مع تنامي ظاهرة التضييق على اللاجئين السوريين في تركيا، يبدو أن أنقرة بدأت بإنهاء سياسة غض الطرف عن إقامة السوريين على أراضيها شيئا فشيئا، لا سيما مع تعقيد عمليات الإقامة القانونية، وتصاعد وتيرة ترحيل السوريين لأسباب لم تكن موجودة من قبل. ما أثار التساؤلات حول الأسباب الحقيقية للحكومة التركية من إجراءات تقوم بها لم يسبق حدوثها خلال السنوات الماضية.

أولى محطات هذه السياسة بدأت بين عامي 2015 و2016، عندما فرض “إذن السفر” على السوريين الراغبين بالتنقل بين الولايات التركية، من حاملي بطاقة الحماية المؤقتة (الكيمليك).

وتوالت بعدها القرارات الحكومية، التي من شأنها التضييق على اللاجئين السوريين، وأصدرت أنقرة العديد من القوانين والقيود على السوريين حاملي بطاقة الحماية، ومؤخرا لاحقت سياسة التضييق حاملي الإقامات السياحية في البلاد.

قد يهمك: اللاذقية.. مبادرة لخفض “كشفيات” الأطباء في رمضان

عرقلة تجديد الإقامات

منذ أسابيع يعاني السوريون من تعقيدات حول تجديد إقاماتهم، فيما أكد مختصون في الشؤون التركية، أن السلطات رفضت تجديد الإقامات  لمن تبين أنه غير مقيم في تركيا فعليا وأن مغادرته لها تجاوزت مامجموعه 120 يوم سنويا.

وبحسب ما أكده المختصون فإن هذا الإجراء هو قانوني مئة بالمئة، لكن السلطات كانت تغض الطرف عندما يكون حامل الإقامة سوري الجنسية، وبأن إعادة التشديد على تفعيل هذا القانون هو قرار تركي على ما يبدو بنهاية سياسة غض الطرف التركية على إقامة السوريين.

ويرى الحقوقي المهتم بقضايا اللاجئين السوريين في تركيا طه الغازي، أن سياسة التضييق على السوريين وعلى الوجود الأجنبي في تركيا، مرتبطة بعدة عوامل أهمها اقتراب الفترة الانتخابية والأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد مؤخرا.

ويقول الغازي في حديثه لـ“الحل نت“: “هذا الأمر متعلق باقتراب الفترة الانتخابية عام 2023، الشارع التركي بات أكثر احتقانا إزاء الوجود الأجنبي في تركيا. الحكومة التركية تسير وفق منهجية الحد من الوجود الأجنبي في البلاد، بسبب ضغط الشارع التركي“.

ويؤكد الغازي أن التجاذبات الانتخابية في تركيا، أثرت بشكل مباشر على وضع اللاجئين في تركيا، ويضيف: “التجاذبات الانتخابية كان لها دور، اليوم اللاجئ السوري بات بين مطرقة خطاب الكراهية والعنصرية، والوعود بترحيل السوريين وإعادتهم إلى بلادهم، من قبل بعض أطراف المعارضة،  وسندان إجراءات الحكومة. حتى التيار الحاكم بدأ يتعمد إصدار قرارات وسياسة ترحيل السوريين إلى بلادهم أمام الشعب التركي، وذلك لكسب الحاضنة الشعبية“.

أسباب اقتصادية

كذلك يؤكد الحقوقي الغازي أن لتركيا “دوافع اقتصادية تؤثر على طريقة تعاطيها مع ملف اللاجئين. فالتضخم الكبير بالسوق التركي أثر على طبيعة القرارات الحكومية المتعلقة بالوجود الأجنبي والسوري“.

وختم الغازي حديثه بالقول: “بالنهاية الحكومة تتجه الآن للتضييق على اللاجئين لا سيما في هذه الفترة. الغاية منها إرسال رسالة للشارع التركي مفادها أن تيار الحكومة بات مدرك لمطالب الشارع التركي، بعدم وجود كتلة من المجتمع الأجنبي داخل تركيا بكثافة، وتقليل الوجود الأجنبي على كافة الأصعدة“.

ومع بداية عام 2022، واجه السوريون في تركيا العديد من الإجراءات التي فرضتها السلطات التركية عليهم والتي أدت في بعضها إلى إيقاف قيود وثائق “الكيملك” التي يحملونها ما جعل قسم منهم معرضين لخطر الترحيل إن تم ضبطهم من إحدى دوريات الشرطة.

ووفق ما رصد “الحل نت”، فقد بلغ عدد المرحلين السوريين من تركيا منذ بداية عام 2022 قرابة 5449 لاجئا سوريا عبر معبري باب الهوى والسلامة فقط.

أعداد السوريين المرحلين من تركيا 2022

هذا ويتعرض عشرات السوريين في تركيا بشكل يومي للترحيل من قبل السلطات التركية لأسباب عدة، كالدخول إلى تركيا بشكل غير قانوني أو بسبب إبطال وثائق “الكيملك” التي يحملونها، أو إجبارهم للتوقيع على أوراق العودة الطوعية في مراكز احتجاز الأجانب أو أسباب أخرى.

ورغم أن الأرقام الواردة قد لا تعكس أعداد المرحلين بشكل إجمالي، حيث أن هناك معابر لا تعلن بانتظام عن أعداد السوريين المرحلين من تركيا إلا أنها شملت ما يقارب 5449 لاجئا سوريا من معبري باب السلامة وباب الهوى.

وحسب ما رصده مراسل “الحل نت” في تركيا، فقد تم ترحيل ما يقارب 3856 لاجئا سوريا منذ بداية العام الحالي عبر معبر باب الهوى، ففي كانون الثاني/يناير تم ترحيل 1139 لاجئا وفي شباط/فبراير تم ترحيل 1396 لاجئا بينما في آذار/مارس تم ترحيل 1321 لاجئا سوريا.

وفيما يخص معبر باب السلامة، فقد توزعت الأرقام بين المرحلين بسبب دخولهم تركيا بشكل غير قانوني والعائدين طوعا حسب ما أعلن عنه المعبر، ووصلت الأرقام إلى 1593 لاجئا سوريا منذ بداية عام 2022.

وتوزعت الأرقام على الشكل الآتي: 446 لاجئا سوريا في كانون الثاني/يناير و495 لاجئا في شباط/فبراير و652 لاجئا في آذار/مارس.

ووفق الأرقام، فقد شهدت حالات الترحيل وأولئك الذين وقعوا على أوراق “العودة الطوعية” ارتفاعا طفيفا في شهر شباط/فبراير الماضي.

قد يهمك: أكثر من 200 مليون دولار.. قيمة حوالات السوريين في رمضان

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.