كثفت واشنطن جهودها خلال الفترة الماضية لدعم وإجراء محادثات بين الأطراف المعنية بالملف السوري، بغية التوصل إلى تفاهم سياسي لإنهاء الصراع في سوريا، وبموافقة جميع الأطراف السورية.

كما أطلقت السفارة الأمريكية في دمشق الشهر الماضي حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ (#شهر_المحاسبة)، وذلك قبيل أيام من الذكرى الحادية عشرة لانطلاق الحراك الشعبي ضد الحكومة السورية في 2011، لإدانة حكومة دمشق وروسيا.

أدى ذلك إلى طرح عدة تساؤلات حول كيفية مساءلة الولايات المتحدة للرئيس السوري بشار الأسد في مثل هذا الوقت، وكذلك حدود هذه المساءلة وما هو متوقع منها، وما إذا كان الملف السوري سيشهد تغييرات كثيرة، بسبب شهر المحاسبة.

غياب مقاربة أميركية واضحة تجاه سوريا

ربما التدبير الأبرز في هذا السياق هو تغريدات السفارة الأمريكية في دمشق على حسابها الرسمي على منصة “تويتر”، يوم أمس، والتي أكدت فيها أن الرئيس السوري، بشار الأسد “لن يفلت من العقاب على جرائمه بحق الشعب السوري”، مشيرة إلى أن السياسة الأمريكية تجاهه. لم تتغير.

وأن الولايات المتحدة تدعم الآليات التي تضغط من أجل المساءلة عن الفظائع والانتهاكات في سوريا، بما في ذلك لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة وآلية الأمم المتحدة الدولية المحايدة والمستقلة بشأن سوريا، وفق السفارة الأمريكية.

وبعد انتهاء شهر المحاسبة الأميركي تجاه حكومة دمشق، في ظل غياب العقوبات الأميركية خلال هذا الشهر، وحول ما الذي ينتظر الملف السوري من قبل الإدارة الأميركية، يرى الباحث في الشؤون الأميركية والشرق أوسطية، جو معكرون، أن الموضوع السوري معلق في المدى المنظور في ظل انعكاسات الغزو الروسي لأوكرانيا على العلاقات الأميركية-الروسية، وهو كان أصلا في حالة جمود قبل هذه التطورات الأخيرة.

وحول تبعات شهر المحاسبة الأميركي، يقول الباحث في الشؤون الأميركية والشرق أوسطية، لموقع “الحل نت”، من الواضح أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تزيد الضغط في الفترة الأخيرة حول قضية محاسبة الأسد ويسهل ذلك الأمر توتر العلاقات الأميركية-الروسية، لكن أبعد من ذلك الخطاب والحملات المرافقة له لا يزال هناك غياب لمقاربة أميركية واضحة ومتماسكة تجاه سوريا.

وفي وقت سابق قال الأكاديمي والكاتب السياسي، رضوان زيادة، لموقع “الحل نت”، حول كيفية تعامل واشنطن بخصوص “شهر المحاسبة”، التي طُرحت من قبل السفارة الأمريكية بدمشق، ”في اعتقادي هي فقط “مبادرة إعلامية”، ورأت السفارة الأمريكية في سوريا أنها يمكن أن تستغل الضغط الإعلامي على روسيا بسبب حرب الأخيرة على أوكرانيا، مع التركيز على جرائم روسيا في سوريا”.

وأضافت السفارة في تغريداتها، مع الانتهاء من شهر المحاسبة، يوم أمس “خلال حملة #شهر_المحاسبة  في هذا الشهر، قمنا بدعم الأصوات السورية التي تسعى إلى تحقيق العدالة وسلطنا الضوء على الجهود الأمريكية والدولية لتعزيز المساءلة عن تجاوزات وانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في سوريا”، معتبرة أن هذه الجهود “أساسية لضمان العدالة لضحايا حكومة دمشق والجناة الآخرين”.

كان الموقف الأمريكي ولا يزال من الحكومة السورية بأنها “فقدت شرعيتها”، وتؤكد واشنطن مرارا أن “سياستنا تجاه الرئيس السوري بشار الأسد لم تتغير”، إذ ذبح شعبه، وانخرط أيضا في أعمال عنف جعلته يفقد شرعيته تماما، ولم يفعل أي شيء لاستعادة تلك الشرعية التي فقدها منذ زمن طويل”.

كما تقول الإدارة الأمريكية إنها “لا تهدف إلى إسقاط حكومة دمشق، وإنما تغيير سلوكها”، كذلك، تعتزم واشنطن خلال الفترة المقبلة بإصدار قرار رسمي حول رفع العقوبات “قانون قيصر” عن سوريا، باستثناء مناطق “هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) وعفرين، إضافة إلى مناطق الحكومة السورية.

قد يهمك: شهر المحاسبة الأميركية في دمشق.. ما وراء ذلك؟

واشنطن تدعم الملف السوري!

وزارة الخارجية الأمريكية نشرت مطلع شهر آذار/مارس الفائت، بيانا مشتركا أشارت فيه لاجتماع تم بين مبعوثين من 11 دولة ومنظمتين إقليميتين، للتباحث في إيجاد حل للأزمة السورية.

وجاء في بيان الوزارة، “اجتمع ممثلو جامعة الدول العربية ومصر والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا والعراق والأردن والنرويج وقطر والمملكة العربية السعودية وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة في واشنطن العاصمة بتاريخ 3 آذار/مارس الفائت، لمناقشة الأزمة المستمرة في سوريا”.

وأكد بيان وزارة الخارجية الأمريكية وقتذاك، بالقول “لا نزال ملتزمين بالسعي من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية وفقا لقرار مجلس الأمن 2254 الذي يحمي حقوق وكرامة جميع السوريين”، بحسب البيان.

وفي غضون ذلك، وحول مدى أهمية هذا الاجتماع وكيفية تعامل واشنطن مع الملف السوري خلال الفترة المقبلة، قال الأكاديمي والكاتب السياسي، وأستاذ في جامعة “جورج واشنطن” في واشنطن، رضوان زيادة، وقتذاك لموقع “الحل نت”، “لا يوجد أي جديد أبدا في الساحة السورية، ولا أرى في الحقيقة أي مبرر لهذا الاجتماع ذاته، سوى “التحريك الإعلامي””.

واختتم رضوان زيادة في حديثه مع “الحل نت” آنذاك، بالإضافة إلى ذلك، لم يطرح هذا الاجتماع أي مبادرة جديدة أو أفكار جديدة تذكر، فكل ما فعله هو تثمين الجهود القائمة، والتي فشلت أو وصلت على الأقل إلى طريق مسدود، وخاصة مفاوضات “جنيف” ومبادرات المبعوث الأممي لسوريا، غير بيدرسن، وفق تعبيره.

قد يهمك: اجتماع واشنطن: ترحيب دولي بسياسة جديدة في سوريا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.