في تناقض واضح نشرت “الحكومة السورية المؤقتة”، عبر مكتبها الإعلامي، الثلاثاء، صورة تضم قادة عسكريين في “الجيش الوطني” المدعوم تركيا، ويتصدر الصورة محمد الجاسم الملقب بـ “”أبو عمشة” قائد فرقة “سليمان شاه” (العمشات) سابقا، على الرغم من أن “المؤقتة” كانت من أوائل المؤيدين لقرار عزله ونفيه خارج المنطقة.

الاجتماع ضم عبد الرحمن مصطفى رئيس “الحكومة المؤقتة” مع قادة عسكريين في “الجيش الوطني” وذلك في قيادة “هيئة ثائرون” بريف حلب الشمالي.

وجود “أبو عمشة” بين القادة العسكريين في الوطني، فتح الكثير من التساؤلات حول القرارات الأخيرة المتعلقة بعزله ونفيه من المنطقة، وتعين قائد بدلا منه، حيث اعتبرها متابعون “ضحك على اللحى” أن صح القول.

وفي بيان نشرته “الحكومة المؤقتة”، المظلة السياسية لـ ”الجيش الوطني” في 17 من فبراير الفائت ، أيّدت فيه القرارات والتوصيات الصادرة عن لجنة التحقيق المكلفة بملاحقة تجاوزات وانتهاكات “أبوعمشة” وفصيله، حيث طلبت من قيادة “العمشات” الالتزام بقرارات اللجنة، والتعاون المطلق معها.

وجاء بيان “المؤقتة” بعد تواصلها مع اللجنة، وقادة “الجيش الوطني” وخصوصا قادة “غرفة القيادة الموحدة” (عزم)، وأيّدت القرار لما فيه من تغليب المصلحة العامة، وإعادة الحقوق إلى أصحابها، وتمكين سيادة العدل والقانون، حسب تعبيرها.

قرارات واهية

وتعليقا على ذلك، يقول الباحث في الشأن السوري والتركي، محمد السكري في حديثه، لـ “الحل نت” إن “ظهور المدعو “أبو عمشة” بجانب رئيس “الحكومة المؤقتة” عبد الرحمن مصطفى، في زيارة الأخير لقيادة “حركة ثائرون للتحرير”، يؤكد عدم صحة الروايات التي تدعي محاكمته، بالرغم من قرار اللجنة القاضي نفيه خارج مناطق سيطرة المعارضة السورية وتغريمه.

يتابع، “لربما تم فصله من قيادة الفصيل، ولكن ما زال يمارس عمله كعضوٍ في قيادة “ثائرون”، وهذا ينافي بشكل صريح ما جاء في تصريحات الحركة عن نيتها تطبيق القرارات الصادرة عن اللجنة الموكلة بمتابعة أمر الكشف عن تفاصيل انتهاكات “أبو عمشة”.

بالتالي، هذا يؤكد ويثبت بنفس الوقت، بأن “قرارات اللجنة بقيت حبرا على ورق، واستطاع “أبو عمشة” من خلال نفوذه التملص من الإجراءات المفروضة عليه”.

واختتم حديثه قائلا، لعلّ، ظهور “أبو عمشة” الأخير بجانب قيادات صف أول في الحكومة و”الجيش الوطني”، يعتبر بمثابة عدم اهتمام لتداعيات الاستخفاف بالسوريين، وهذا يفتح الباب أمام مزيد من الانتهاكات مع غياب القدرة على تطبيق قرارات قضائية، مما سيضعف في نهاية المطاف مسار المساءلة والمحاسبة ويجعل المنطقة ضعيفة أمنيا، ما يعزز الفوضى والفساد، هذا عدا تعميق الفجوة بين الشرائح المجتمعية والسلطات الحاكمة مع غياب الشفافية.

استمرار الانتهاكات

من جهته يقول الصحفي عهد الصليبي، في حديثه لـ “الحل نت” أن “الظهور الجديد لـ “أبو عمشة” هو استفزاز وتحدي للأشخاص الذين تعرضوا لانتهاكات من قبله، والذين تلقوا وعود بمحاسبته وإعادة حقوقهم من قبل اللجنة الثلاثية التي أصدرت قرار نفيه الوهمي مؤخرا”، مشيرا إلى أن “ظهوره ، يبعث أيضا برسائل، مفادها استمرار الفصائلية والانتهاكات دون وجود أي رادع أو محاسبة لها في المنطقة، على عكس ما يتم الترويج له عبر وسائل الإعلام التابعة لـ “الحكومة المؤقتة” و”الجيش الوطني”.

وشبه المتحدث المراوغات التي حصلت بما يتعلق بحثيثات قرار عزل “أبو عمشة” ونفيه، بما تقوم به الأفرع الأمنية التابعة للحكومة دمشق ضمن مناطق سيطرتها تماما.

مراوغات ليست بجديدة

وفي تقرير سابق نشره “الحل نت”، حول تشكيل “حركة التحرير والبناء” التي أعلنت فصائل القطاع الشرقي، عن تشكيله، في منتصف فبراير الفائت، ضمن منطقة عمليات “نبع السلام“.

حيث صرح مصدر مقرب من “أحرار الشرقية“، (فضل عدم الإفصاح عن اسمه)، حينها، لـ “الحل نت” أن “التشكيل الجديد يضم فصائل “أحرار الشرقية” و“جيش الشرقية” إضافة لـ “الفرقة 20” و“صقور الشام“، وبلغ قوامه أكثر من 5 آلاف مقاتل، وسيكون ثقله في مناطق رأس العين وتل أبيض وسلوك“.

وأضاف المصدر أن “قيادة التشكيل الجديد، ستوكل للرائد حسين الحمادي، وهو ضابط منشق عن القوات الحكومية سابقا، إلا أن أي قرار يتعلق به، سيكون مرجعه ل “أبو حاتم شقرا”، الذي استبعد عن مركز القيادة للعلن، كون اسمه موجود على قائمة العقوبات الأمريكية“.

موضحا أن “الشقرا” يحاول من خلال التشكيل الجديد، تصدير رواية مفادها أنه من خلال هذا التشكيل ستلغى مسميات الفصائل المشكلة له، وسيتم العمل بنظام قيادة مركزي موحد للفصائل المندمجة، وسيخضع العناصر أيضا لدورات إعادة تأهيل على التعامل مع مختلف العمليات الأمنية والعسكرية، والأهم كيفية التعامل مع المدنيين في المنطقة وخاصة على الحواجز، إلا أن ذلك مجرد كلام فقط.

اتهامات بارتكاب انتهاكات

وكانت لجنة التحكيم المكلفة بالتحقيق بانتهاكات فرقة “سليمان شاه”، أصدرت قرارا أواخر فبراير الماضي، ينص على نفي قائدها محمد الجاسم الملقب “أبو عمشة” واثنين من أولاد عمه خارج منطقة عمليات “غصن الزيتون”، لمدة “عامين هجريين”، بعد إدانتهم “بجرم الفساد”، حسب تقارير صحفية.

وجاء في القرار، تجريم كل من، محمد الجاسم (أبو عمشة) ووليد حسين الجاسم (سيف) ومالك حسين الجاسم (أبو سراج) وأحمد محمد خوجة وعامر عذاب المحمد وحسان خالد الصطوف، بجرم الفساد، وهم جميعا قادة في فصيل “فرقة سليمان شاه”.

إلا أن قرار اللجنة الثلاثية لم يوضح بشكل مباشر إذا ما ستتم مصادرة الأموال وتعويض الضحايا، إذ قاد ذلك الكثير من السوريين للاعتقاد بأنه لا وجود لقدرة عسكرية ونفوذ في مناطق “الجيش الوطني” المعارض المدعوم من أنقرة، لفرض محاسبة على الجرائم المرتكبة من قبل “أبو عمشة”، واستعادة الأموال المسلوبة والعدالة للحقوق المنتهكة. متسائلين في ذات الوقت، ماذا بعد قرار “اللجنة الثلاثية” وما جدية ذلك وتأثيره الفعلي”.

ووثق “الحل نت” خلال السنوات الماضية عدة انتهاكات وتجاوزات نفذتها فصائل “الجيش الوطني” المدعومة من أنقرة، ضمن مناطق سيطرتها بريف حلب الشمالي، وخاصة في منطقة عفرين ونواحيها.

وتضمنت بعض التوثيقات، تسجيلات مصورة لمدنيين تحدثوا من خلالها عن انتهاكات تعرضوا لها، تتعلق بالإتاوات، وعمليات الابتزاز والخطف، والاعتقال والقتل، والاستيلاء على الأراضي، بدون وجود أي رادع لها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.