بعدما أفاد تقرير صحفي تركي، بوجود فرصة جديدة لتطبيع العلاقات بين الحكومة التركية الحالية وحكومة دمشق، تتزايد التساؤلات حول احتمالات تلك الفرصة والأسباب المسوغة لذلك.

وبحسب التقرير الذي نشرته صحيفة “حرييت” فإنّ المحادثات التي جرت بين روسيا وأوكرانيا ولعبت فيها تركيا دور الوسيط، ستخلق فرصة جديدة لإنشاء علاقات بين دمشق وأنقرة.

وكشف التقرير أن مناقشات دارت في أنقرة بهدف تهيئة مشروع يتكون من ثلاثة محاور مهمة يمكن بحثها مع حكومة دمشق. كما اعتبر التقرير أن سياسة التوازن التي تتبعها تركيا مع العديد من البلدان تُساهم في حل العديد من مشكلاتها الخارجية العالقة، ويمكن أن تفتح أبوابا جديدة مع سوريا.

مصادر تركية ذكرت أن الوضع الحالي قد يفتح بابا جديدا من الفرص لتركيا. مضيفة أنه يمكن تحسين العلاقات القائمة بالفعل بين دمشق وأنقرة، حيث إنه كلما تقدمت العلاقات مع دمشق، فإن روسيا وإيران تدخلان على الخط لمنع الأجواء الإيجابية.

وذكرت أنه حاليا مع الانشغال الروسي بالحرب الأوكرانية، وكذلك انشغال موسكو بمشاكلها الداخلية، فإنه يمكن إجراء بداية جديدة مع حكومة دمشق تأخذ بعين الاعتبار أيضا مشكلة اللاجئين.

كما أضافت المصادر، أنه إذا سارت الأجواء بشكل صحيح، فقد تكون لصالح تركيا، وقد تكون هناك فرصة لاستعادة العلاقات مع دمشق وضمان عودة اللاجئين إلى بلادهم.

وفي هذا الصدد، تصر تركيا في كافة اتصالاتها على ثلاث نقاط، وهي: “الحفاظ على الهيكل الوحدوي، ووحدة الأراضي السورية، وضمان أمن اللاجئين العائدين إلى بلادهم”.

توتر طويل الأمد

لا تعترف تركيا بحكومة دمشق منذ سنوات طويلة كجهة شرعية، وتتمسك حتى الآن بهذا الموقف، بحسب ما تشير إليه تصريحات مسؤوليها، على رأسهم الرئيس، رجب طيب إردوغان.

وفي المقابل، تصف دمشق الوجود العسكري التركي في البلاد بـ”الاحتلال”، وسبق أن طالبت وزارة خارجيته أنقرة بالخروج “كونها لم تدخل بناء على طلب الحكومة السورية”، كما هو الحال بالنسبة لروسيا وإيران.

وتعتبر تركيا إحدى الدول الفاعلة في الملف السوري، سياسيا من خلال مسار “أستانا” وآخر يتعلق بـ”سوتشي”، كما أنها تستضيف أكثر من 4 ملايين لاجئ سوري.

أما عسكريا فيظهر الدور الفاعل جليا، استنادا إلى الواقع الميداني المفروض من قبل قواتها والفصائل السورية التي تدعمها على طول الحدود.

وبينما لا تبدو ملامح أي قواسم مشتركة بين أنقرة ودمشق حتى الآن، تبقى علاقة الأولى مع حلفاء الأخيرة (روسيا وتركيا) الرابط الوحيد، والذي يتراوح الإعلان عن تفاصيله ما بين السياسة والميدان.

كما أن هناك رابطا آخر، سبق أن تحدث عنه المسؤولون، يتعلق بالتواصل الأمني الاستخباراتي “غير المنقطع”.

وهذا الرابط سبق أن وصفه إردوغان بـ”الخيط الوحيد”، بقوله في فبراير 2019: “السياسة الخارجية بين تركيا وسوريا مستمرة على مستوى الأجهزة الأمنية”، مشيرا إلى أن تواصل الأجهزة الأمنية مختلف عن الزعماء السياسيين.

وأوضح أردوغان للتلفزيون الحكومي التركي، في ذلك الوقت: “لا يمكن للأنظمة الاستخباراتية أن تقوم بما يقوم به الزعماء، عليكم ألا تقطعوا هذا الخيط تماما، لأن هذا الخيط يلزمكم في يوم من الأيام”.

أما وزير خارجيته، مولود جاويش أوغلو فقد تحدث، في أغسطس 2021 عن مفاوضات دبلوماسية مع دمشق، لكنها لا تتعلق بالحوار السياسي، بقوله: “حدوث لقاء سياسي مع النظام السوري في دمشق غير ممكن. أنقرة تتواصل في القضايا الأمنية فقط”.

وأضاف جاويش أوغلو أن حكومة دمشق غير معترف بها من قبل العالم، فما من شك أن تركيا لن تجري مفاوضات سياسية معه، “بل هنالك في قضايا أمنية متعلقة بالإرهاب”.

تغيّر في السياسات التركية

يبدو أن تركيا مصممة على استكمال استدارتها في سياساتها الخارجية، رغم أن الجهود في مسارات متعددة قطعت شوطا طويلا، فبعضها نفسي وبعضها عملي.

بعدما كانت هذه السياسات قد وصلت في نهاية عام 2020 إلى ذروة ما يسمى في تركيا بـ”العزلة الشديدة”؛ أي أنها كانت في علاقاتها مع جميع دول الشرق الأوسط وشرق المتوسط، باستثناء قطر، معزولة ليس من صديق أو شريك جدي لها في كل مشكلات هذه الساحات، وفق حديث الباحث السياسي، وليد فكري، لـ”الحل نت”.

ويضيف: “لا شك في أن العلاقات مع سوريا تكتسب أهمية وحساسية فائقتين، وتنوء تحت عبء ملفات كبيرة وصعبة جدا لا يمكن مقارنتها بأي ملفات مع دول أخرى. إن طرق باب تسوية هذا الملف تكتنفه صعوبات كثيرة، تحتاج أولا وقبل كل شيء، إلى إرادة ورغبة تركيتين قويتين، بما فيه الكفاية لتنسحب من هذا الملف. إن الرغبة والإرادة غير متوفرتين في السلطة الحالية في تركيا. وربما على العلاقات بين البلدين أن تنتظر نتائج انتخابات الرئاسة التركية المقبلة”.

إن انتقال الاتصالات من الاستخبارات إلى السياسة والدبلوماسية سيكون موضوعا متعلقا بمدى استطاعة أردوغان في القيام بمراوغة سياسية لا تضر بنفوذه وسمعته التي يعول عليها كثيرا.

ويضيف تقرير لموقع قناة “الحرة” الأميركية بأن إعادة العلاقات لن تكون بهذه السهولة والسلاسة. حيث يمكن أن يكون هناك اتصالات بين المؤسسات، ولاسيما أن هناك توجه من المعارضة التركية لاستخدام بطاقة اللاجئين في الانتخابات المقبلة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة