كانت صناعة السياحة في سوريا مزدهرة، على مدى سنوات عديدة، إذ ساهمت بنحو 14 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ووظفت 8.3 بالمئة من القوة العاملة فيها، إن تاريخ سوريا الغني، والجغرافيا المذهلة والمتنوعة، والهندسة المعمارية الجميلة، تم تنظيمها بشكل مثالي لتصبح مصدرا رئيسيا للدخل، لكن الأزمات الاقتصادية قضت على سوق السياحة، حتى بات أغلب العاملين فيها يشكون قلة الموارد المتاحة لهم.

مهنة الدليل السياحي مهددة

أدى الصراع الناتج إلى ثني معظم المسافرين عن قضاء الإجازات في سوريا، ومع ذلك، بذلت حكومة دمشق مؤخرا جهودا لإعادة بناء الصناعة وجذب المسافرين، إلا أن وزير السياحة محمد مرتيني، كشف في حديث لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الخميس، أن الزيادة في أجور المرشدين السياحيين في سوريا لم تكن بالمستوى المطلوب.

وأوضح مرتيني، أنه تم اتخاذ قرار برفع قيمة التعويضات من 15 ألف ليرة إلى ما بين 100 ألف و 150 ألف ليرة يوميا، مضيفا أنه نظرا إلى أن الدليل السياحي يعمل بدوام كامل مع المكاتب ليلا ونهارا، فإن جهود الوزارة للحد من هجرة هذه المهارات تشمل محاولة إلزام المؤسسات والمكاتب السياحية بهذا الاختيار.

وقال مارتيني، إن “مهنة الدليل السياحي والمهن التراثية استبعدت من قرار وضع النشاط السياحي خارج مظلة الدعم والمساعدات، وبالتالي تم الإبقاء عليها نظرا لأهميتها الكبيرة، وضرورة أن تحظى بمعاملة تفضيلية على غيرها”.

ومن أجل تشجيع الاستثمار السياحي، كشف وزير السياحة عن خطة لإعادة تأهيل البنية التحتية للفنادق التابعة للوزارة وفق خطة محددة، والعمل جار على تطوير وتجميل المرافق العامة، والعمل على الاهتمام بمنظومات التبريد والتكييف والتدفئة، وتجهيزات محطات المعالجة للمياه المستخدمة في الفنادق، إضافة إلى تجهيزات توفير الطاقة وأجهزة الإنارة الحديثة لأغراض التوفير، حيث تتجاوز معدلات التنفيذ 60 بالمئة في مرافق معينة، وتتجاوز 80 بالمئة في مرافق أخرى.

التحول للطاقة البديلة

أعمال إعادة تأهيل الغرف الفندقية في اللاذقية بحسب مرتيني، قد تطورت إلى المرحلة الثالثة، حيث تم بناء 140 غرفة فندق وأجنحة في اللاذقية وفق معايير الجودة، فيما جرى إعادة هيكلة عدد من الغرف في فنادق دمشق المرتبطة بالوزارة، مثل فندق “داما روز – شيراتون”.

وأضاف وزير السياحة، أن الوزارة مستمرة في تحديث منظومة الطاقة البديلة للوصول إلى خطة الوزارة المتمثلة بالوصول إلى خفض استهلاك الفنادق من الكهرباء إلى النصف، والتي تتضمن تسخين المياه أو تدفئتها أو إنارتها، عبر الطاقة البديلة.

وبحسب وزير السياحة، فقد حققت الفنادق السياحية إيرادات بلغت 8.8 مليار ليرة خلال الربع الأول من العام الجاري، بعد أن كانت 5 مليار ليرة في الفترة نفسها من العام الماضي، كما حققت الفنادق أرباحا بلغت 2.375 مليار ليرة، بزيادة مليار و350 مليون ليرة خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

خطة متكاملة للقطاع السياحي

وخلال حديثه، كشف الوزير النقاب عن تأهيل 19 منشأة سياحية جديدة خلال العام الحالي، حيث زودت بـ 1377 مقعدا، و236 غرفة نوم، فيما بلغت النفقات الاستثمارية خلال الربع الأول من العام الجاري أكثر من 100 مليار دولار، وذلك فيما يتعلق بالترخيص للمنشآت السياحية الجديدة وإصلاح الأضرار التي لحقت بها.

وفي المنظمة التربوية، أكد وزير السياحة أن عملية وضع وتوحيد المناهج المعتمدة في المدارس والمعاهد الفندقية والسياحية ومراكز التدريب التابعة لها مستمرة، مشيرا إلى أن عدد طلاب المعاهد يبلغ 4000 طالب، و3600 طالب في المراكز السياحية، وأكثر من 2000 طالب في مدارس السياحة، و2200 طالب في كليات السياحة، حيث التحق بهذه البرامج أكثر من 10 آلاف طالب وطالبة، سواء في المرحلة الثانوية أو عبر كليات السياحة.

وقال مرتيني، إنه اعتبارا من العام المقبل وبعد إقرار مجلس الشعب لقانون السياحة المنظم لترخيص المشاريع السياحية والإشراف عليها، سيتم توظيف نسبة من خريجي المدارس والمعاهد الفندقية ومراكز التدريب والكليات السياحية التابعة لوزارة التعليم العالي، في القطاع السياحي لمواجهة مشكلة البطالة في هذا القطاع.

هل ينهض قطاع السياحة في سوريا؟

قُدّر حجم الخسائر في القطاع السياحي في سوريا بأكثر من 1.5 مليار دولار أميركي، إضافة إلى تضرر المعالم والمواقع الأثرية والتي لا يمكن إحصائها، بحسب تصريحات تابعة لوزير السياحة السوري.

حيث تشكل السياحة في الكثير من بلدان العالم الحجر الأساس في زيادة الدخل القومي، وذلك لما توفره من قطع أجنبي للبلاد، وتخفيض نسبة البطالة مما يشجع الدول على الإنفاق في البنى التحتية، ويشجع المستثمرين على الاستثمار بشكل حقيقي في البلاد.

كانت الإحصائيات الرسمية لحكومة دمشق تشير إلى أن السياحة في سوريا كانت تشكل 12 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لسوريا، وكانت تخلق وظائف لـ 11 بالمئة من عمال البلاد، وبحسب صحيفة “ديلي بست” فإن 8.5 مليون سائح زاروا سوريا عام 2010. إلا أن تلك العائدات قد انخفضت لأكثر من 98 بالمئة خلال فترة الحرب.

إلا أن عدم دقة الأرقام الحكومية تدفع للإشارة إلى عدم الاعتبار بأن كل من يعبر الحدود إلى سوريا من غير الجنسية السورية هو سائح، فليس هناك إحصائيات دقيقة تفند ما إذا كان هذا الشخص بالفعل سائح أم أنه مقاتل جاء ليكون ضمن المليشيات الأجنبية المنتشرة في مناطق سيطرة حكومة دمشق.

ويرى محللون أن الوضع الأمني في سوريا مازال يهدد أموال المستثمرين إذا ما قرروا ضخها في الاقتصاد السوري، لا سيما في قطاع السياحة، ما يشكل لهم مخاوف كبيرة تحول دون دخولهم القطاعات السورية المختلفة.

الجدير ذكره، أن حكومة دمشق تعمل جاهدة على ترويج إعلانات السياحة والدعوة لزيارة البلاد، سعيا منها لإعادة تأهيل صورتها الدولية، وتطلعها للاستفادة من النقد الأجنبي الذي يمكن أن يدخل للبلاد، خاصة أن مثل هذه الرحلات يمكن أن تكلف السائح الواحد 2000 دولار أميركي على أقل تقدير.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.