لم تغير الحكومة السورية، عقليتها وسلوكها القمعي بعد، بالتوازي مع ارتهانها بشكل أو بآخر للنفوذ الإيراني في المنطقة، فضلا عن تصرفات حكومة دمشق وسياساتها، لا سيما فيما يتعلق بالأسلحة الكيماوية ودعم المنظمات الإرهابية مثل “حزب الله” اللبناني و”الحرس الثوري” الإيراني، ما يشكل حالة من عدم الاستقرار وعرقلة إرساء الديمقراطية في سوريا والمنطقة، ويدفع واشنطن لأن تعتبر هذا السلوك تهديدا غير مباشر وبشكل “غير عادي” للأمن القومي الأميركي والسياسة الخارجية والاقتصاد لدمشق.

إزاء ذلك، مددت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، حالة “الطوارئ الوطنية” فيما يتعلق بإجراءات الحكومة السورية، لمدة عام آخر، وحالة الطوارئ هذه تتمثل في العلاقات مع (حكومة دمشق)، التي أعلنت لأول مرة في 11 أيار/مايو من عام 2004، وتم تمديدها من الإدارات اللاحقة، وفق قانوني “محاسبة سوريا” و”استعادة السيادة اللبنانية”.

واشنطن تحتفظ بالقانون حتى “تغيّر سلوك” دمشق؟

في خضم تمديد جديد من قبل واشنطن لـ “حالة الطوارئ الوطنية” بشأن سوريا لعام إضافي، وحول ما إذا سيكون هناك أي إجراءات جديدة يمكن توقع حدوثها من قبل واشنطن تجاه الملف السوري، يرى المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأميركية، أيمن عبد النور، أن هذا التمديد يتم بشكل اعتيادي سنوي، لأن حكومة دمشق والواقع في سوريا لا يزال على حاله ولا يوجد أي تغيير أو إيجابيات حقيقية.

وأردف خلال حديثه لموقع “الحل نت”، “لذلك تقوم واشنطن بتمديد حالة الطوارئ هذه، وبالتالي ستبقى الإدارة الأمريكية تحتفظ بحقها في اتخاذ هذا الإجراء وبشكل سنوي”.

وتضمن البيان الصادر عن البيت الأبيض يوم أمس، بأن وحشية الحكومة السورية وقمعها للشعب السوري، الذي دعا إلى الحرية والحكومة التمثيلية، “لا تعرض الشعب السوري نفسه للخطر فحسب، بل تولد أيضا حالة من عدم الاستقرار في جميع أرجاء المنطقة”.

ولفت البيان إلى أن واشنطن “ستنظر في التغييرات في سياسات وإجراءات الحكومة السورية وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254، لتحديد ما إذا كانت ستستمر أو تنهي حالة الطوارئ هذه في المستقبل”.

قد يهمك: دور أوروبي وأميركي جديد في سوريا؟

ردا على الوجود الروسي؟

وحول مدى إمكانية حدوث أي تطورات مرتقبة يمكن أن تقوم بها واشنطن في الملف السوري ردا على قيام الروس بتقليص وجودهم العسكري مؤخرا بسبب غزو أوكرانيا، يقول المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأميركية، “ما تريد أن تقوم به الإدارة الأمريكية هو التعاون مع الدول الأخرى وخاصة الآن الملف الأهم بالنسبة لواشنطن هو تمديد قرار مجلس الأمن الدولي في 10 تموز/يوليو المقبل، لإدخال مساعدات إنسانية عبر معبر “باب الهوى” في الشمال السوري”، وفق تعبيره لموقع “الحل نت”.

وفي تقدير المحلل السياسي المقيم في الولايات المتحدة فإنه “إذا لم تلتزم روسيا وتتشارك مع المجتمع الدولي في قرار تمديد الملف الإنساني بسوريا، فهناك إجراءات سيتم اتخاذها من قبل واشنطن وحلفاؤها”.

وتابع المحلل السياسي حديثه: “لكن قبل ذلك لن يكون هناك أي إجراء تصعيدي يمكن لواشنطن أن تتخذه ضد روسيا في سوريا، وذلك كله في سبيل أن لا تقف موسكو ضد تمديد القرار الأممي الإنساني لسوريا”، على حد وصفه.

فضلا عن أن أي تصعيد داخل سوريا من قبل أي من الفصائل والجماعات المعارضة الأخرى ضد القوات الروسية سيؤدي إلى قيام موسكو بهجمات ضد المدنيين في الشمال السوري، لذلك لا يتم التصعيد حاليا ضد روسيا من قبل أمريكا في الساحة السورية، وفق حديث المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأميركية لموقع “الحل نت”.

في سياق متصل، أدان بيان البيت الأبيض يوم أمس، “العنف الوحشي وانتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات التي تمارسها حكومة دمشق والداعمين لها الروس والإيرانيون”، داعيا إلى “وقف الحرب العنيفة ضد السوريين، وسن وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق لجميع السوريين المحتاجين، والتفاوض على تسوية سياسية في سوريا”.

ما هو الأمر التنفيذي 13338؟

أصدرت إدارة الرئيس السابق جورج بوش الابن “حالة الطوارئ” في العلاقات مع دمشق، في 11 أيار/مايو عام 2004، وتم تمديدها من الإدارات اللاحقة، وفق قانوني “محاسبة سوريا” و”استعادة السيادة اللبنانية”، وحمل الأمر التنفيذي الرقم 13338.

كذلك، اتهمت الإدارة الأميركية دمشق آنذاك بـ “دعم الإرهاب، والحفاظ على احتلال لبنان، وتطوير برامج خاصة بأسلحة الدمار الشامل والصواريخ، وتقويض الجهود الأميركية والدولية في مجال إرساء الاستقرار في العراق وإعادة إعماره”.

ومن ثم تم تعديل نطاق “حالة الطوارئ الوطنية” والاعتماد عليها لاتخاذ خطوات إضافية وفرض عقوبات على دمشق في نيسان/أبريل عام 2006، وتعديلات إضافية خلال الأعوام السابقة حتى العام 2012، حيث بدأت تصدر قوانين أخرى ومفصلة تتعلق بالعقوبات وتصنيف العلاقات، وخاصة منذ بدء الحرب في سوريا والأفعال والانتهاكات التي قامت بها الحكومة السورية بحق السوريين خلال سنوات الحرب وحتى الآن.

يذكر أن تمديد قرار “حالة الطوارئ الوطنية” يسمح للولايات المتحدة بمواصلة تجميد ممتلكات وأصول عدد من الأشخاص المرتبطين بحكومة دمشق، وكذلك تمديد “حظر تصدير بعض السلع”.

قد يهمك: اجتماعات مهمة حول سوريا في أيار.. تطورات مرتقبة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.