل عنصر من القوات، وكذا إصابة 11 آخرين، إثر انفجار العبوة الناسفة.

 وتزامن هذا الاستهداف مع تفجير آخر لحافلة مبيت أخرى على الطريق الواصل بين محافظة حمص وبلدة مهين شرقي حمص، وفق مصادر إعلامية محلية، والتي ذكرت مقتل 11 عنصرا من قوات الحكومة وإصابة أربعة غيرهم.

ووفق المصادر ذاتها، أوضح مصدر طبي من داخل مشفى حمص العسكري، إن 11 عنصرا قتلوا جراء استهداف حافلة المبيت، كما لفت إلى تعرض اللواء الركن، فارس غيضة، لإصابة بالغة وهو بحالة حرجة، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن استهداف الحافلة حتى الآن.

وفي حديثه لـ “الحل.نت”، يوضح الصحفي السوري، عقيل حسين، أن المستفيد الأول من هذه التفجيرات هو حكومة دمشق بطبيعة الحال، حيث إنها تستمد بقاءها واستمراريتها أصلا من سردية الإرهاب ومكافحته، خاصة أنها تزامنت مع الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في السويداء ومناطق أخرى ضد سياساته الاقتصادية المجحفة.

وأردف عقيل، أن التصريحات الروسية دائما ما تتحدث عن وجود مخطط أمريكي لزعزعة الاستقرار في مناطق سيطرة الحكومة السورية، عبر تحريض المحتجين وتشجيعهم من جهة، وتحريك ما وصفه الروس بالخلايا النائمة المتطرفة لضرب قواتها والعسكريين الروس والإيرانيين، من جهة.

لماذا تستمر هذه الاستهدافات؟

ثمة تكرارية لهذه الاستهدافات في عدة مناطق خاضعة لسيطرة دمشق، حيث قتل في مطلع العام الماضي ما لا يقل عن 28 شخصا، فيما أصيب آخرون في هجوم على حافلة عسكرية على الطريق الرئيسي قرب محافظة دير الزور شمال سوريا. وقد نقلت “رويترز”، وقتذاك، عن مصادر بالمعارضة قولها إن “الحافلة كانت تقل جنودا في الجيش وآخرين تابعين للميليشيات الإيرانية إلى مواقعهم بعد انتهاء عطلتهم”.

وحول من يقف وراء هذه الاستهدافات، يقول الصحفي السوري: “لدينا فرضيتين لا يمكن تجاهل أي منهما، الأولى أن حكومة دمشق نفسها متورطة في ذلك، لجهة الاستفادة من نتائجها في تأكيد سرديته بخصوص الإرهاب”.

أما الثانية، بحسب المصدر ذاته، فهي خلايا تنظيم داعش أو المجموعات المرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابيين، وهذه الأخيرة نشطت العام الماضي بالفعل بما يسمى “العمليات خلف خطوط العدو”؛ غير أن هذا لا يعني إطلاقا أنها تتحرك في حال افترضنا مسؤوليتها عن هذه الهجمات بتنسيق أمريكي، لأن هذا الربط هو من الهواجس الروسية وعقدة المؤامرة الأمريكية الغربية التي تعاني منها موسكو باستمرار.

كذلك، استهدف تفجير حافلة عسكرية بالقرب من “مساكن الحرس”، في آب/أغسطس العام الماضي، التي يقيم فيها عناصر وضباط من قواتها، قرب منطقة دمر بالعاصمة دمشق، ما أدى إلى مقتل شخص (سائق الباص) وإصابة 3 آخرين بجروح متفاوتة، تبناه تنظيم “حراس الدين” المرتبط بتنظيم القاعدة.

في حين نفت وكالة “سانا” المحلية، أن الانفجار ناجم عن “ماس كهربائي”، مما أدى إلى انفجار خزان الوقود في الباص واشتعاله واحتراق الحافلة بالكامل.

ومنذ اندلاع الحراك الشعبي في آذار/مارس 2011 وعلى امتداد عشرية الحرب، شهدت دمشق انفجارات ضخمة وكذا جميع المناطق الخاضعة لسيطرتها، وذلك بالعبوات الناسفة، لكن، في الآونة الأخيرة، أمسى استهداف الحافلات العسكرية هو المتسيد منذ العام الماضي 2021.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.