قد يكون السوريون متحيزون لأطباقهم، لكن لا يوجد شيء أكثر شهية من طاولة غرفة طعام كاملة تنضح برائحة النكهات التي تعود لقرون. فليس من المستغرب، بسبب الثقافة القديمة للبلاد وتأثير الإمبراطوريات التي احتلتها عبر التاريخ، أن المطبخ السوري يميل إلى أن يكون له العديد من اللمسات المتماسكة من صفات البحر الأبيض المتوسط. إلا أن هذه الصورة قد احتفت تماما عن موائد السوريين في رمضان.

ذكرى مذاقات الماضي

لكل طبق في رمضان – سواء كان إفطارا أو سحورا – قصته الخاصة، فيوضح محمد أبو زرد، أن الطعام السوري، مثل الطعام اليوناني والأرمني، والتركي، وكل هذه لها تأثير على بعضها البعض.

وقالت امرأة أخرى أم لخمسة أولاد، إن تكلفة الطبخة اليوم تصل إلى 100 ألف ليرة سورية، مؤكدة أن الغلاء غير عادات أهالي حلب.#الشرق_سوريا

— الشرق للأخبار – سوريا (@AsharqNewsSYR) April 2, 2022

أبو زرد، الذي شارك “الحل نت”، ثاني طبق إفطار له ولعائلته، استعد منذ الصباح لتحضيره، فبدأ بالذهاب إلى صالة التجارة السورية، ليشتري البرغل، إلا أن طوابير الانتظار لم تساعده على دخول أبوابها، فحسب قوله، “بدك يومين لتوصل للباب”.

ونتيجة لذلك، حمل نفسه وتوجه نحو السوق المحلية، ليفاجئ أن كيلو البرغل الذي يباع في الصالات الحكومية بـ4 آلاف ليرة سورية، ورغم تصريحات الحكومة بوصول 10 آلاف طن، إلا أن تجار الأسواق رفعوا سعره إلى 5200 ليرة منذ يوم أمس فقط.

ونظرا وبحسب أبو زرد، لأن الطبخة التي ينتوي الفطور عليها اليوم، مهمة جدا له ولعائلته، فهي تذكره بأيام طفولته في حلب، أصر على إكمال الشراء، ليتوجه سوق الدجاج بدلا من سوق اللحامين، إذ اشترى حوالي 2 كيلو من “نتر الفروج” – فرم بقايا الدجاج وفضلاته وطحن العظام والغضاريف وخلطها مع اللحوم وتحويلها إلى كباب.

ويبيّن أبو زرد، أن ذكريات الماضي، مع أهله ولا سيما في رمضان، تعتصر المرارة في فمه، فحتى الآن وخلال يومه الثاني، بلغت تكلفة إفطارين لعائلته التي لا تتجاوز 5 أشخاص، حوالي 60 ألف ليرة، في حين هو يتقاضى 105 آلاف ليرة سورية من عمله في الخشب.

للقراءة أو الاستماع: طبخة دمشقية في أول رمضان بربع راتب الموظف

اختفاء ثقافة الطعام الدسم في سوريا

بالنسبة للسوريين حاليا، يعتبر الطعام أكثر من مجرد مصدر رزق. إنه تذكير بالثقافة الغنية والمتنوعة التي دمرتها الحرب، ويذكر أبو زرد، أنه ربما يكون الجزء الأكثر تكاملا في أي فطور سوري هو تنوع الأصناف على السفرة. إلا أنها باتت محظورة على كثير من العائلات.

وبالعودة لطبق عائلة أبو زرد، فيقول، “لدى كل شخص في سوريا طريقة مختلفة لتحضير الكبة السورية، وجميع السوريين في شتى المحافظات يريدون أن تكون طريقتهم الأفضل وخصوصا في رمضان. ولكن نحن وبسبب الأسعار الغالية، سنصنع الكبة بقرص كبير مفلطح محشو بنتر الفروج ويشوى على الفحم. لأن القلي بالزيت أصبح من الماضي”.

كانت المهمة الأولى لزوجته في ثاني أيام رمضان، هي صنع الكبة السورية، والتي عادة ما تكون مملوءة بلحم الضأن المفروم. فالكبة هي طبق موجود في جميع أنحاء الشرق الأوسط، إلا إن سوريا تشتهر بتنوع طبها بين المشوي، والمقلي ومطبوخة داخل اللبن، وغيرها من الأنواع.

يعتبر الطعام جزءا مهما بشكل خاص من الهوية الوطنية، إلا إن تحضيره حاليا في سوريا ولا سيما على العوائل ذات الدخل المنخفض بات من المستحيل. فيصف أبو زرد، أن تحضير الكبة المقلية على أصولها، يحتاج إلى 100 ألف ليرة سورية، والوجبة لا تكفي 5 أشخاص. ولذا بات من المحظور وجود الأطباق الدسمة على المائدة السورية.

للقراءة أو الاستماع: المنسف الحوراني خارج حسابات أهالي درعا في رمضان

الكبة السورية المقلية في 60 دقيقة

لعجينة الكبة السورية في رمضان، والتي تكفي لأربعة أشخاص. يجب تحضير ما مقداره 500 غرام برغل، وكوب ماء، وبصلة صغير، وقشر ليمونة واحدة، ونعناع طازج. بالإضافة إلى ملح وفلفل أسود، 300 غرام من اللحم المفروم.

ولتحضير الحشوة، يجب تحضير زيت نباتي، وبصلة مفرومة، وجوز مفروم، وفلفل أبيض. ويضاف لها الزنجبيل المطحون، والفلفل الأسود والملح.

وفي البداية، ينقع البرغل بماء بارد لمدة 30 دقيقة.ثم يضاف البصل وقشر الليمون والنعنع والملح والفلفل الأسود إلى البرغل. ويفرم بالفرامة الكهربائية لمرة واحدة. ثم يضاف اللحم إلى الخليط، ونضيف القليل من الماء لتسهيل عملية الفرم. ثم يدعك قليلا باليدين.

وعلى قدر آخر، يتم تسخين الزيت في مقلاة ويطهى فيه البصل حتى يذبل. ثم يضاف اللحم ويقلب لمدة 5 دقائق. ويضاف له الملح والفلفل الأبيض والفلفل الأسود والزنجبيل. وبعد رفع اللحم عن النار، ونضيف الجوز مع التحريك ونضع الخليط جانبا حتى يبرد.

وبعد حشو الكبة باللحم، يتم قلي كرات الكبة في الزيت النباتي بحيث يغمرها على الدرجة 240 مئوية، وتقلب بلطف حتى يتم الحصول على اللون الذهبي المقرمش.

وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية، إلا أنه في المنازل السورية، تعكس الاختلافات وكمية الأطباق عادة كرم ضيافة المضيفين. وبالنسبة للعديد من العوائل في رمضان، كلما دخل صديق أو غريب إلى المنزل، فإن تقديم مائدة ملونة من وصفات الإفطار المفضلة يشير إلى الحب الذي وضع فيه. وبالنسبة للسوريين، عندما يتعلق الأمر بخدمة الضيوف، فالكرم هو السائد.

للقراءة أو الاستماع: وصفات رمضان 2: سمبوسك