أصناف عديدة تعاني السوق السورية من فقدانها أو ارتفاع أسعارها، كان آخرها مادة المتة، وهو المشروب الرئيسي والتقليدي لأهالي محافظات الساحل السوري وبعض المحافظات الأخرى. حيث يبحث أهالي محافظة طرطوس الساحلية اليوم بـ”السراج والفتيلة” عن محل هنا أو هناك يبيع المتة، حتى لو بسعر مرتفع.

هذه ليست المرة الأولى التي ينقطع فيها مشروب المتة على مدى السنوات الماضية، كان آخرها في بداية شهر آذار/مارس الفائت، عندما انقطعت المتة من معظم محلات السمانة بالمدن السورية وإن وجدت فكانت بأسعار مرتفعة جدا، وسط وجود احتكار المادة من قبل التجار وغياب الدور الرقابي.

احتكار واستغلال؟


موقع “أثر برس” المحلي نشر تقريرا اليوم الاثنين، جاء فيه نقلا عن عدد من الأهالي أنه ومنذ أيام قليلة، اختفت المتة من نوع “خارطة” من المحال، فيما يطلب بعض أصحاب المحال الذين تتوفر لديهم المتة سعرا مضاعفا بالعبوة، إذ قال أحدهم للموقع المحلي: “أمس اشتريت عبوة متة 200 غرام بسعر 4500 ليرة سورية، وذلك بعد رحلة بحث بين المحال استمرت أكثر من ساعة”.

وبنوع من الضجر والتهكم، قال أحد السكان من مدينة طرطوس للموقع المحلي: “نتحمل انقطاع أي مادة من الأسواق، باستثناء المتة التي تعد المشروب اليومي الذي نبدأ صباحنا به، ونشربه في أوقات متفرقة خلال اليوم”.

من جانبه، أفاد مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في طرطوس بشار شدّود، أن عدم توفر مادة المتة في الأسواق كما السابق، سببه العطلة الطويلة خلال عيد الفطر، وأخذ معتمد توزيع المتة في طرطوس والعاملين في المستودع، عطلة إضافية بعد عطلة العيد، ما أدى إلى حدوث قلة في توفر المادة بالمحال، على حد وصفه للموقع المحلي.

وأكد شدّود أن دوريات من مديرية التموين قامت يوم أمس الأحد بتنظيم ضبط احتكار بحق صاحب “سوبر ماركت” قام باحتكار مادة المتة على “السقيفة”.

يذكر أن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، استبعدت مادة المتة من قرارها المتضمن الموافقة على توصية اللجنة الاقتصادية بجلستها رقم 9 تاريخ 28/2/ 2022 بخصوص إيقاف تصدير عدد من المواد لمدة شهرين.

قد يهمك: مخاطر جديدة تهدد “الثروة الحيوانية” في سوريا

قياس الراتب بعلبة المتة

من الممكن من الناحية الاقتصادية تناول إحدى السلع كنموذج اعتاد السوريون على شرائه، وقياس سعره قبل العام 2011، وتطور هذا السعر مع انخفاض سعر صرف الليرة السورية، والزيادة “الوهمية” للرواتب وصولا للعام الحالي، لتقدير القيمة الحقيقية للراتب الحقيقي الكافي على تلبية الاحتياجات.

وفي هذا السياق، نقل موقع “المشهد” المحلي، أواخر الشهر الفائت نيسان/أبريل عن الباحثة الاقتصادية رشا سيروب، تحليلا ماليا بسيطا لقياس تآكل القوة الشرائية للموظف السوري معتمدة في ذلك على مؤشر علبة المتة، حيث لفتت إلى أنه في عام 2010 كان سعر علبة المتة 25 ليرة، اليوم سعر نفس العلبة 3500 ليرة، يعني زاد سعر العلبة 140 ضعف.

وأوضحت سيروب، أنه لما كان وسطي الرواتب 15000 ليرة في العام 2010، هذا يعني أن وسطي الرواتب في العام 2022 يجب أن يكون 2100000 ليرة “مليونان ومئة ألف ليرة سورية”، كي يحافظ الموظف على القوة الشرائية لدخله، معتبرة أنه يمكن لعلبة المتة أن تصبح مؤشر لقياس المستوى العام للأسعار.

تعاني العائلات السورية، خاصة في مناطق الحكومة من ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، ترافق مع نسب دخل منخفضة، متأثرة بعوامل مختلفة أبرزها الانهيار المتعاقب لليرة السورية أمام الدولار وعجز الحكومة عن سد الفجوة الحاصلة بين الدخل وقدرته الشرائية.

ويرى مختصون اقتصاديون، أن الرواتب اليوم في سوريا أقل من أي معدل معقول، وأنه لا يمكن استمرار مستويات الأجور الحالية معتبرين أن الأجور لا تشكل ميزة تشغيلية لأن قيمة الرواتب تمنع نمو السوق ولا تدعم الاستهلاك، إضافة إلى أنها ليست واقعية تجاه الحاجة الحقيقية بل تشكل حالة تشويه اقتصادي وتنموي وهي بحاجة إلى مضاعفة عدة مرات وخلال فترات قريبة حتى يستعيد السوق عافيته وتوازنه ويعيد للعمل قيمته، بحسب متابعة “الحل نت”.

وأيضا في القطاع الخاص، فالرواتب لا تتجاوز في بعض الأحيان 90 ألف ليرة في الوقت الحالي، مع مدة عمل تصل إلى 8 ساعات يوميا، مع رفض معظم أصحاب العمل رفع الأجور للعمال أو الموظفين، معللين أن الزيادة في الراتب تؤثر على رأس المال خاصة لدى التجار.

وحسب اقتصاديين، فإن الفاتورة الغذائية للأسرة السورية ارتفعت بشكل حاد وصارت تقنن على نفسها بالنوعية والكم بشكل كبير لأن الحصول على هذه الحصة الغذائية تحتاج إلى أكثر مليون ليرة سورية شهريا لأسرة مكونة من أربعة أفراد، وإذا أضيف لها النقل والاستطباب والدراسة واللباس والترفيه بحده الأدنى وأجرة المنزل التي ارتفعت بشكل حاد يلاحظ أن فاتورة المواد الغذائية تشكل أكثر من ستين بالمئة بالنسبة لأي أسرة في سوريا اليوم، حسب متابعة “الحل نت”.

قد يهمك: قفزة جديدة للذهب في سوريا.. هل يصل الغرام إلى ربع مليون؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.