تتصاعدالحرب الروسية في أوكرانيا بعد نحو أسبوعين على اندلاعها، وسط مخاوف عالمية من استمرارها مدة طويلة، بما تحمله من انعكاسات أخرى غير عسكرية على العديد من المناطق، خاصة فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي.

وتتأثر سوريا، كالعديد من الدول بطول أمد هذه الحرب، التي بدأت آثارها بالظهور سريعا في المجتمع والاقتصاد السوريين، حيث ارتفعت الأسعار بشكل متسارع، إضافة إلى النقص في المواد الأساسية، وما يتركه ذلك من اضطرابات في المجتمع السوري.

البنك الدولي يحذر

في السياق المتصل بتصاعد الحرب في أوكرانيا، حذر البنك الدولي، صباح اليوم من تنامي الاضطرابات الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط، بسبب مخاوف الأمن الغذائي، نتيجة في أسعار الطاقة والغذاء بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقالت كارمن راينهارت، كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي، أنه “ستكون هناك تداعيات مهمة على الشرق الأوسط وإفريقيا وشمال إفريقيا وإفريقيا جنوبي الصحراء الكبرى، على وجه التحديد” والتي تعاني بالفعل من انعدام الأمن الغذائي، حسب موقع “عربي بوست”.

وأشارت راينهارت، إلى أنه ” من المعروف أن انعدام الأمن الغذائي وأحداث الشغب كانا جزءاً من الربيع العربي”،مضيفة أنه من الممكن أن تؤدي الزيادات المفاجئة في أسعار الغذاء إلى اضطرابات اجتماعية مثلما حدث في 2007-2008 ثم مجددا في 2011، عندما ارتبطت أحداث شغب في أكثر من 40 دولة بارتفاع أسعار الغذاء العالمية.

ففي سوريا، ونتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا، ازدادت مخاوف المواطنين بشكل كبير خلال الأيام الماضية، من أن يحدث فقدان للمواد الأساسية، ما دفعهم إلى زيادة عمليات شراء المواد بشكل لافت، وتخزينها خوفا من انقطاعها، وفق ما تابع “الحل نت”.

وترافق ذلك مع زيادة في الأسعار، وفقدان في بعض المواد كالزيوت النباتية، حيث سبق وأن نقل “الحل نت”، عن مصدر خاص، أن الزيت الخفيف، أو ما يعرف محليا بالزيت الأوكراني، بات نادر الوجود في أسواق دمشق، منذ بداية الحرب في أوكرانيا، مشيرا إلى أن أوكرانيا كانت المصدر الأول للزيت النباتي الخفيف في سوريا، مضيفا أن الكميات المتوفرة في السوق والتي تم استيرادها في السابق تم احتكارها من قبل التجار الموردين، وإخفاؤها في المستودعات، من أجل رفع سعرها أكثر مما هو عليه الآن.

قد يهمك:ارتفاع مؤشر أسعار الغذاء.. كيف سيتأثر الخبز في سوريا؟

القمح في دائرة الخطر

تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، بتقلبات اقتصادية في مختلف الأسواق العالمية، والتي طالت كل شيء، حيث سجلت أسعار القمح ارتفاعا حادا في الأسواق العالمية، خاصة أن روسيا وأوكرانيا، تعتبران من أهم منتجي القمح حول العالم.

وقبل أيام، ارتفع سعر بوشل “مكيال للحبوب” القمح لأكثر من 5 بالمئة، أي لنحو 935 سنت أميريكي، وهو أعلى سعر تم تسجيله منذ العام 2008، حيث أدت الحرب في أوكرانيا، لفرض ضغوط مضاعفة على أسعار القمح، وأوكرانيا أيضا من أكبر منتجي القمح حول العالم، وتمثل مع روسيا معا، نحو ربع التجارة العالمية لهذه المادة، حسب ما تابع “الحل نت”.

وفي نفس السياق،قال نائب رئيس مجموعة “البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” فريد بلحاج، إن الغزو الروسي لأوكرانيا سيؤثر بشكل سلبي على اقتصادات عدة في المنطقة، منها سوريا ولبنان وتونس واليمن، مضيفا أن هذه الدول تعتمد بشكل أساسي في الحصول على وارداتها الغذائية، خاصة القمح والحبوب على أوكرانيا وروسيا، حسب تقارير صحفية.

وأضاف بلحاج، أن أسعار المواد الغذائية سترتفع بشكل لافت بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلية في قطاع الزراعة أيضا، لافتا إلى أن سوريا تستورد نحو ثلثي احتياجاتها من المواد الغذائية والنفط، في حين يكون معظم وارداتها من القمح من روسيا.

وكانت منظمة “الفاو”، قالت في تقرير نشر في 16 كانون الأول/ديسمبر الماضي، أن سوريا تمثل جزءا من مشكلة أكبر ألا وهي مشكلة انعدام الأمن الغذائي في الشرق الأوسط، حيث أكد التقرير بأن نحو ثلث السكان في منطقة الشرق الأوسط يعيشون حالة انعدام أمن غذائي، وذلك مع ارتفاع في نسبة الجوع التي وصلت إلى 91.1% خلال العقدين الأخيرين، مضيفة أن سوريا شهدت في عام 2021 أخفض نسبة لإنتاج القمح منذ خمسين سنة وذلك بسبب القحط وارتفاع أسعار المواد والظروف الاقتصادية السيئة .

إقرأ:ارتفاع أسعار القمح عالميا.. ماذا عن رغيف الخبز بسوريا؟

لا حلول سريعة في سوريا

يبحث مشترو القمح، حول العالم عن بدائل بسبب التداعيات للحرب في أوكرانيا، فيما يعرف بـ”سلة الخبز العالمية”، إضافة لإمكان حدوث انقلاب في زراعة محاصيل كالذرة، وهذا ما سيؤدي إلى امتداد فترة التأثير السلبي على إمدادات القمح.

أما في سوريا فسبق وأن قال الخبير الاقتصادي، حسن سليمان، لموقع “الحل نت”، أنه بعد الحرب الروسية الأوكرانية، ستتضاعف أزمة القمح والخبز في سوريا بشكل كبير جدا، خاصة أن روسيا تزود سوريا بمادتي القمح والشعير بأسعار تفضيلية، ومع ارتفاع الأسعار العالمي، سيلجأ التجار لبيع المادتين في السوق السوداء بدل تحويله الى دمشق، وبالتالي ومع خلو الصوامع ستدخل سوريا في أزمة حادة، تجبر التجار على رفع أسعار القمح والذرة وبالتالي ارتفاع أسعار الخبز، هذا في حال توفر المادتين، في الأصل.

وفي سبيل إيجاد بديل لذلك، أشار سليمان، إلى أنه لا بدائل سريعة يمكن للحكومة السورية اتباعها، فإنتاج القمح والحبوب إنتاج موسمي، ومعظم أراضي إنتاج القمح في الجزيرة السورية خارجة عن سيطرة الحكومة، إضافة إلى أزمة المياه وشحها في نهر الفرات، ما سيدفعها للجوء إلى شراء القمح بالأسعار العالمية، ولن تحصل على أي دعم من حلفائها وخاصة روسيا لانشغالهم أيضا بتأمين احتياجات بلادهم، وهذا ما سينعكس بشكل مخيف على المواطنين السوريين، وحتى على أعلاف الحيوانات، وربما سيكون المواطن عاجزا عن تأمين متطلباته اليومية من الخبز بالفعل.

قد يهمك:الإقبال على تخزين المواد بسوريا والفقراء يدفعون الثمن

تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، تتصاعد كما تتصاعد العمليات العسكرية، فيما يبدو أن العديد من دول العالم تتجه نحو أزمة في الأمن الغذائي، ما سيخلف اضطرابات كبيرة في المجتمع

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.