بغية توفير بعض المواد الخدمية والغذائية بسعر حكومي مدعوم، قامت حكومة دمشق بإصدار ما يسمى بـ“البطاقة الذكية” قبل نحو عامين للعائلات في سوريا ولبعض القطاعات الخدمية العامة والخاصة. إلى جانب إصدار منصة إلكترونية حصرية للحصول على جواز السفر السوري، قبل نحو عدة أشهر.

تلك الخدمات الإلكترونية أثارت جدلا كبيرا ووجهت انتقادات واسعة للحكومة السورية، حيث اعتبر العديد من السوريين هذه الإجراءات تعبيرا عن عجز الحكومة في توفير مستلزمات الحياة، ومن جهة أخرى دليلا على تأزم اقتصاد البلاد بشكل كبير، فضلا عن إرهاق المواطنين بمثل هكذا أساليب للحصول على الاحتياجات اليومية والخدمية بشكل عام.

دمشق تدعي أن مشروع “البطاقة الذكية” الخاص بها يهدف إلى أتمتة توزيع المشتقات النفطية وغيرها من المواد والخدمات على العائلات، من أجل منع تهريب هذه المواد والاتجار بها، مع العلم أن الفساد والاتجار بهذه المواد بات يحدث أكثر من قبل إصدار ما يسمى “البطاقة الذكية”.

كذلك، ومنذ إصدار دمشق مؤخرا منصة إلكترونية بحجة تسهيل تقديم الطلب على استصدار جواز السفر، بات التسجيل على المنصة لأجل أخذ دور فيها أمر بالغ الصعوبة.

اليوم فإن دمشق بصدد إطلاق تطبيق برنامج “الفوترة” الإلكتروني بين المستشفيات الخاصة ووزارة المالية لاستيفاء الضرائب، وهو الأمر الذي يبرز تساؤلات حول الشكوك التي يبديها بعض السوريين الذين تواصل معهم موقع “الحل نت” حول احتمالية فتح باب الفساد أمام المستشفيات الخاصة وبتواطؤ مع الجهات المعنية من قبل حكومة دمشق.

ضبط الضرائب وسهولة الأوراق

صحيفة “الوطن” المحلية، نشرت يوم أمس الأحد، تقريرا قالت فيه نقلا عن رئيس فرع نقابة الأطباء في ريف دمشق خالد موسى أنه سيتم تطبيق برنامج “الفوترة” الإلكتروني بين المستشفيات الخاصة ووزارة المالية لاستيفاء الضرائب.

وأوضح موسى، أنه سيتم تطبيق الربط أولا في دمشق وحلب بحكم أنهما أكبر محافظتين يوجد فيهما العدد الأكبر من المستشفيات الخاصة، ووفق موسى، فإن مشروع الربط الإلكتروني له ميزات إيجابية باعتبار أن الأسعار يتم ضبطها من خلال تطبيق هذا المشروع، إضافة إلى أن التحصيل الضريبي يكون عادلا.

وأكد موسى خلال حديثه مع الصحيفة المحلية، أنه قريبا سيتم الربط الإلكتروني بين فروع النقابة وكذلك مع النقابة المركزية، مشيرا إلى أن “جميع المعاملات والمراسلات ستكون إلكترونية، وبالتالي فإنه يمكن للطبيب الحصول على أي وثيقة يريدها من أي فرع في المحافظة التي يقطن فيها بغض النظر عن الفرع الذي ينتسب إليه باعتبار أن الربط سيكون مركزيا”.

قد يهمك: دمشق.. فساد جديد بسبب “البطاقة الذكية” وتوزيع المحروقات

باب فساد جديد

ضمن سياق القرار الجديد والذي سيصدر قريبا بشكل رسمي، يتخوف نسبة كبيرة من الناس من عدم تنفيذ هذا الإجراء بالشكل المعلن عنه، وبالتالي فتح الباب أمام الرشاوى والمحسوبيات والفساد من قبل القائمين عليه، خاصة وأن التجارب السابقة أثبتت فشل مثل هذه الإجراءات الحكومية كـ “البطاقة الذكية” و”المنصة” الإلكترونية لاستخراج جوازات السفر السورية، حيث أن هذه الإجراءات بدورها خلقت أزمات جديدة وحالات فساد كبرى، سواء من خلال بيع مخصصات البنزين والبنزين والغاز والخبز، بحجة شح المواد، وصولا إلى حجز دور على “المنصة” أو استخراج جوازات سفر فورية من قبل السماسرة وبتواطؤ مع موظفي فروع الهجرة والجوازات، مقابل مبالغ مالية كبيرة وكل هذا وسط غياب أي دور رقابي حكومي.

قبل نحو شهرين، أفاد موقع “أثر برس” المحلي بحدوث ازدحام كبير على مراكز شركة “محروقات” في دمشق، حيث طلبت الشركة مؤخرا، من المستخدمين تحديث بياناتهم الشخصية، الأمر الذي سبب حالة من الغضب لدى المواطنين المنتظرين، خاصة وأن هناك بعض المراكز مغلقة دون وجود أسباب معلنة للإغلاق.

ونقل الموقع المحلي عن أحد العاملين في الشركة، موضحا بأن: “الأهالي يتجمعون بالعشرات أمام باب المركز، منذ 8 صباحا، ومنظمو الدور يدخلونهم على دفعات إلى داخل المركز، بمعدل 5 أسماء في كل دفعة، ويستغرقون ما يقارب ثلاث أرباع الساعة حتى يخرجوا وتدخل الدفعة التي تليهم“.

واتهم المراجعون بعض منظمي الدور، بتقاضي “الرشاوي” للدخول إلى المركز وتجاوز طوابير الانتظار، حيث أكد أحمد لـ“أثر برس” أنه “لاحظنا أن العديد ممن يدفعون لمنظمي الدور (حوالي 5 آلاف) يدخلون للمركز ولا ينتظرون مثل البقية ويتم تسيير أمورهم بسرعة“.

أما على صعيد أزمة الجوازات فقد بات حديث السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي منذ شهور وحتى الآن، وذلك بعد أن أطلقت دمشق منصة إلكترونية بحجة تسهيل تقديم الخدمات، إلا أن المعاناة ازدادت ومن المستحيل حجز موعد على المنصة أو الحصول على جواز السفر السوري المستعجل (الفوري)، إلا بعد دفع مبالغ طائلة للسماسرة المتواطئين مع موظفي الهجرة والجوازات في سوريا.

وضمن سياق التضييق على المواطنين وإفراغ المزيد من الأموال من جيوب السوريين، أصدر وزير العدل، أحمد السيد، قبل أيام، تعميما على كافة قضاة المحاكم الشرعية، يقضي بعدم إجراء المعاملات الخاصة بعقد الزواج ما لم يكن مرفقا بها التقرير الطبي والتحاليل اللازمة، الصادرة عن مخبر وعيادة ما قبل الزواج في نقابة الأطباء.

التعميم الذي صدر عن وزير العدل أثار استياء لدى المواطنين على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرت شريحة كبيرة من السوريين أن إلزامية التقرير الطبي ما هي إلا طريقة جديدة لـ”تشليح” المواطن، وفتح باب جديد لدفع الرشاوى في المراكز الطبية التابعة لوزارة الصحة للحصول على التقارير بسرعة ودون إجراء الفحوص المطلوبة أصلا.

وفي آخر قرار برفع تكلفة التقرير الطبي الخاص بالزواج عام 2020، بلغت هذه التكلفة 55 ألف ليرة، بعد أن كانت 15 ألف ليرة قبل ذلك، بينما تتجاوز حاليا في المراكز المخبرية الخاصة الـ100 ألف ليرة، حيث تبرر نقابة الأطباء ارتفاع التكاليف نتيجة لارتفاع أسعار المواد المستخدمة في هذه التحاليل.

قد يهمك: حزب “البعث” يسيطر على “سمسرة” جوازات السفر بسوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.