اجتماعات غير مسبوقة عقدت وأخرى لازالت قيد التحضير في خضم التطورات السياسية الدولية والإقليمية التي تحصل حاليا، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وبالتزامن مع قرب إتمام الاتفاق النووي الإيراني في فيينا، الأمر الذي نتج عنه عدة تحركات لعدة دول في الوطن العربي والشرق الأوسط وأبرزهم إسرائيل والإمارات.

ويبدو أن هذه الدول تتفق على مدى خطر تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة، إذا ما تم الاتفاق النووي، لذا باتت تتحرك في عدة اتجاهات، وذلك لبناء تحالفات تحد من خطر تمدد النفوذ الإيراني.

إيران المحور الرئيسي لهذه القمم!

في ظل الأحداث والمتغيرات الدولية والإقليمية، عقدت قمة ثلاثية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في منتجع شرم الشيخ في البحر الأحمر، الثلاثاء الفائت. ووصف هذا الاجتماع من قبل بعض المتابعين، على أن القمة تشكل تأسيسا جديدا لتحالف عربي-إسرائيلي، وسبل الاستفادة من الشراكة مع إسرائيل في موضوع الأمن الإقليمي في ظل غياب الالتزام الأمريكي.

ثم عُقد، أمس الجمعة، اجتماع رباعي بين العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في العقبة جنوب الأردن.

وقالت قناة “المملكة” الرسمية أن العاهل الأردني عقد الجمعة “لقاء تشاوريا” مع محمد بن زايد والسيسي والكاظمي في العقبة على البحر الأحمر. ويبدو أن هناك ملفات ضرورية ومشتركة أفضت إلى عقد هذه اللقاءات دون إعلان سابق.

وفي إطار ذلك، يرى الباحث المصري، كريم شفيق، “الاجتماعات التي جرت مؤخرا تحمل في طياتها محاولة إيجاد تكتل واصطفاف عربي لمواجهة جملة مستجدات سياسية وإقليمية وأمنية تواجه عدد من دول الإقليم، وتحديدا على خلفية التحديات التي فرضتها أو بالأحرى عكستها تداعيات الأزمة الروسية-الأوكرانية في ما يتصل بالطاقة..”.

وأردف شفيق خلال حديثه لـ “الحل نت” حول أهم الملفات التي قد نُوقشت ضمن هذه اللقاءات، “ومن بين الملفات التي تبدو ملحة سياسيا وإقليميا مؤخرا الملف السوري الذي يبحث عن انفراجة بين دول الخليج والذي يعزى في جانب منه إيجاد مناورة تكتيكية مع إيران”.

وأوضح الباحث المصري، “إيران التي تتوغل ميدانيا وسياسيا في سوريا كما في لبنان والعراق واليمن بما يفرض معضلات أمنية جمة وتطوق المنطقة التي لا تتوانى طهران عسكرتها، كما هو الحال في ممر الملاحة الدولي بمياه الخليج وتأثيراته على التجارة الدولية وبالتالي ثمة محاولات خليجية تبحث عن سبيل لتعويم حكومة دمشق وفتح ممرات لتطبيع سياسي معه”.

إلا أنه يوجد مواقف متغاير بين هذه الدول المجتمعة حول إمكانية التطبيع مع حكومة دمشق من أجل الحد من النفوذ الإيراني، ويضيف شفيق، أن “القاهرة تبدو حتى الآن متحفظة عن التعجل في إعلان أي موقف متسرع وهو ما لا يختلف عن جملة تحركاتها في الملف من خلال مواقفها الوازنة من القضية السورية منذ بدايات الأزمة وتعاملها بحرص شديد مع الوضع المتأزم سواء تجاه المعارضة أو الحكومة السورية، دون أن تتورط في أي دعم لجهة تتبنى العنف بل قدمت التسوية السياسية والديمقراطية كإطار عمل مبدأي تستوي فيه كافة الأطراف ويكون ممرا آمنا لانتقال وتداول سلمي للسلطة”، وفق تقدير الباحث المصري في الشؤون الإقليمية لـ “الحل نت”.

وبحب مراقبين، أنه خلال اللقاء الذي أجري في العقبة، قد تم حث الأردن على وقف التصعيد مع إسرائيل في موضوع القدس باعتباره التزاما معنويا وليس خيارا استراتيجيا، وإعطاء الأولوية للشراكات الاستراتيجية والتي هي الأهم في ظل هذه المجريات الدولية الحساسة.

بدوره، قال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي في بيان: إن الكاظمي بحث في العقبة مع العاهل الأردني والرئيس المصري وولي عهد أبوظبي تعزيز العمل العربي المشترك في مختلف المجالات.

وأشار البيان إلى أن اللقاء ناقش سبل التخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية في قطاعي الأمن الغذائي والطاقة، كما بحث التنسيق العالي وتوسيع التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري “بما يحقق مصالح الشعوب الشقيقة في الازدهار والتنمية”. إضافة إلى التطرق إلى الأزمات الدولية والإقليمية وتعزيز الجهود في وضع الحلول لها من أجل أمن المنطقة واستقرارها.

ويأتي القمة الرباعية في العقبة قبيل جولة يبدأها السبت القادم وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن في المنطقة، وتشمل إسرائيل والضفة الغربية والمغرب والجزائر.

قد يهمك: إسرائيل تستضيف قمة سياسية بمشاركة 3 دول عربية.. ما وراء ذلك؟

قمة دبلوماسية تاريخية!

في غضون ذلك يتم الآن التحضير لعقد لقاء يجتمع فيه وزراء خارجية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، والإمارات، والبحرين، والمغرب، في تل أبيب يومَي الأحد والاثنين القادمين.

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في تصريح مكتوب: “بدعوة من وزير الخارجية يائير لابيد، ستُعقد يومَي الأحد والإثنين المقبلين قمة دبلوماسية تاريخية في إسرائيل”.


تجدر الإشارة إلى أن كل من دولة البحرين والإمارات العربية المتحدة والمغرب من أواخر وأحدث الدول العربية التي قامت بعلاقات دبلوماسية وتطبيع مع إسرائيل. وكانت إسرائيل وقَّعت في عامي 1979 و 1994 على معاهدة سلام مع مصر والأردن.

كما أعلنت كل من إسرائيل والإمارات، في 2020، في بيان مشترك، توصلهما إلى اتفاق وصفتاه بـ ”التاريخي”؛ يؤدي إلى تطبيع كامل للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين في اتفاقٍ لعب الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب دور الوساطة فيه.

ومن ثم قامت دولة البحرين بإقامة علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل, لتكون رابع دولة عربية تطبِّع العلاقات مع إسرائيل بعد الإمارات ومصر والأردن. وبعد ذلك قامت المغرب في نهاية عام 2020, وتصبح أحدث دولة عربية تطبع علاقاتها مع إسرائيل, وكجزء من الاتفاق، وافقت الولايات المتحدة على الاعتراف بسيادة المغرب على منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها.

قد يهمك: استفزازات إسرائيلية للروس في سوريا.. هل تدهورت العلاقات؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.