انتهت مراجعة السياسة السورية التي بدأتها إدارة رئيس الولايات المتحدة الأميركية، جو بايدن، عند توليها منصبه قبل عام. حيث تشير الدلائل الأولية إلى أن سياسة واشنطن الرسمية تجاه الحكومة السورية والرئيس السوري، بشار الأسد، ستكون معدومة بشكل ملحوظ. فيبدو أن الإدارة تعلن بوضوح أكثر عن عدم وجود مصلحة استراتيجية ونهج رسمي لإعادة التطبيع مع سوريا.

لا دعم أو تأهيل للأسد

جدد نائب مساعد وزير الخارجية، المبعوث الأمريكي إلى سوريا، إيثان غولدريتش، رفض إدارة الرئيس جو بايدن لموضوع التطبيع مع الرئيس السوري، بشار الأسد. إذ أصر على عدم إمكانية التوصل إلى حل وسط بشأن هذا الموضوع. مشددا على ضرورة تحميل إدارة الأسد المسؤولية عن جرائمها.

وقال غولدريتش، اليوم السبت، في حوار مع جريدة “الشرق الأوسط”، “لم ولن ندعم أي محاولة لتطبيع أو إعادة تأهيل بشار أو الحكومة السورية”. وأضاف “نحن نشجع جميع الحكومات، ولا سيما تلك التي تفكر في إقامة علاقة مع نظام الأسد، على إيلاء اهتمام خاص لجرائم الأسد ضد الشعب السوري، والحفاظ على التركيز على المساءلة”.

أما عن استثناءات قانون “قيصر”، فأوضح المبعوث الأميركي، أن واشنطن لم ترفع أو تخفف العقوبات المفروضة على سوريا. وذلك ردا على سؤال حول ما إذا كان اتفاق تزويد لبنان بالكهرباء عبر سوريا يمثل تخفيفا للعقوبات الأميركية. مبينا أن جهود أميركا تتركز على المساعدة الشعب اللبناني بطريقة شرعية.

ولفت غولدريتش، إلى أنه عندما يتعلق الأمر بإيجاد حل سياسي للشعب السوري، فإن الحكومة السورية لا تزال تمثل أكبر عقبة أمام التقدم على هذا الطريق، بعد أكثر من عقد من الصراع.

وتابع، أن “عدم رغبة النظام في البحث عن حل سياسي، تجلت بشكل أكبر في اختتام الجولة السادسة من مناقشات اللجنة الدستورية في تشرين الأول/أكتوبر  2021، والتي لم تكن نتائجها مرضية.

واختتم المبعوث الأميركي حديثه، “كنا مستائين بشكل خاص في تلك الجلسة، لأن المسؤولين في إدارة الأسد لم يُسمح لهم بإحراز أي تقدم في كتابة نص دستور جديد”.

للقراءة أو الاستماع: اعدة “حميميم“.. أداة روسية لخلق التوتر الدولي؟

الولايات المتحدة وجهود التطبيع مع الأسد

في السياق ذاته، أوضحت مصادر دبلوماسية غربية، لـ”الحل نت”، أنه خلال الأسابيع القليلة الماضية، ألمح العديد من مسؤولي إدارة بايدن إلى ثلاثة أهداف محددة تتعلق بسياسة سوريا. 

وتشمل هذه الأهداف بحسب المصادر، الحفاظ على الوجود العسكري الأميركي بشكل صريح كجزء من الحملة المستمرة لمواجهة ومنع عودة ظهور تنظيم “داعش”. بالإضافة للحفاظ على وقف إطلاق النار والمساهمة في الحد من العنف؛ وتحسين الظروف الإنسانية. 

وأوضحت المصادر الدبلوماسية، أن الإدارة الأميركية تنظر إلى هذه الأهداف على أنها واقعية. إلا أنها لا تشكل سياسة تهدف إلى التأثير على مسار الصراع السوري. وبدلاً من ذلك، فإن العديد من الدول فسرت هذه السياسة بأنها رجوع بالمواقف الأميركي. إلا أنها في الواقع تشير إلى نهج قوي أميركي تجاه الأحداث المستقبلية في سوريا.

وأوضحت المصادر، أن العديد من الدول العربية التي طبعت مع دمشق، رأت أن إدارة بايدن تفتقر بشدة إلى الرغبة في استخدام المزيد من الأدوات العسكرية في سوريا لتحقيق الأهداف المرجوة. وعلى هذا النحو ، فقد قامت بتضخيم خطابها بشأن استخدام الدبلوماسية. 

وإذا استمر خصوم واشنطن في تحدي وجودها، فمن المرجح أن تكون الولايات المتحدة قادرة على المساهمة في خفض التصعيد دون تدخل استباقي. كما من المرجح أن يواصل الأسد العمل كالمعتاد، مستندا على حلفائه الرئيسيين روسيا وإيران.

للقراءة أو الاستماع: الكهرباء الأردنية تصل سوريا في شهر آذار.. ماذا عن الغاز المصري؟

الحد من مشاركة العرب الدبلوماسية

اقترحت الباحثة في مركز “أليسون” للسياسة الخارجية، نيكول روبنسون، على إدارة بايدن أن توضح لحلفائها وشركائها ما ستقبله وما لن تقبله في سوريا. بعد أن أثبتت وحشية الأسد للعالم وأنه سيبذل قصارى جهده للبقاء في السلطة. وهذا لا يعني أن العالم يجب أن يعترف به كلاعب شرعي. 

وخلصت الباحثة، إلى أنه يجب أن تكون الولايات المتحدة واقعية بشأن ما يمكنها تحقيقه. فمن غير المرجح أن يغير تخفيف العقوبات والمساعدات الإنسانية سلوك الرئيس السوري، بشار الأسد. لكن يمكن للولايات المتحدة التأثير على الشركاء العرب والحلفاء الأوروبيين للحد من مشاركتهم الدبلوماسية. 

وفقا لتقرير الباحثة، والذي عنونته بـ”كيف يجب أن تتعامل الولايات المتحدة مع جهود التطبيع مع سوريا”، تعد الأزمة السورية مشكلة معقدة تفتقر إلى حل واضح. لكن السماح للأسد باستعادة شرعيته دون المحاسبة على جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأمور. 

وترى نيكول روبنسون، أنه يجب تشجيع الدول العربية التي تشعر بالحاجة إلى التطبيع مع الأسد على القيام بذلك على أدنى مستوى دبلوماسي ممكن. وبشكل خاص، يجب على الولايات المتحدة تشجيع الشركاء الذين يرغبون في إعادة فتح القنوات الدبلوماسية مع الأسد في دمشق لتقييد المشاركة في أدنى مستوى دبلوماسي.

والجدير ذكره، أن العديد من الدول العربية التي كانت تعارض الأسد في السابق تقوم مؤخرا بتعديل موقفها تجاه سوريا. فقد كسر الأسد عزلته عندما أجرى مكالمة هاتفية مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني. وسبق المحادثة إعادة فتح معبر حدودي رئيسي بين البلدين بشكل كامل في أواخر أيلول سبتمبر الفائت.

فيما لا تزال الولايات المتحدة تفرض عقوبات صارمة على قطاعات مهمة من الاقتصاد السوري.وذلك بموجب قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019. وكما أوضحت في عدة مناسبات، أنها لا تريد أن تذهب أموال إعادة الإعمار للحكومة السورية قبل أن يكون هناك حل سياسي.

للقراءة أو الاستماع: هل يتبع الأسد الأسلوب “الكوري الشمالي” الفاشل لانتشال البلاد؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة