أزمة جواز السفر السوري، تعود إلى الواجهة بعد مرور عدة أشهر على الأزمة الأخيرة، حيث ظل عدد كبير من جوازات السفر عالقة بسبب أزمة إمدادات المواد الأولية إلى سوريا، بحسب زعم دمشق آنذاك.

ومنذ أن أطلقت دمشق منصة إلكترونية بحجة تسهيل تقديم الخدمات، إلا أن المعاناة ازدادت ومن المستحيل حجز موعد على المنصة أو الحصول على جواز السفر السوري المستعجل (الفوري)، إلا بعد دفع مبالغ طائلة للسماسرة المتواطئين مع موظفي الهجرة والجوازات في سوريا.

مصادر خاصة من دمشق كشفت لـ”الحل نت” أن سلطة “حزب البعث” تمددت داخل أروقة فروع إدارة الهجرة والجوازات في سوريا، حيث يعمل سماسرة “البعث” على تأمين جواز السفر للشخص المستفيد بأسرع وقت وبكلفة خاصة يتفق عليها السمسار مع الزبون ودائرة الهجرة في المحافظة المعنية، فالأسعار تختلف بين محافظة وأخرى وكذلك تختلف بين سمسار وآخر.

ما أسباب اختلاف الأسعار؟

دخول “حزب البعث” على خط استصدار جوازات السفر يعود لمصالح مختلفة، فأولها الجانب الاقتصادي من خلال تمويل كبير ينتظرونه من رسوم الجوازات. فالـ800 دولار التي يدفعها أغلب زبائن سماسرة البعث لا تذهب لصندوق الهجرة والجوازات إنما تكون العائدات الإدارة كرسوم استصدار جواز عادي غير فوري.

السبب الثاني الذي استدعى دخول “البعث” لأروقة الجواز هو تبادل مصالح مشتركة مع أصحاب الحاجة، فنسبة ليست بالقليلة قد لا تدفع مبالغ كبيرة بالدولار لسمسار الحزب، بحيث يكون ثمن استصدار الجواز هو مصلحة مردودة لقياديي الحزب في محافظات عدة من خلال إنجاز صفقات تجارية أو مصالح خاصة لهم سواء مع صاحب العلاقة أو مع الشخص الذي توسط لصاحب الجواز المستصدر.

سمسار “حزب البعث” يؤمن أن تسير أمور استصدار جواز السفر بكل يسر وسهولة ابتداء من حجز الدور على المنصة وانتهاء باستلام الجواز الذي يمكن أن يستلمه سمسار الحزب حتى دون الحاجة لوجود صاحب العلاقة أو أحد أقاربه.

الحصول على جواز سفر بـ”اتصال صغير”

مصادر “الحل نت” أكدت أن أمر الحصول على الجواز من خلال سمسار الحزب لا يكلف سوى اتصال صغير من قبل رجل الأعمال أو الوسيط المتنفذ حتى تتم باقي الإجراءات بكل سهولة، وحتى ولو كان هناك طلبات عدة من الجوازات الفورية وبوجود أصحابها.

وتتابع المصادر حول ذلك “بمكالمة هاتفية واحدة يتم تسجيل اسم صاحب الحجز عند رئيس فرع الهجرة لأي محافظة كانت، وسيكون بمقدور صاحب الطلب الحضور إلى فرع الدائرة في أقرب وقت متاح ليتم تسهيل أموره بشكل كبير وتجاوز الطابور الطويل الموجود أمامه”.

الجوازات المستعجلة في جميع المحافظات السورية مستحيلة، دون التي تتم عن طريق السماسرة وبدفع مبلغ كبير قدره 800 دولار، أي نحو ثلاثة ملايين سورية. وتكفي أن تكون هناك مصلحة مشتركة بين أحد قياديي الحزب والوسيط المتنفذ (رجل الأعمال) حتى تبدأ العلاقة بحجة جواز السفر وتنتهي بعقد صفقة معينة لأي من المشاريع التي يسعى الوسيط لتنفيذها.

تكلفة الجواز العادي تقُدر بنحو 700 ألف أي 180 دولار، والحجز يكون لوقت غير معلوم وطويل، أما المستعجل فيكلف 800 دولار، والحجز يكون في اليوم التالي مباشرة.

يجدر التساؤل هنا، حول علاقة “حزب البعث” بدائرة الهجرة والجوازات، وحجم نفوذها في غيرها من مؤسسات الدولة حتى يتمكن من فرض سلطته على العاملين في المؤسسات الحكومية، ولم كل هذا الخوف والخضوع لطلبات المسؤولين في الحزب مع العلم أن بعضهم “ضُباط كبار”.

ليس بالغريب أو الجديد الكشف عن تسلط “حزب البعث” على مؤسسات الدولة، فسلطة الحزب كانت سابقا في الجامعات السورية وأغلب الظن موجودة حتى الآن، حيث شوهدت وتداولت العديد من الحوادث سابقا بأنه إذا كان لديك وسيط قوي مع أحد مسؤولي الحزب، فيمكن للطالب الجامعي أن يؤمن نفسه بسهولة، سواء جلب أسئلة المواد أو رفع المادة حتى دون تقديم الفحص في القاعات الامتحانية في الجامعة.

قد يهمك: جديد جواز السفر في سوريا.. السفر عبر الزمن ضروري!

شروط “تعجيزية” ولكن!

تداول السوريون عبر الإنترنت، قبل نحو أسبوع، صورا لمحاولاتهم الحجز عبر المنصة الإلكترونية، مؤكدين أن مواعيد الحجز لم تكن منطقية، بسبب المواعيد البعيدة جدا، فيما حصل بعضهم على مواعيد فائتة أصلا وغير صالحة.

وحصل أحد السوريين على موعد فائت للحصول على جواز سفر، حيث كان تاريخ الموعد عام 1969، فيما حصل عشرات الآخرين على مواعيد بعد عامين أو ثلاثة أعوام من الآن، فوصلت مواعيد الحجز إلى عام 2024.

وضمن هذا السياق، وبحسب زعم مصدر في وزارة الداخلية السورية، لصحيفة “الوطن” المحلية، أن “القرار الذي صدر، وحدد بدل 300 ألف ليرة سورية أي نحو 100-90 دولارا مع باقي التكليفات الأخرى، لكل من كان مضطرا لجواز سفر على أن يستلمه في اليوم ذاته، هدفه وضع حد لكل ما يشاع عن سمسرات وأتاوات وبيع دور على المنصات، مبينا أن هذا البدل سيذهب إلى خزينة الدولة”.

وفي هذا السياق، أكد مصدر خاص، وهو مواطن من العاصمة دمشق، ويريد الحصول على جواز سفر، لموقع “الحل نت”، “للأسف، فإن قرار الحكومة بدفع 300 ألف ليرة سورية للحصول على جواز سفر فوري هو قرار “تعجيزي”، فمنذ الصباح وأنا أقف أمام مبنى الهجرة والجوازات فرع البرامكة بدمشق وكذلك الوضع بالنسبة لفرع ركن الدين، فالحراس لم يدخلوني إلى المبنى للحصول على جواز السفر الفوري، بسبب أن جواز السفر المستعجل الفوري غير متاح للجميع، وفقط لحالات خاصة منها من لديهم إقامة خارجية و تأشيرة الدخول أو السفر لعقد الزواج أو للدراسة أو العلاج”.

وأضاف المصدر الخاص والذي فضل عدم ذكر اسمه، “أعتقد أن هذا القرار ليس سوى “رفع عتب” أمام الناس وإبعاد الشبهات عن الفساد الذي يحصل حاليا، فأنا وغيري الكثيرين من الناس نريد الحصول على جواز السفر بشكل مستعجل أو حتى ننتظر لمدة شهر، ولكن لا يمكننا الحصول على ذلك، فالدور على المنصة وصل لبعد ثلاثة سنين تقريبا، وهذه مهزلة حقيقة”.

وختم حديثه بالقول “المواطن اليوم أمام خيارين للحصول على جواز السفر، أما ينتظر سنتين أو ثلاثة سنوات، أو أن يدفع للسماسرة المتواطئين مع موظفي الجوازات، مبلغا طائلا يصل لنحو ثلاثة ملايين أي نحو 800 دولار”. أو أن يملك المواطن واسطة قوية مع أحد المتنفذين في هذا البلد سواء من الضُباط أو أحد المسؤولين في حزب “البعث”.

قد يهمك: هل تُنهي 100 دولار سمسرة جوازات السفر في سوريا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.