بعد ملاحظة موت وهجرة مستعمرات النحل في منطقتي نوى وخربة غزالة بمحافظة درعا جنوبي البلاد، في ظاهرة تعتبر الأولى من نوعها، تراجعت تصريحات المسؤولين السوريين حول ظاهرة هجرة النحل من سوريا، مع تفاقم المشكلة وتداولها في وسائل الإعلام المحلية. 

خلال الأعوام السابقة، انخفض إنتاج سوريا من العسل مثل العديد من المواد الأخرى، مما أدى إلى ارتفاع أسعاره عدة أضعاف. حيث بلغ سعر كيلو العسل أكثر من 25 ألف ليرة سورية، وهو سعر يبدو مرتفعا عند مقارنته بالرواتب التي تبلغ وسطيا نحو 92 ألف ليرة سورية شهريا.

الخسائر بسبب الفجوة الزراعية

من المرجح أن تستمر أوضاع طوائف النحل المهاجرة، بحسب عبد الرحمن قرنفلة، المستشار الفني في غرفة زراعة دمشق، لا سيما أن مربي النحل لديهم فراغ معرفي في الزراعة وتربية النحل. 

وأشار قرنفلة، في حديثه لصحيفة “البعث” المحلية، إلى أن المفاهيم حول تربية النحل موحدة لجميع المربين داخل البلاد. والتي أنتجت الظروف القاسية لأزمة النحل من حيث انتشار الأمراض، ونقص الإمدادات، وغيرها من المعوقات. والتي وقفت في طريق هذه المهنة لسنوات عديدة، وتعتبر فنا في كثير من البلدان حول العالم.

https://twitter.com/MohMoh01486451/status/1493739686275301378?s=20&t=apdYvSPkKVe-To02BB_MlA

وأوضح المستشار الزراعي، أنه تم إجراء دراسات عميقة للتعامل مع النحل. وشددت على الحاجة إلى وجود آلية إعلامية تركز على الزراعة في سوريا، خاصة لأنها بلد زراعي باقتصاد قائم في الغالب على الزراعة. الأمر الذي يتطلب قدرا كبيرا من الاهتمام والوعي، بدلا من الاعتماد على طرق عفا عليها الزمن.

واستجابة للتأثير الاقتصادي لحركة هجرة النحل، أكد قرنفلة، أن النحل مهم ليس فقط لصنع العسل، ولكن أيضا لتلقيح معظم النباتات، مما يساعد على زيادة الإنتاجية الزراعية. وهناك خسارة اقتصادية فادحة في حالة تكرار الظاهرة. مما يستلزم إجراءات وقائية فورية، بدلا من انتظار الوقوع لتكرار الأزمة مرة أخرى.

للقراءة أو الاستماع: الاختفاء المفاجئ للنحل.. ظاهرة غريبة في درعا وأسبابها غير محددة حتى الآن

نتائج الحكومة غير مرضية

نتائج لجنة وزارة الزراعة لم ترض النحالين، والتي خلصت إلى أن غياب اللوائح المعمول بها للمزارعين الذين يرشون الأسمدة والمبيدات بشكل عشوائي، أدى إلى مرض النحل أو الوفاة أو الهجرة، كما حدث مؤخرا. وعدّ النحالين، أن كشف الأسباب وحده غير كاف ولن يحل المشكلة المستمرة، مطالبين الحكومة بمتابعة المزارعين وتدريبهم على تقنيات الرش الزراعي الصحيحة. 

وكشف رئيس الأمانة العامة لاتحاد النحالين العرب في سوريا، إياد دعبول، أن الفريق الذي أرسلته وزارة الزراعة ابتكر العديد من الأفكار للتعامل مع الوضع ومعالجته. مضيفا أنه في حالة الالتزام من قبل مربي النحل، لن يتكرر حدوث هجرة النحل من سوريا بشكل يثير القلق.

حيث استشهد دعبول، بأن ألمانيا فقدت 32 بالمئة من نحلها عام 2004 للأسباب نفسها. كما فقدت الولايات المتحدة الأميركية 41 بالمئة من نحلها عام 2005 لذات الأسباب. فيما لم ينف دعبول، تأثير موجة الصقيع في البلاد على النحالين، وتعرض النحل للسجن في خلاياه لفترة طويلة، ما أدى لهجرته مع تعمّق المنخفض.

ويرى رئيس الأمانة العامة لاتحاد النحالين العرب في سوريا، في حديثه لذات الصحيفة، أن الترهيب والخوف الشديد للنحالين، بدأ بتسويقه في محافظة درعا. وانتشر إلى باقي النحالين بشكل غير مبرر، خاصة وأن الخسارة لا زالت “محمولة” ولم تصل إلى نسب مئوية. حسب وصفه.

للقراءة أو الاستماع: تراجع إنتاج العسل السوري وتكلفة خلية النحل 40 ألف ليرة

ظاهرة غريبة في درعا

بدأت القصة في درعا في كانون الثاني/يناير الفائت، بحسب الخبير الزراعي، عبد المولى أبازيد، في حديث سابق لـ”الحل نت”، عندما قدم مزارعو النحل في الريف الغربي لمحافظة درعا بلاغات إلى وزارة الزراعية تتحدث عن هجرة دورية للنحل. ولخطورة الموضوع، قامت الوزارة بتشكيل لجنة من اتحاد النحالين، وجمعية النحالين، والبحوث والصحة الحيوانية لبحث أسباب وعوامل هذه الظاهرة.

وفتح موضوع “أسراب النحل” المهاجرة في عدد من مناطق محافظة درعا، وكذلك تشكيل لجنة وزارية للتحقيق في الظاهرة، الباب لإطلاق احتمالات لأسباب هذه الظاهرة التي لم يسبق لها مثيل في هذا المجال. حيث انقسمت الآراء والتحليلات بين أنها ظاهرة طبيعية نتيجة للتغيرات المناخية وتأخر هطول الأمطار وقلة المراعي. في حين نسبها آخرون إلى انتشار الأمراض في الخلايا.

رئيس الأمانة العامة لاتحاد النحالين العرب، ذاته أطلق في السادس من الشهر الجاري، جرس إنذار لتدارك ما يحدث في قطاع النحل. وأوضح حينها، أن الاعتماد على التجارب الفردية والشخصية والاجتهادات في علاج مرض “الفاروا” – وهو من أبرز الأمراض التي تصيب النحل- يؤدي إلى قصر عمر النحل بنسبة أكثر من 50 بالمئة.

وعادة لا يهاجر النحل في هذا الوقت من العام؛ إلا إذا كانت هناك أسباب قاهرة كما وصفها الأبازيد. لأن النحل يهاجر في الربيع ولا يترك خلاياه في درجات الحرارة الباردة. ومع ذلك عادة تكون الهجرة جزئية وليست كاملة. أي تنقسم الخلية إلى قسمين جزء منها يبقى في الخلية والآخر يهاجر مع الملكة الجديدة.

والجدير ذكره، أن الحكومة السورية تدعي دعمها للقطاع الزراعي وللمزارعين والفلاحين في المحافظات السورية بمبالغ هائلة. إلا أن القطاع الزراعي في سوريا يتدهور بسبب أزمة الخدمات وغلاء المستلزمات الزراعية من جهة. والجفاف الذي بات أحد المشكلات الرئيسية من جهة أخرى، ورغم الإنتاجية الجيدة إلا أن الأسعار لا تزال في ارتفاع مستمر.

للقراءة أو الاستماع: الدبور الأحمر يهدد النحل وإنتاج العسل في القنيطرة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.