مع أن الحكومة السورية لم تصغ للمختصين في مجال الاقتصاد داخل دمشق، إلا إنهم يؤكدون مرارا وتكرارا على أن الحل الوحيد أمام المؤسسات السورية هو الاعتراف بسعر صرف الليرة الحقيقي أمام الدولار، دون الاكتراث للتقارير التي يقدمها البنك المركزي السوري، والتي لم تعالج التضخم داخل البلاد على مدى السنوات السابقة.

الحكومة لا تركز على الإنتاج

لأن سعر الفائدة الحالي لا يغطي مخاطر التضخم، صرح الدكتور علي كنعان، الأستاذ والباحث الاقتصادي والمدير العام السابق للبنك الصناعي، أنه نظرا لارتفاع معدلات التضخم، يجب أن يرتفع سعر الفائدة تدريجيا إلى أكثر من 11 بالمئة، حتى يستقر السعر من أجل تشجيع الإيداع والإقراض.

وفي مقابلة مع راديو “ميلودي” المحلي، قال كنعان، إن التحويلات أفضل من الوقود لأنها بلا تكلفة، وأنه عندما تصل 100 دولار أو 1000 دولار إلى سوريا، وهو مبلغ شبه مجاني لاقتصاد الوطن يستطيع أن يستورد به السلع والمواد اللازمة كونه أتى من مصادر خارجية.

ووفقا لحديث كنعان، فإن على الحكومة أن تشجع وترفع سعر الحوالات بعدة طرق، فهي تحصل على قطع أجنبية بدون تكلفة، ويتم تصريف سعرها بالليرة السورية محليا، كما يجب أن تشجع أصحاب الحوالات على إدخال هذه المبالغ إلى البلاد، مما يمكّن الحكومة من تمويل الواردات.

ويدعي كنعان أن الحكومة السورية كانت تتجاهل عملية الإنتاج خلال العامين الماضيين، بدليل أنها ثبتت سعر الصرف، وبالتالي كيف سيزداد الطلب، علما أن تثبيت السعر بحاجة إلى زيادة في الأجور ولكن العكس حدث فأصبح ارتفاع الأسعار السمة الحالية للبلاد.

ومضى كنعان يقول إنه عند اتخاذ قرارات إدارية لأهم أدوات السياسة النقدية، فإنها تدخل في حالة انكماشية من شأنها أن تؤدي إلى انخفاض مستوى الإنتاج والبطالة والاعتماد على الواردات بدلا من الصادرات. مؤكدا أن زيادة الأجور ليست سببا للتضخم بل هي إجراء تعويضي عن نقص الطلب. 

للقراءة أو الاستماع: طبخة دمشقية في أول رمضان بربع راتب الموظف

التضخم يلقي بظلاله على الأسعار

حمل العام الجديد عدة تغييرات في أرقام الاقتصاد السوري، والتي اتجهت للانحدار بمقابل اتجاه الأسعار لقفزات مضاعفة لا يمكن التوقع إلى أين ستتجه بعد ذلك وكيف ومتى سيتم ضبطها. فالعام الحالي لن يختلف عن سابقه، فمع ارتفاع الأسعار في سوريا، سيكون على المدنيين الاعتبار بأن التطمينات الحكومية لا جدوى منها.

ارتفعت المستويات العامة للأسعار فزاد متوسط تكلفة المعيشة بنسب تتراوح بين 40 بالمئة، وحتى 70 بالمئة، خلال العام 2021، ما يدفع للتساؤل حول مصير الارتفاع المضطرد لأسعار المواد الغذائية وسلع الاستهلاك اليومي.

ارتفعت أسعار الأغذية الأساسية وسلع الاستهلاك اليومي في الأسواق السورية خلال العام الماضي بشكل كبير، وسجلت ارتفاعا متزايدا منذ مطلع الشهر الجاري حتى زادت نسبة الارتفاع مؤخرا بشكل فاق كل تقديرات المحللين الاقتصاديين.

وبحسب حديث سابق لخبراء اقتصاديين، لـ”الحل نت”، فإن استقرار الليرة الحالي هو نتيجة الحالة الأمنية والضغط التي تفرضه حكومة دمشق على كل من يتعامل بغير الليرة السورية، إلا أن سعرها لا يتوافق مع قيمتها الفعلية.

وأشار الخبراء، إلى أن حصول ضخ هائل للعملة من أجل تعويض رقم الموازنة العالي للسنة المالية 2022 هو الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار. فبعد أن كانت الموازنة العامة للسنة المالية 2021 8.5 تريليون ليرة سورية، أصبحت للسنة الحالية 13 تريليون ليرة. وهذا الفرق بين السنتين وفي ظل عدم وجود موارد للدولة فإن مؤسساتها ستُجبر الفارق من جيوب المواطنين.

والجدير ذكره، أن سوريا تحتل المرتبة 101 على مؤشر الأمن الغذائي، حيث وجاء ذلك في تقرير لمجلة “إيكونوميست” البريطانية، الصادر في 25 من شباط/فبراير الماضي. فيما كانت ارتفعت أسعار السلع بنسبة 107 بالمئة في مناطق سيطرة حكومة دمشق منتصف عام 2020، كما تضاعفت في نهاية العام الفائت.

بينما قدر “برنامج الأغذية العالمي”، أن حوالي 60 بالمئة من السوريين يعانون حاليا من انعدام الأمن الغذائي. وأن ما لا يقل عن 4 ملايين شخص على وشك المجاعة في سوريا بسبب النقص المزمن في الحصول على الغذاء.

للقراءة أو الاستماع: اللحوم الحمراء تفوق طاقة الميسورين في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.