موقفان اتخذتهما الصين أظهرا خذلانها لروسيا في الملف الأوكراني بعد غزو موسكو لكييف، فما هما وكيف يمكن تفسير موقف بكين؟

الموقف الأول تمثل بامتناع الصين، الجمعة الماضية، عن استخدام حق النقض “الفيتو” في جلسة “مجلس الأمن” الأخيرة، التي طمحت لإدانة الغزو الرةسي لأوكرانيا.

صحيح أن الإدانة لم تحصل؛ لأن روسيا استخدمت “الفيتو”، لكن نأي الصين عن استخدام “الفيتو” معها، يعني ابتعادها عن موسكو، حتى وإن امتنعت عن التصويت.

الموقف الثاني كان اليوم، عندما أعرب وزير الخارجية الصيني، وانغ يي في اتصال هاتفي مع نظيره الأوكراني دميترو كوليبا، عن “أسفه الشديد” للنزاع بين موسكو وكييف.

بكين تفلت نفسها من العقوبات

ولم تكتفِ بكين بذلك، بل دعت عبر وزير خارجيتها إلى حل النزاع بالمفاوضات بين موسكو وكييف والابتعاد عن العمليات العسكرية، وإبعاد المدنيين عن الموت، بحسب الإعلام الرسمي الصيني.

موقفا الصين إزاء روسيا، لم يتناغما مع ما هو معروف منذ سنوات طوال بالتقارب الثنائي بينهما، ووقوفهما ضد الغرب والولايات المتحدة الأميركية، فما سر ذلك؟

بحسب رئيس “مركز التفكير السياسي” في العراق، إحسان الشمري، فإن بكين لا تريد استعداء واشنطن بوقوفها مع موسكو في الملف الأوكراني، لكنها لم تقف ضد روسيا أيضا، وحافظت على تقاربها الخفي معها، بامتناعها عن إدانة غزوها لأوكرانيا.

الشمري يضيف لـ “الحل نت”، أن سبب اتخاذ الصين للموقفين الأخيرين من الغزو الروسي لأوكرانيا؛ لأنها تخشى من أن وقوفها علانية مع موسكو، سيجعلها تحت طائلة العقوبات الاقتصادية، كما حدث مع موسكو.

للقراءة أو الاستماع: بين كوبا وأوكرانيا.. 60 عاماً من التهديدات الروسية حول الحرب النووية

ويوضح الشمري، أن الصين لا تريد أن تنالها العقوبات الاقتصادية، بل تطمح لزيادة نفوذها الاقتصادي مع دول “الاتحاد الأوروبي”، عبر تعاطفها اليوم مع أوكرانيا.

رؤية اقتصادية لا سياسية

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعلن الخميس المنصرم، بدء “العملية العسكرية ضد أوكرانيا”، ووصفها العالم بالغزو والحرب، وندّد بها.

وجاء الغزو الروسي تحت صيغة “حفظ السلام” على حد تعبير بوتين، من أجل حماية مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك في شرقي أوكرانيا، بعدما اعترف بهما كجمهوريتين مستقلتين.

وفرضت الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية، عقوبات اقتصادية ضخمة ضد روسيا وبوتين وحظرت الطيران الجوي لها، ناهيك عن إيقاف بث مؤسساتها الإعلامية في دول الاتحاد الأوروبي.

للقراءة أو الاستماع: خلافات تركية روسية متوقعة بسبب أوكرانيا؟

بالمختصر، فإن ما اتخذته بكين من مواقف، هي ناجمة من رؤية اقتصادية وليست سياسية، وفق حديث إحسان الشمري، وهذا ما يتفق معه أستاذ العلوم السياسية في “الجامعة الأميركية بالسليمانية”، عقيل عباس.

يقول عباس، إن الصين تتقارب مع روسيا سياسيا، لكنها على العكس من ذلك اقتصاديا. فهي تنظر لأزمة الغزو الروسي لأوكرانيا من منحى اقتصادي، على حد تعبيره.

لا تضحية من أجل موسكو

“الصين وعلى امتداد التاريخ، تتعامل وفق مصلحتها اقتصاديا، ولن تضحي بذلك من أجل موسكو؛ لأن روسيا دولة غير ضخمة اقتصاديا”، يبين عباس في حديث مع “الحل نت”.

ويلفت إلى أن تعامل بكين مع دول “الاتحاد الأوروبي” اقتصاديا، يفوق بعشرة أضعاف تعاملها مع روسيا؛ لأن تعاملها مع الأخيرة ينحسر بملف الطاقة لا أكثر.

للقراءة أو الاستماع: قصة انحياز إيران إلى روسيا بغزو أوكرانيا

ويتابع عقيل عباس، أن ما يتم تناوله من حديث عن محور يتشكل من الصين وروسيا بإزاء الغرب هو “كلام وتمنيات”، ولا وجود له على الأرض.

“الطرفان بينهما خلافات متعددة على الأرض، ولا يوجد الكثير الذي يجمعهما باستثناء الارتياب من الغرب، وهذا غير كاف لصناعة تحالف بين الطرفين”، وفق عباس.

ويختتم بالقول: “الصين متقدمة بشكل واسع على روسيا اقتصاديا، ولن تضحي بشراكتها الاقتصادية مع الغرب من أجل إرضاء موسكو”، بحسبه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة