تزامنا مع تشديد الاتحاد الأوروبي للعقوبات المفروضة على حكومة دمشق وبعض المسؤولين المرتبطين بها، أعلنت بروكسل (عاصمة الاتحاد) شطب شخصيات عدة من قائمة العقوبات الاقتصادية، وذلك في الوقت الذي يواصل فيه الاتحاد الأوروبي إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية استخدام أسلوب العقوبات الاقتصادية للضغط على حكومة دمشق للتوجه نحو حل سياسي يخدم مصالح السوريين ومستقبل البلاد.

شطب ثلاثة أسماء

الاتحاد الأوروبي أعلن في بيان الثلاثاء عن تمديد العقوبات المفروضة على الحكومة السورية، لمدة عام إضافي، حتى حزيران/يونيو من العام القادم 2023، وذلك في ظل استمرار قمع السلطات في سوريا للمدنيين، بحسب وصف بيان الاتحاد الأوروبي.

وتضم قائمة العقوبات الأوروبية 289 شخصا، مستهدفين بتجميد الأصول وحظر السفر، إضافة إلى تجميد أصول 70 كيانا سوريا على قائمة العقوبات، إذ يراجع الاتحاد التطورات في سوريا بشكل مستمر لتجديد العقوبات وتعديل القائمة التي تضم أشخاص وكيانات بشكل دوري بناء على تلك التطورات.

البيان أشار هذه المرة إلى شطب ثلاثة أشخاص، من قائمة العقوبات، والتي وردت أسماؤهم بقرار صادر عن مجلس الاتحاد نشر في الجريدة الرسمية في 30 من أيار/مايو الماضي، وهم محمد بخيتان، وعبد القادر صبرا، وسلام طعمة.

وتجدر الإشارة إلى أن اثنين من الواردة أسماؤهم، أصبحوا في عداد الموتى خلال الأشهر الماضية.

محمد سعيد بخيتان، وهو أحد الأسماء الذي تم رفعها من قائمة العقوبات الأوروبية، وهو الأمين العام المساعد السابق لحزب “البعث“، توفي في شهر آذار/مارس الماضي، عن عمر ناهز 85 عاما.

وشغل بخيتان، وهو من مواليد محافظة دير الزور شرقي، سوريا مناصب عدة خلال حياته، حيث تولى رئاسة فرع مخابرات حلب “أمن الدولة” من عام 1970 حتى 1978، وعمل ضابطا في إدارة الأمن الجنائي عام 1979، كما عمل مديرا لإدارة مكافحة المخدرات في البلاد عام 1986.

وعين بخيتان رئيسا لفرع الأمن الجنائي في دمشق عام 1987، ومحافظا لحماة عام 1992، كما كان رئيس مكتب الأمن القومي (المكتب الوطني حاليا) وعضو “القيادة القطرية” في حزب “البعث” عام 2000، ليتولى بدءا من 2005 منصب الأمين العام المساعد للحزب حتى عام 2013.

سلام طعمة

أما الشخص الثاني الذي تم رفع اسمه من العقوبات فهو سلام يوسف طعمة، معاون المدير السابق لمركز الدراسات والبحوث العلمية ومدير القطاع الرابع، حيث نقلت وسائل إعلام في تموز/يوليو من العام الماضي نبأ وفاته لأسباب مجهولة، عن عمر ناهز 70 عاما.

تولى سلام طعمة وظيفة معاون المدير العام لـ“مركز الدراسات والبحوث العلمية بدمشق“، كما أسندت إليه أيضا مهمة الإشراف على القطاع الرابع في مصياف، وبقي في ذلك المنصب حتى إحالته إلى التقاعد مطلع العام الماضي.

والإسم الأخير من قائمة المشطوبين حديثا رجل الأعمال السوري عبد القادر صبرا، الذي تم شطب اسمه، بعد استئناف ناجح أمام المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي، فسحبت محكمة العدل الأوروبية العقوبات المفروضة عليه.

للقراءة أو الاستماع: أمراء الحرب في سوريا.. رجال أعمال بالوكالة؟

وقال صبرا، في استئنافه للمحكمة، حاليا، إنه لا يعمل في سوريا، وليس مرتبطا بالسلطات، وليس له علاقات مع الكادر الداخلي لرجال الأعمال العاملين في سوريا، مضيفا أنه “لا يقدم مواد أو الدعم المالي سواء من خلال شركاته خارج سوريا أو بأي وسيلة أخرى للحكومة السورية“.

وقالت المحكمة في استنتاجها، “لم يثبت للمستوى القانوني المطلوب، أسباب وضع صبرا على قائمة العقوبات، على أساس علاقته بالحكومة. ولذلك، يجب دعم التماسه لإزالة اسمه من القائمة“.

مصادر “الحل نت” أكدت عدم صلة صبرا بأية أعمال سابقة مع حكومة دمشق لاسيما رجل الأعمال السوري رامي مخلوف (ابن خالة الرئيس السوري بشار الأسد).

وقد كان الاتحاد الأوروبي، قد أدرج عبد القادر صبرا على قائمة العقوبات في شباط/فبراير من العام 2020. مشيرا إلى أنه “حقق أرباحا كبيرة بسبب علاقته مع الحكومة السورية، واستفاد من تعاونه معها. كما أنه استفاد من هذه العلاقة بتوسيع نشاطه في قطاع العقارات، بما فيها الاستيلاء على عقارات تعود ملكيتها لنازحين خارج سوريا“. وفقا لبيان الاتحاد الأوروبي حينها. إلا أن مصادر “الحل نت” نفت ذلك تماما مؤكدة ابتعاده عن هذه التهم وهو الأمر الذي أكده مؤخرا قرار محكمة العدل الأوروبية.

استمرار سريان العقوبات

ولطالما جادل الاتحاد الأوروبي بأن العقوبات على شخصيات تابعة لدمشق هي أداة شرعية لتحقيق السلام في سوريا، وبأنها ستتسبب بمنع استمرار دعم الحكومة السورية في أعمالها العسكرية والأمنية داخل البلاد.

هذا وتعتبر العقوبات الأوروبية بأنها استراتيجية مهمة لممارسة الضغط على السلطات السورية. فمن وجهة نظر الاتحاد الأوروبي إذا تُركت دمشق دون رادع، فإنها غالبا ما تصبح أقوى في استمرار الصراع.

رجل الأعمال السوري، منير الزعبي، رأى خلال حديث سابق لـ “الحل نت“، بأن “الشركات المقربة من النظام السوري تستفيد من العقوبات المفروضة عليها وتنتهك القانون الدولي. فيجب المحافظة على إيقافهم قبل أن يفاقموا أوضاع الشعب السوري“.

وأضاف بأنه ومن أجل وقف التربح الذي تمارسه دمشق عبر رجالاتها، يجب المواصلة في حث مؤسسات الاتحاد الأوروبي على إبقاء العقوبات على هذه الشركات سارية.

وفي وقت سابق من العام الماضي، رفضت المحكمة طلب رجل الأعمال السوري سامر فوز، والذي ارتبط اسمه بزوجة الرئيس السوري، أسماء الأخرس، بإزالة شركاته من العقوبات.

إذ أظهر الاتحاد الأوروبي أنه رجل أعمال مؤثر يعمل في سوريا، ولا سيما بسبب مشاركته في مشروع “ماروتا سيتي” من خلال “فوز للتجارة وأمان القابضة“. حيث قال البيان أنّ فوز، فشل في دحض افتراض وجود صلة له بالسلطات السورية.

ويترأس فوز مجلس إدارة كل من “مجموعة أمان القابضة“، و“شركة صروح الإعمار“، وهو الرئيس التنفيذي لشركة “أمان القابضة“، ومالك كل من “تلفزيون لنا“، و“شركة ايمار الشام للإنتاج الفني“، ومطعم “نادي الشرق“، وشريك في كل من “فندق فور سيزونز دمشق” منذ 2018، وغيرها.

للقراءة أو الاستماع: وزير سوري يتوعد رجال الأعمال بنظام ضريبي.. ماذا يريد؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.