أدى الارتفاع الأخير في الأسعار، خاصة منذ بداية شهر رمضان، وفشل الحكومة في الاستجابة لهذا الارتفاع، سواء بالتدخل ودعم الإنتاج المحلي أو برفع رواتب الموظفين وما في ذلك، إلى موجة من النقاش والأحاديث من قبل الشارع السوري على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أيام قليلة، حول إمكانية مقاطعة البضائع بشكل كامل، من أجل خفض أسعارها، ودعم البعض أحاديثهم بنموذج مقاطعة البيض الشهير الذي أدى إلى نتائج كبيرة في الأرجنتين، وساق آخرون أمثلة وأسبابا تؤكد فشل مثل هذه الفكرة في سوريا.

مقاطعة البضائع “غير مجدية”

نشرت صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الأربعاء، تقريرا تحدثت فيه عن مدى إمكانية نجاح فكرة مقاطعة السلع في خفض أسعارها. ونقلت عن الخبير الاقتصادي شادي أحمد، الذي أيّد فكرة أن مقاطعة مادة ما تؤدي إلى انخفاض الطلب عليها وبالتالي انخفاض أسعارها. لكنه أوضح أن مثل هذه القاعدة قد تصلح مع مادة مثل اللحوم أو غيرها من المواد التي يمكن الاستغناء عنها لفترة من الزمن فقط.

وأوضح أحمد، بأن مقاطعة البضائع لا تنجح لعدة أسباب، أولها يتعلق بفكرة المقاطعة بشكل عام، إذ لا يوجد لدينا قنوات رسمية أو أهلية تنظم سلوك المستهلك في سوريا، أما بالنسبة لجمعية حماية المستهلك في سوريا، فإننا لم نسمع ولم نر منها أي عمل حقيقي ضمن الأسواق، أو يخص تثقيف وتوعية الناس بحقوقهم وواجباتهم، بل على العكس، نسمع منهم في بعض الأحيان تصريحات تبرر ارتفاع الأسعار، وفق تعبير للصحيفة المحلية.

وأكد الخبير الاقتصادي على أن “المقاطعة ليست حلا، لأن التخفيض – إن حصل – سيكون مؤقتا، ثم ستعود السلعة للارتفاع”.

وبحسب رأي الخبير الاقتصادي الذي تحدث للصحيفة المحلية حول الحلول التي يمكن أن تخفض الأسعار، قال: “أهم شيء للوصول إلى نتائج مرضية للمستهلك هو تنظيم الأسواق والتحكم في الأسعار. ولحد الآن ما تزال الأسواق المركزية (سوق الهال) هي التي تتحكم في الأسعار ولا أحد آخر “.

وهذه الأسواق يتحكم فيها ما يعرف بـ “كوميسونجي” الذي يقرر سعر السلعة دون النظر إلى النشرة الإرشادية للأسعار، وعلى الحكومة أن تفتح الأسواق التي تخلق القدرة التنافسية وتؤدي إلى انخفاض الأسعار.

قد يهمك: ألبسة “ستوك” تملىء الأسواق السورية

دور الحكومة في خفض الأسعار

عمليا، لم تكن جمعية حماية المستهلك قادرة على أداء الأدوار المطلوبة منها ، لذا اقتصر نشاطها الأساسي على متابعة الأسعار في دور مماثل لدور الوزارة وليس أكثر من ذلك.

من جانبه، قال رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق عبد العزيز المعقالي لصحيفة “الوطن”، حيث “لم ينفِ فيه إمكانية نجاح مقاطعة البضائع بتخفيض أسعارها، لكن بعد توافر شروط حدوثها، لأنها تحتاج أولا إلى خلق ثقافة المقاطعة عند المستهلك، وهذا يحتاج إلى تركيز من وسائل الإعلام على الأمر، إذ إن استجابة 5 أو 10 بالمئة من المجتمع لن تؤثر في السلعة، ونحتاج بالحد الأدنى 25 أو 30 بالمئة للمقاطعة”.

إن مقاطعة البضائع ولفترة طويلة لن يجدي نفعا، ولا يستطيع المواطنون تحمله، فبعض المواد الغذائية ضرورية ولا يمكن لأحد الاستغناء عنها. وبطبيعة الحال بات السوريون يشترون فقط المواد والسلع الأساسية، وقد استغنوا عن الكثير من المواد الغذائية وغيرها من المواد بسبب انخفاض الدخل الشهري.

لذلك إذا لم تتدخل الحكومة السورية فعليا، سواء على صعيد دعم الإنتاج المحلي والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وكبح جماح “تجار الأزمة” من الاحتكار والاستغلال، إضافة إلى رفع مستوى رواتب الموظفين، لأن الأسعار في سوريا ليست أغلى ثمنا من دول الجوار الأخرى حقيقة، لذا فالمعضلة الأساسية تكّمن في ضعف دخل المواطن السوري، الذي لا يتجاوز راتبه الشهري 45 دولارا، فمن غير المنطقي أن تأتي البضائع بأسعار مرتفعة من خارج سوريا وتباع في نهاية المطاف بسعر أقل.

وكان مركز “قاسيون” للأبحاث بدمشق، أشار في وقت سابق إلى أن متوسط تكاليف المعيشة للأسرة السورية قفز في شهر رمضان إلى 2.8 مليون ليرة سورية، ويعتمد “قاسيون” لحساب الحد الأدنى لتكاليف المعيشة على سلة الغذاء الضروري وفق ما صاغها مؤتمر الإبداع والاعتماد على الذات للاتحاد العام لنقابات العمال في سوريا، والتي يحصل من خلالها المواطن المنتج على السعرات الحرارية التي تكفل له الحياة وإعادة إنتاج قوة عمله من جديد.

وأوضح المركز السوري أن تكاليف الغذاء تمثل 60 بالمئة من مجموع الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة، بينما تمثل الـ40 بالمئة الباقية الحاجات الضرورية الأخرى للأسرة (تكاليف سكن، ومواصلات، وتعليم، ولباس، وصحة، وأدوات منزلية، واتصالات… وغيرها).

قد يهمك: أسعار خيالية ومعاملة سيئة في مطاعم دمشق

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.