تقف الحكومة في دمشق عاجزة أمام تفاقم الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر في البلاد، تزامنا مع ارتفاع أسعار كافة السلع الغذائية والمواد الأساسية والمحروقات، في ظل تراجع قيمة الأجور وانهيارها أمام مستلزمات الحياة في سوريا.

الأستاذ في جامعة دمشق والمدير السابق للمكتب المركزي للإحصاء شفيق عربش، أكد أن معدلات الفقر في سوريا في طريقها للزيادة، حيث تقول آخر المؤشرات الدولية أن 90 إلى 95 من السوريين المقيمين في بلدهم هم من الفقراء.

حكومة متخبطة

واتهم عربش في تصريحات لإذاعة “ميلودي إف إم” المحلية السبت، الحكومة في دمشق بالمساهمة في زيادة معدلات الفقر، وذلك من خلال الإجراءات المتعلقة بتحرير أسعار المشتقات النفطية وعدم تأمينها بالكميات الكافية، ما يزيد تكاليف الإنتاج، الأمر الذي ينعكس على الأسعار، وما يؤدي بالتالي  إلى انخفاض القدرة الشرائية وتوسيع فجوة الفقر.

وأضاف عربش حول إجراءات الحكومة: “لم يكن لدينا حكومة حرب على مدار الأزمة تستطيع أن تأخذ القرارات المناسبة لهذه المرحلة، علما أن  هناك دول مرت بظروف أصعب من سوريا لكنها اتخذت إجراءات، ونستطيع القول أن الحكومة لم تتمتع بالكفاءة اللازمة لاتخاذ خطوات مناسبة، وكل مرة تتعمق الأزمة أكثر“.

قد يهمك: ارتفاع محصول القمح في سوريا هذا العام.. هل يتحسن القطاع الزراعي؟

كذلك اتهم عربش الوزارات والمؤسسات الحكومية بـ“التخبط“، نتيجة إقرار خطط مختلفة بشكل دوري، وقال: “في الحقيقة نحن  أمام فريق لا يعرف ما يجب أن يفعله بالشكل الدقيق، لذا نحن بحاجة الى خبراء مشهود لهم ويعرفون وجع الاقتصاد ليقدموا الحلول المناسبة وعلى الحكومة تنفيذ هذه المقترحات“.

وفي ختام حديثه دعا الخبير الاقتصادي، إلى ضرورة العمل لإعادة إطلاق العملية الإنتاجية بكل قطاعاتها، الصناعية والزراعية، إلى جانب المشاريع الصغيرة “وكل هذا بحاجة إجراءات قوية ومدروسة بعناية كما تحتاج إلى جرأة في التنفيذ وتحدي للظروف“.

كيف يتدبر السوريون أمورهم؟

ويتجه معظم السوريين إلى المساعدات المقدمة من الدول الخارجية، بالإضافة إلى الحوالات التي تأتي من الخارج من قبل الأهالي والأصدقاء وغيرهم، في تعبير واضح عن مدى التدهور الاقتصادي في سوريا، حيث كشفت مصادر اقتصادية في وقت سابق وفقا لتقارير إعلامية، عن أن 70 بالمئة من السوريين يعيشون على الحوالات، مقدرة حجم المبالغ التي تصل سوريا من المغتربين يوميا بـ5 ملايين دولار.

وكانت وكالة “سبوتنيك” الروسية ذكرت في تقرير سابق نقلا عن الباحث الاقتصادي عمار يوسف، أن “هذه الحوالات ليست بمبالغ ضخمة، حيث أن متوسط ​​قيمة الحوالة الواحدة لا يتجاوز 200 يورو أو دولار بالحد الأقصى.

وأن معظم الحوالات تصل بطرق غير نظامية عن طريق المعارف، موضحا أن” الفرق بين سعر صرف الدولار الحكومي وسعره في السوق السوداء حوالي 20 بالمئة، وهذه النسبة يعتبرها المواطن من حقه “. حيث أن تدني رواتب الموظفين سبب أساسي لاحتياج المواطن السوري إلى هذه الحوالات والمساعدات الخارجية.

أكثر من 90 بالمئة من المواطنين في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة يعيشون تحت خط الفقر، بحسب “الأمم المتحدة“، في حين أن متوسط ​​الراتب الشهري لموظفي القطاع العام لا يتجاوز 22 دولارا، ولموظفي القطاع الخاص حوالي 60-70 دولارا.

أما بالنسبة لموظفي الحكومة، فالرشوة تشكل “أهم مصدر رزق أساسي غير قانوني له” وينمو ويقل حسب درجة التوظيف، حسبما أكدت تقارير سابقة.

ويلتزم الكثير منهم بوظائفهم بسبب أزمة المعيشة ونسبة الدخل غير القانوني الذي يحصلون عليه من خلال وظائفهم، ويلاحظ أن أغلب السوريين اليوم ينفقون شهريا أضعاف الراتب الشهري الذي يتلقونه من الحكومة، حيث البعض ينفق حوالي نصف مليون والبعض الآخر مليون أو مليونين حسب الحاجة لكل أسرة.

قد يهمك: سوريا.. زيادة قريبة بأسعار الاتصالات والإنترنت ونسبتها ضخمة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.