واقعيا، تمثل العواصف الغبارية الأخيرة التي ضربت العراق مشكلة جسيمة، خاصة مع البيانات التي تؤكد پانها ستكون دورية على مدى السنوات المقبلة، ولا يد من تحرك جاد لمواجهتها.

التحرك ذلك يبدو أنه سيبدأ من المحافظة التي تصلها العواصف الغبارية لتنتشر منها لكل مدن العراق، وهي الأنبار غربي البلاد، والتي تعد أكبر محافظة عراقية من حيث المساحة.

إذ كشفت مديرية زراعة الانبار، الثلاثاء، عن مخطط مشروع كامل يخص الأحزمة الخضراء حول المدن في المحافظة، بهدف مواجهة العواصف الترابية.

مدير قسم البستنة ومكافحة التصحر في المديرية، جمال عبد حماد قال في تصريح صحفي: “بناء على توجيهات المحافظة حول إنجاز المراحل الأولية المتعلقة بإنشاء الحزام الأخضر حول المدن، عقد اجتماع في مقر المحافظة بحضور الدوائر ذات العلاقة، وتمت مناقشة إنشاء حزام أخضر حول ناحية كبيسة غربي الأنبار؛ ليكون نقطة الانطلاق لتنفيذ بقية الأحزمة”.

مخلّفات العواصف الغبارية

حماد أضاف، أن الاجتماع ركّز على كيفية إدارة المياه سواء كانت جوفية أو مياه السيول المتكونة نتيجة الأمطار، والسبل الكفيلة بحصادها عن طريق إنشاء سدود أو خزانات أو بحيرات صناعية.

وبيّن، أن “المديرية أوعزت للشعب الزراعية بتشكيل لجان مختصة تُقدم المخططات المتضمنة خط سير الحزام وطوله، وكذلك التركيز على مصادر المياه المتوفرة”.

وأوضح، أنّ أغلب الشعب الزراعية أرسلت الإجابة، وأن المديرية بصدد تقديم المخطط الكامل للأحزمة حول المدن، مقارنة مع كلفها التخمينية ونوعية مصدات الرياح.

يأتي هذا التحرك، بعد أن شهد العراق في شهري نيسان/ أبريل الماضي وأيار/ مايو الجاري، 10 عواصف ترابية، كلها ضربت البلاد من خلال صحراء الأنبار.

وتسبّبت معظم تلك العواصف بتعطيل الحياة في العراق، ودفعت إلى تعطيل الدوام في المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية، وتعليق حركة الملاحة البحرية والجوية في المطارات، نتيجة قلة مستوى الروية.

أعوام شبه مغبرة بالكامل

شهد العراق تسجيل 122 عاصفة ترابية خلال 283 يوما في سنة واحدة. ومن المتوقع أن تسجّل البلاد في السنوات المقبلة 300 يوم مغبر في كل سنة، حسب وزارة البيئة العراقية.

وفق منظمة “حماة دجلة”، فإن التصحر واستمرار زيادة الأراضي المتصحرة والجفاف وارتفاع درجات الحرارة، وقلة التشجير مع عدم وجود حزام أخضر، هي من أهم الأسباب التي تؤدي لحدوث العواصف الرملية.

كدليل على ذلك، بلغت نسبة مساحة الغابات الطبيعية والاصطناعية 1.6 بالمئة فقط من مساحة العراق الكاملة، حسب إحصائية أعدّها “الجهاز المركزي للإحصاء”، في عام 2020.

الإحصائية ذاتها، أكدت أن 69 بالمئة من مساحة العراق تعد أراضي متدهورة؛ لأن 15.6 بالمئة منها هي أراضي متصحرة و53.9 بالمئة هي أراضي مهدّدة بالتصحر.

يحتاج العراق إلى 14 مليار شجرة لإحياء المناطق التي تعاني من التصحر، والحفاظ على بيئته من التغيرات المناخية، وفق وزارة الزراعة العراقية.

مشكلة مياه أيضا

تهاون الحكومة مع من يحولون الأراضي الزراعية إلى مجمعات سكنية سبب آخر وراء التغير المناخي؛ إذ فقد العراق 60 بالمئة من الأراضي المزروعة والصالحة للزراعة، نتيجة التجريف والتجاوزات، حسب وزير البيئة حسن الفلاحي.

ولا يقتصر التغير المناخي في العراق على التصحر وحصول العواصف الترابية فقط، بل يعاني من شح المياه أيضا.

وستعاني البلاد من عجز مائي تصل نسبته إلى 10.8 مليار متر مكعب بحلول عام 2035، على حد قول رئيس الجمهورية برهم صالح في تصريح صحفي بوقت سابق.

العجز المائي الذي تحدّث عنه صالح، هو بسبب تراجع مناسيب مياه دجلة والفرات والتبخر بمياه السدود وعدم تحديث طرق الري، وفق وزارة الموارد المائية العراقية.

يجدر بالذكر، أن العراق يصنّف الأول عالميا بالتغيرات المناخية مما ينذر بجفاف كبير، ويعد من أكثر البلدان تضررا من ناحية شح المياه والأمن الغذائي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.