خلال الأسبوع الفائت أصدرت حكومة دمشق، عدة قرارات برفع أسعار المحروقات والإنترنت والاتصالات، حتى وصل الأمر لارتفاع أسعار الأدوية، لارتباطه بارتفاع أسعار المحروقات، إلا أن قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، لتعديل أجور نقل الركاب والشحن، أشعل أسعار السلع بالأسواق السورية في ليلة وضحاها.

ضجة بسبب قرار وزاري

مبادرة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، بتعديل أجور نقل الركاب والبضائع على الرغم من تعديلاتها السابقة على أسعار المازوت والبنزين غير المدعم، للإسراع في التراجع عن قرارها بتوجيهات حكومية، أثار تساؤلا حول تبعاته بما أن الوقود بهذه الوسائل متاحا وفق أسعار سابقة.

وصفت جريدة “البعث” المحلية، أمس الجمعة، قرارات الوزارة بأنها محكومة بالعجلة، خصوصا وأن هذه ليست المرة الأولى – وقد لا تكون الأخيرة كما تبدو – في وقت تتطلب فيه مثل هذه الخطوات دراسات اقتصادية واجتماعية ونفسية، فضلا عن المداولات والتأني قبل إطلاقها وإعلانها ووضعها موضع التنفيذ، استباقا لصدمات وردود أفعال المواطنين.

وبحسب الصحيفة، فإن ما حصل حين صدر قرار رفع أسعار النقل، ومن ثم خفضها بعد ساعات، ولد اضطرابا في الأسواق والسلع، وسمح للتجار بالاستيلاء على هذه الفرصة ووجهوا ضربة قاسية للمواطنين الذين يفتقرون للحماية، فعلى الفور قاموا برفع أسعار سلعهم وبضائعهم ومنتجاتهم ومعروضاتهم، رغم أنها مخزنة في مستودعاتهم، لحصد أرباح “قانونية” غير مسبوقة.

وكذلك الحال بالنسبة لتسعيرة الاتصالات الخلوية، التي أقرت في ضوء ارتفاع تكاليف التشغيل والصيانة من جهة، وتحسين الأداء من جهة أخرى، لكن بعد القرار لم يلمس المواطنون أي تحسن في أداء الشبكة.

وطالبت الصحيفة، بضرورة “فهم التداعيات والآثار المحتملة لقرارات الوزارات قبل أن تنفذ على أرض الواقع، قائلة “لأنه سيكون من الصعب جدا لملمة ارتداداتها وتضميد جراحاتها لتفادي ضرباتها القاضية”.

قرارات الحكومة تزيد الفقر

بالتزامن مع النقص الكبير في البنزين والمحروقات بشكل عام، رفعت الحكومة أسعار الوقود خلال الشهر الماضي، حيث زادت أسعار البنزين والمازوت غير المدعومين بحجة ارتفاع الأسعار عالميا.

وبلغ سعر مادة البنزين (أوكتان 90) الجديد هو 3500 ليرة سورية للتر الواحد، بعد أن كان بـ2500، في حين ارتفع سعر البنزين (أوكتان 95) من 3500 إلى 4000 ليرة، أما سعر مادة المازوت فارتفع بحسب بيان الوزارة، من 1700 إلى 2500 ليرة للتر الواحد، وفقا لما رصده “الحل نت”.

الأستاذ في جامعة دمشق والمدير السابق للمكتب المركزي للإحصاء شفيق عربش، أكد أن معدلات الفقر في سوريا في طريقها للزيادة، حيث تقول آخر المؤشرات الدولية أن 90 إلى 95 من السوريين المقيمين في بلدهم هم من الفقراء.

واتهم عربش في تصريحات لإذاعة “ميلودي إف إم” المحلية، الأسبوع الفائت، الحكومة في دمشق بالمساهمة في زيادة معدلات الفقر، وذلك من خلال الإجراءات المتعلقة بتحرير أسعار المشتقات النفطية وعدم تأمينها بالكميات الكافية، ما يزيد تكاليف الإنتاج، الأمر الذي ينعكس على الأسعار، وما يؤدي بالتالي  إلى انخفاض القدرة الشرائية وتوسيع فجوة الفقر.

وأضاف عربش حول إجراءات الحكومة: “لم يكن لدينا حكومة حرب على مدار الأزمة تستطيع أن تأخذ القرارات المناسبة لهذه المرحلة، علما أن  هناك دول مرت بظروف أصعب من سوريا لكنها اتخذت إجراءات، ونستطيع القول أن الحكومة لم تتمتع بالكفاءة اللازمة لاتخاذ خطوات مناسبة، وكل مرة تتعمق الأزمة أكثر“.

كذلك اتهم عربش الوزارات والمؤسسات الحكومية بـ“التخبط“، نتيجة إقرار خطط مختلفة بشكل دوري، وقال: “في الحقيقة نحن  أمام فريق لا يعرف ما يجب أن يفعله بالشكل الدقيق، لذا نحن بحاجة الى خبراء مشهود لهم ويعرفون وجع الاقتصاد ليقدموا الحلول المناسبة وعلى الحكومة تنفيذ هذه المقترحات“.

الجدير ذكره، أن أكثر من 90 بالمئة من المواطنين في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة يعيشون تحت خط الفقر، بحسب “الأمم المتحدة“، في حين أن متوسط ​​الراتب الشهري لموظفي القطاع العام لا يتجاوز 22 دولارا، ولموظفي القطاع الخاص حوالي 60-70 دولارا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.