في خضم موجة الغلاء التي حلت على السوريين منذ بداية العام الجاري وحتى الآن، وبالتزامن مع ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، حيث ارتفعت الأسعار إلى أرقام “خيالية” وغير منطقية، لدرجة أن الكيلو الواحد من فاكهة الصيف كالكرز والبطيخ الأحمر والجانرك وصل إلى أكثر من 20 ألف ليرة سورية، إضافة إلى أسعار السلع الغذائية الأخرى كالأجبان واللحوم والحلويات، وهذا بالتأكيد يفوق قدرة معظم السوريين اليوم، حيث لا يتجاوز متوسط ​​راتب الموظف السوري أكثر من 160 ألفا، الأمر الذي أدى إلى حدوث حالات غش في مكونات تصنيع بعض السلع الغذائية من قبل بعض الباعة، بهدف تسويقها وبيعها بسعر أقل، مستغلين بذلك الأوضاع المعيشية المتردية في البلاد.

ضعف الرقابة

صحيفة “تشرين” المحلية ، نشرت اليوم الأحد، تقريرا أوضحت فيه نقلا عن رئيس جمعية حماية المستهلك بدمشق عبد العزيز المعقالي، اتساع ظاهرة غش المواد في ظل ضعف القدرة الشرائية للمواطن، وأن هناك ثلاثة أنواع من الغش في الأسواق من حيث أوزان المواد السائلة وأوزان المواد الصلبة، بينما تكمن أخطر أنواع الغش في مكونات المواد الغذائية.

وأردف المعقالي في حديثه للصحيفة المحلية، أن تفاقم الغش في الأسواق بشكل كبير يستدعي التصدي له، برغم ما تقوم به وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك من حملات على المواد مجهولة المصدر والمهربة والتي بلا بطاقة منشأ أو مواصفات لما تتركه من سلبيات جمة على المواطن والاقتصاد.

وحدد المعقالي نماذج الغش الذي يحدث في الأسواق السورية، وأضاف: “الأجبان والألبان التي تباع على الأرصفة لا تلتزم بالمواصفات الصحية عدا عن تعرضها للشمس والغبار والغش في مكوناتها والنتيجة ليس له من الألبان إلا اسمه”. مبررا أنه يوجد صعوبة بضبط هذه الحالات، حيث يتم عرضها على الأرصفة وتصنيعها في ورشات غير معروفة لا تطولها عيون الرقابة وتضبط بالصدفة.

فيما اعترف رئيس جمعية حماية المستهلك، بضعف الرقابة في الأسواق وعدم منطقية التسعير، مبينا أن لجان الجمعية تقوم بجولات سبر أسعار في الأسواق بعد تقسيم دمشق وريفها إلى قطاعات، إضافة لتوعية البائعين بضرورة الإعلان عن الأسعار والتقيد بالتسعيرة الرسمية، برغم أن موضوع ضبط الأسعار أصبح صعبا على الجهات الرسمية بعد أن حدث انفلات بالأسعار ولم يعد هناك أي التزام بالتسعيرة الرسمية، بحجة غلاء المستلزمات وارتفاع أجور النقل والمازوت والكهرباء، الأمر الذي يحتاج إلى حل بوفرة المواد وليس ندرتها للقضاء على السوق السوداء التي أصابت أيضا ارتفاع أسعار الخضار والفواكه.

قد يهمك: قرار ملغي أشعل الأسعار في الأسواق السورية.. فما القصة؟

ضرورة رفع الرواتب

وضمن سياق تصريح المسؤول الحكومي حول عدم منطقية الأسعار وعدم قدرة حكومة دمشق على ضبط الأسعار، إلا أن هذا المسؤول لم يتطرق إلى الأسباب الحقيقية لاتساع هذه الظاهرة ولماذا الحكومة لا تستطيع أن تضع حدا وإيجاد حلول منطقية لهذه التجاوزات، مع العلم أنها تدرك جيدا خطورة هذه المواد المغشوشة على صحة المواطنين في البلاد، فضلا عن أن دمشق قامت مؤخرا برفع أسعار المشتقات النفطية وهذا ما أدى إلى حدوث فوضى وموجة غلاء جديدة في البلاد، دون أن تقوم في المقابل برفع مستوى رواتب الموظفين، الذي لم يعد له أي قيمة مقارنة بمستوى المعيشة.

وضمن إطار ارتفاع الأسعار، وغلاء المعيشة في عموم سوريا وخاصة في مناطق سيطرة حكومة دمشق، نشرت صحيفة “الثورة” المحلية، تقريرا يوم أمس السبت، مفادها، أن ارتفاع أسعار المواد المنتجة في القطاعين العام والخاص بشكل متكرر بحجة ارتفاع التكاليف التشغيلية لإنتاج هذه المادة أو تلك، بينما تتجاهل بعض مؤسساتنا التكاليف (التشغيلية) للعامل الذي ينتج هذه المواد، فهذا العامل وبمعرفة الجميع لم يعد قادرا على الاستمرار بتأمين تكاليف استمراره بالعيش والعمل من (طعام وشراب ودواء ولباس وعمليات ونقل) براتبه الهزيل الذي يُعطى له بداية كل شهر، فهذا الراتب لا يزيد قيمته عن ثمن ستة أكياس إسمنت، أو عن ثمن إجراء صورة شعاعية وبعض التحاليل المخبرية، أو عن ثمن حذاء أو بنطال، أو عن ثمن خمس علب حليب أطفال، أو عن ثمن أربعة فراريج، أو عن ثمن ثلاثة كيلو لحمة، أو عن ثمن عدة أصناف من الدواء.

ونتيجة لذلك، فإن كافة أصحاب المهن الحرة والحرفيين، وأصحاب المكاتب الخاصة، والأطباء والمهندسين وغيرهم يرفعون أجورهم كلما ارتفع سعر الصرف أو كلما ارتفعت الأسعار بسبب قلّة حوامل الطاقة وزيادة سعرها في السوق السوداء، بينما العامل أو الموظف الحكومي غير قادر على ذلك.

يعاني معظم السوريين اليوم من أزمة اقتصادية حادة منذ عدة سنوات، ولكن منذ الغزو الروسي لأوكرانيا وانعكاساته على الاقتصاد السوري، تسير نسبة كبيرة من السوريين حياتهم اليومية بشق الأنفس، بالإضافة إلى عزوف نسبة كبيرة منهم عن شراء العديد من السلع والمواد الغذائية وخاصة اللحوم والفواكه، نتيجة لارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق والتي لا تتناسب مع مستوى رواتب ومداخيل المواطنين.

قد يهمك: زفة العريس تقارب النصف مليون ليرة في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.