نعى العديد من الكتّاب والناشطين المدنيين السوريين رجاء بنّوت، الناشطة السورية ومؤسسة ومديرة “ملتقى حنين الثقافي”، التي اختارت الفن كبوابة لتطوير المجتمع، وأحدثت أثرا في المشهد الثقافي والفني في سوريا لا يُمحى.

وكتب السوريون على وسائل التواصل الاجتماعي، بأسى وحزن عميقين، عن الناشطة السورية، التي غادرت بهدوء صباح يوم أمس الأحد، وتنحدر، بنّوت من قرية “عيون الوادي” في مدينة حمص السورية. المولودة في سنة 1957، ونشأت في أسرة تتبنى الأفكار المعاصرة والمتحررة، حيث كان لأسرتها دور لاهتمامها بالشأن العام السوري.

من هي رجاء بنّوت؟

تخرجت بنّوت، من كلية الزراعة بدمشق عام 1980، وحصلت على درجة الماجستير في الإدارة من الجامعة العربية للعلوم والتكنولوجيا التابعة لجامعة الدول العربية.

وهي زوجة الباحث والخبير الاقتصادي سمير سعيفان، مدير مركز “حرمون للدراسات المعاصرة”، وهي أم لثلاث بنات، وناشطة في مجال العمل المجتمعي والثقافي، وعملت في مبادرات فردية تحولت إلى منظمات منذ عام 2000، بعد أن استقرت في العاصمة السورية دمشق.


وقد أسست بنّوت جمعية النهضة الفنية بدمشق عام 2006، بهدف تغيير الثقافة المجتمعية تحت شعار “يمكن للفن النهوض بالإنسان والمجتمع”.

كذلك، وقفت مع الحراك الشعبي عام 2011، وبحسب تقارير إعلامية، فإنها قد زارت معظم القرى والبلدات السورية، وتعرفت على ثقافات المجتمع السوري عن كثب، الأمر الذي أثراها من الناحية الثقافية السورية.

كما عملت ضمن مجموعات سورية على إجراء لقاءات وورشات عمل عن سوريا، ومن ثم انتقلت إلى مدينة غازي عنتاب التركية، فضلا عن أنها عملت مع  العديد من النساء السوريات في المهجر، التي طالما آمنت بأن الفن هو “الرافعة الحقيقية لتغيير المجتمع وتطوره”.

ومن خلال جهودها في إحداث التغيير المنشود، نجحت في تشكيل 3 فرق للغناء الجماعي “كورال” من كبار السن، في 3 دول، وهي سوريا وتركيا وألمانيا.وقالت بنّوت، في حديث إعلامي سابق، “كنا في سوريا دائما نحتاج إلى فرصة للتعبير عن حالنا وتقديم رؤيتنا. ولم أكن أمارس العمل السياسي، ولم أنتم إلى أي حزب سياسي، كنت دائما أفكر بعملٍ يكون مجتمعيا، ولصيقا بالناس، وبشكل خاص التربية والأطفال والنساء”، وأردفت بأنها ليست فنانة، وهذا المجال بعيد عن اختصاصها، حتى أنها ليست الشخص الذي يدرب (الكورال)، بل تتدرب كأي عضو فيه. ولكن الفن جزء من المنظومة الثقافية التي يجب أن تكون موجودة في الحياة، وفقا لحديث بنّوت.

أما عن “ملتقى حنين الثقافي” فقد تأسس في 22 شباط/فبراير 2015، قد ضم مجموعة من السيدات السوريات بأعمار مختلفة من جميع المحافظات السورية، ليمثلن طيفا واسعا من مكوناتها. يغنّين التراث السوري، ابتداء من درعا، وانتهاء بالحسكة والمدن في المحافظات الشرقية. كما يغنّين باللغات الخاصة بالمكونات السورية غير العربية، مثل الكردية والسريانية والتركمانية والأرمنية والشركسية والآشورية.

وفي أواخر عام 2016، توجهت بنّوت إلى ألمانيا وأصبحت “لاجئة” بصفة إنسانية وليس سياسية مع عائلتها المشتتة. وتقول رجاء بنّوت حول ذلك “بعد شهرين من وصولي إلى ألمانيا، كان هناك مجموعة سيدات عضوات في ملتقى حنين قدمن أيضا من غازي عنتاب، فنظمنا أنفسنا وقدمنا عرضا صغيرا بمناسبة اليوم السوري في ضواحي مدينة بون الألمانية، ومن ثم استقريت في برلين وأسست النشاط الأساسي لملتقى حنين في برلين، و”كورال” أيضا للسيدات، ووضعنا ضمن اهتمامنا التبادل الثقافي والتعامل مع المجتمع الألماني كي نوصل رسالتنا إلى المجتمع الألماني”.

قد يهمك: الرواية والثورة: من الكفر إلى البحث عمّا يستحق الإيمان

نعي وتأثر

هذا وقد ودع محبي الناشطة في المجتمع المدني السوري، رجاء بنّوت، بحزن كبير، إذ كتب زوجها، سمير سعيفان، على صفحته الشخصية على منصة “فيسبوك”، قائلا: “ودعت اليوم على غير موعد رفيقة عمري رجاء شبلي بنوت بعد رفقة 42 عاما، منتصف ليل البارحة تحدثنا وخططنا لما سنفعله في الشهور القادمة … ولكنها رحلت بهدوء، رجاء التي باتت تزرع الفرح ذهبت لتترك وراءها فراغا، اعزي أيضا بناتي الثلاث، وأعزي بقية أقربائها …. وأعزي مئات الصديقات والأصدقاء الذين عبروا عن حزنهم لفقدها، لقد تركت وراءها ذكرى طيبة في نفوس كل من عرفها”.

وأشار سعيفان، بحزن شديد إلى أمنية بنّوت، “كانت أمنيتها أن تدفن في ضيعتها عيون الوادي إلى جانب والدتها ووالدها وجدها وخالها وبقية من كانت تتذكرهم بحب دوما، ولكن…. ليس لنا إلا الانتظار”.

بينما نعاها المفكر الإسلامي السوري، محمد حبش، فكتب “خبر أليم ومحزن.. وفاة العزيزة الفاضلة رجاء بنّوت.. كانت رمزا للأسرة السورية الواحدة آمنت بالفن رسالة نبيلة، وحملت حنين السوريين وعذاباتهم وعزفت على منابر الأمم قصة السوري الشريد وحلمه بوطن جميل يعمر بالحرية والكرامة، صادق السلام والعزاء لأسرتها الكريمة وزوجها الحكيم سمير سعيفان”.

وقال الكاتب، بكر صدقي، في نعيه لصديقته، قائلا: “كانت الصديقة العزيزة رجاء بنّوت تشع بالحياة والبهجة أينما حلت، لا تعيش إلا وسط الناس، ثم رحلت وحيدة في شقتها كما علمنا، مثل سمكة ألقى بها الموج إلى اليابسة.لروحك الرحمة والسلام، ولأهلك وأسرتك ولنا أحر التعازي”.

أيضا، نعى الكاتب السوري، غسان المفلح، وكتب عبر صفحته الشخصية على منصة “فيسبوك”، “خالص العزاء لاسرتك ولاصدقائك، لروحك السلام يا رجاء بنّوت”.


وتقدم ” اللوبي النسوي السوري”، بنشر نعوى للفقيدة، رجاء بنّوت، عبر صفحتها الشخصية على منصة “فيسبوك”، “بكل أسى ينعي اللوبي النسوي السوري رحيل الناشطة النسوية و السيدة النبيلة المعطاءة رجاء بنوت والتي قدمت من خلال حياتها عموما وعملها في منظمة نسوة الكثير من العطاء والمحبة والامل .. كما قدمت رجاء مؤسسة كورال حنين من خلال الكورال فسحة للتعبير والفن ليس فقط للسيدات المهجرات قسريا من وطنهن اللواتي يشاركن في الكورال وإنما فسحة من الحنين لكل من يسمع ما يقدمه هذا الكورال بأصوات النساء من التراث والذاكرة الشعبية بكثير من الجمال يتقدم اللوبي النسوي السوري بأحر التعازي لعائلة الفقيدة وأصدقائه وكل من عرفها.. وداعا رجاء”.


بالإضافة إلى العديد من المؤسسات المدنية، منها منظمة “مساواة” ومنظمة المعنية بالمرأة، ومنظمة “تستقل” ومنظمة “سوار”، المعنيتين بالشأن المدني.

قد يهمك: تحديات تواجه المرأة السورية في سوق عمل بلاد اللجوء

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.