“بطلوع الروح”، مسلسل تلفزيوني مصري يواجه حملة إدانة من قبل إسلاميين متشددين بدعوى أن العمل “يسيء إلى الإسلام”، وفق ادعائهم، ما دفعهم للدعوة إلى مقاطعة العمل الدرامي الذي لاقى اهتماما كبيرا ونسبة مشاهدات عالية وإشادة من قبل جمهور الدراما.

وتدور أحداث القصة حول امرأة مصرية اسمها “روح” استدرجها زوجها إلى الانضمام إلى “داعش”، لتجد نفسها بمواجهة حياة جديدة معقدة، لتمتد إلى تفاصيل هدفها مواجهة نشاط وتطرف التنظيم الإرهابي.

إلى جانب إلهام شاهين، يشارك في العمل، كل من: منة شلبي وأحمد السعدني ومحمد حاتم وأيمن عزب وديامان بوعبود وعادل كرم، وهو من تأليف الكاتب المصري محمد هشام عبية وإخراج كاملة أبوذكري.

أقرأ/ي المزيد: سرقت الأضواء في دراما العراق: من هي براء الزبيدي؟

فكرة المسلسل

يسعى العمل إلى تسليط الضوء على قيادات وعناصر “داعش” من النساء والرجال من حيث تركيبتهم كبشر عاديين بعيدا عن فكرة أنهم “خارقين”، ودور رغباتهم وغرائزهم التي قد تكون فاعلا من فواعل انضمامهم إلى التنظيم والانخراط في الأعمال الدموية لأسباب شخصية بعيدة في أحيان عن الدوافع العقائدية.

كما حاول مؤلف العمل محمد هشام عبية تسليط الضوء على العوامل النفسية التي تدفع الأشخاص إلى الانضمام إلى “داعش”، وذلك من حيث التركيز على خلفياتهم الدينية والاجتماعية، بمنظور مختلف يتطرق من خلاله إلى الأسباب التي تدفع مواطنا يعيش في أوروبا كان قد حصل على تعليمه من جامعة عالمية، أو غيره من الشباب العرب ذوي التحصيل الدراسي الجيد والوضع المادي الجيد إلى ترك الحياة خلفهم والذهاب للعيش في ظل جماعة دموية.

ويسلط المسلسل الضوء على كيفية تجنيد أشخاص لا يمكن تصور أنهم قد يكونون متطرفين يوما ما، وهذا لا يحدث فقط في أوروبا، لكن في بلدان عربية كثيرة، مثل حالات جرى تجنيدها بينها أشخاص ينتمون إلى طبقة اجتماعية مرفهة قتلوا بعد انضمامهم لداعش.

ويأتي ذلك، من خلال شخصية”عمر” التي جسدها أحمد السعدني، فهو نموذج للشخص الذي ينتمي إلى بيئة بسيطة ويعاني من مستوى اقتصادي متدن، لكنه مجتهد وتحصل على منحة للالتحاق بالجامعة الأميركية، حيث عمر بدا ذكيا ويتمتع بقدرات ومهارات جيدة فوجد نفسه أقرب إلى التنظيمات الدينية التي لا تظهر تطرفها في البداية، ومعها يلقى التقدير وفرصة الصعود سريعا.

ويعوض عمر بانتمائه إلى التنظيمات الدينية جزءا من شعوره بالنقص حتى تأتي لحظة يشعر فيها أن وجوده في جماعة دينية لا تمارس العنف ليس كافيا، بينما هو مملوء بالغضب ضد المجتمع الذي يتعامل معه بقدر من الاستهانة فيقرر إطلاق الرصاص على هذا المجتمع، وينزح مع النازحين ليستقر به المطاف في حضن تنظيم داعش.

أقرأ/ي المزيد: “الدولة العميقة”.. دراما عراقية تحاول تجسيد الواقع السياسي

على ماذا استندت القصة؟

وفي السياق، قال مؤلف العمل في تصريحات صحفية أنه وجد “هذه النوعية من الأشخاص مع ظروف جرت خلال الفترة بين عامي 2011 و2013، والتي حفزت تفاعلاتها السياسية أشخاصا غاضبين على المجتمع للإقدام على حمل السلاح، وتوافر ظرف شخصي مع آخر عام فانجرف البعض في مجال التطرف”.

جاءت بطولة المسلسل نسائية، فبجانب إلهام شاهين، هناك منة شلبي في دور “روح” الشخصية التي جسدتها باقتدار وتلقائية، وعبر المؤلف عن مشاعر البطلة وانفعالاتها بشكل عميق، قائلا: “غالبية الأفكار الدرامية التي تراودني أجد بداخلي ميلا طبيعيا أن يكون البطل امرأة، ولا أجد صعوبة في التعبير عن مشاعرها، فقد تجاوزت الأربعين عاما، والتقيت بسيدات، بينهن الأم والابنة والحبيبة والصديقة وزميلة العمل، ورأيتهن في مواقف مختلفة فأصبحت أمتلك تصورات لردود الأفعال في مواقف متعددة”.

وأضاف “وجود المرأة في لحظات فنية صعبة يقوي اللحظة الدرامية أكثر من الرجل، وهذا لا يعني أنني سوف أكتب طوال الوقت لبطلة امرأة لكن حتى الآن أكتب ما أحب أن أشاهده وأشعر به”.

وأشار إلى أن منة شلبي أضافت جزءا إنسانيا على الشخصية من مخزونها وخبراتها الفنية العالية، “قلت لها إنها تفوقت على تصوري للشخصية المكتوبة، وأعتقد أن ذلك يعود إلى كونها قريبة من شخصية روح بشكل ما، ووضعت نفسها في موضعها، لذا خرج التمثيل صادقا وواقعيا”.

أقرأ/ي المزيد: يغلبها الحُب.. جردة لمسلسلات الدراما العراقية في رمضان

حملة مضادة

أثار المسلسل الجدل قبل عرضه وعقب طرح إعلانه الترويجي، والذي تظهر فيه الفنانة إلهام شاهين وهي ترتدي ملابس امرأة داعشية، وتجسد في العمل شخصية “أم جهاد”، زعيمة “داعش” النسائية.

حيث شن متشددون حملة تنديد واسعة ضد العمل، معتبرين إياه “إساءة إلى الإسلام”، وهذا ما عده المؤلف غير منطقي.

وربما أن سبب الهجوم الذي تعرض له مسلسل “بطلوع الروح”، الذي لم يكن غرضه الدخول في جدل ديني بقدر ما يقدمه من رؤية درامية بمنظور إنساني بحت، هو نتيجة خصومة بعض الأشخاص الذين ينتمون إلى جماعات دينية مع إلهام شاهين على اعتبارها مدافعة عن الفكر التنويري، بحسب المؤلف عبية.

الجديد والمختلف في العمل الدرامي المصري، الذي ابتعد بسرديته، بحسب المؤلف، عن السردية النمطية للسبايا وجهاد النكاح، واهتمامه بقضية تجنيد العناصر، بأنه سيكون العمل العربي الأول الذي يتناول معركة “الرقة” الأخيرة التي دارت رحاها بين القوات الكردية السورية وقوات التحالف الدولي لمحاربة داعش من جهة، وقوات تنظيم “داعش” الإرهابي من جهة أخرى، عندما دخلوا وطردوا “داعش” من الرقة، وهو يظهر للمرة الأولى على الشاشة العربية ضمن عمل درامي، وفق قوله.

في حين تسبب العمل، بتعرض فريق العمل إلى أخطار وتهديدات خلال التصوير، آخرها خطف صادق روللي المدير المالي في الشركة المنتجة “سيدرز أرت – الصباح إخوان” من قبل مسلحين في بعلبك بلبنان قبل أيام، حيث وقع الحادث بعد يوم تصوير بينما كان فريق العمل عائدا للإقامة فاعترضه مسلحون وجرى خطفه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.