بما أن نقص مادة المازوت أدى إلى تعطيل عجلة الإنتاج في المشاريع التي استثمرت بعيدا عن أروقة دمشق، يبدو أن التصريحات الأخيرة لوزير الإدارة المحلية والبيئة، حسين مخلوف، خلال زيارته للمنطقة الصناعية في أم الزيتون بالسويداء، قد ذهبت أدراج الرياح بعد وعوده بتذليل الصعوبات والعقبات والسعي لتأمين متطلبات إنتاج الوقود والمشاريع الاستثمارية.

استثمارات توقفت

أدى نقص الوقود وتحديدا مادة المازوت، إلى انقطاع دورة الإنتاج في المشاريع التي تلقت تمويلا حتى الآن، بدءا من مصنع إنتاج الكحول وتقطيره إلى مصنع إنتاج المعكرونة والشعيرية ومصنع لتجديد الإطارات وتصنيعها.

وأكد أصحاب المصانع المستثمرون في منطقة أم الزيتون الصناعية، في حديثهم لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الثلاثاء، أن نقص المازوت في المصانع اضطرهم إلى تقليل إنتاجهم من الخطة المعتمدة، بالإضافة إلى توقف بعض المصانع بسبب عدم قدرة أصحابها على تأمينها بعد إرتفاع سعرها في السوق السوداء.

من جانبه، قال مدير معمل تصنيع وإنتاج وتقطير الكحول والمعقمات الطبية، الدكتور أكثم جبور، إن المعمل اضطر إلى إيقاف الإنتاج لمدة شهرين بسبب عدم وجود تخصيصات للوقود، والتي بلغت 6000 لتر شهريا، رغم وعود الجهات المعنية في المحافظة بتأمين 2000 لتر.

ونظرا لعجز المحطة عن تشغيل مجموعات التوليد لضمان استمرارية خطوط الإنتاج، بسبب افتقار المحطة للكهرباء حتى الآن للوقود، والحاجة إلى ما بين 700 و 1000 لتر شهريا على الأقل لضمان تشغيل خطوط الإنتاج، تم تعليق خط إنتاج المحطة لتصنيع وتقطير الكحول، ولم يبق سوى خط تصنيع مادة “البوفيدون”.

وأوضح جبور، أن تصريح العمل يشمل 12 نوعا من المعقمات منها مادتان فقط يتم إنتاجهما حاليا بأقصى طاقته، مشيرا إلى أن خسائر المصنع كبيرة في ظل سعي إدارته لتأمين مادة المازوت من السوق السوداء، حيث تجاوز سعر اللتر الواحد 5000 ليرة، ما أدى إلى عدم تلبية المصنع لمعدل الإنتاج المخطط له والبالغ 10 بالمئة.

بالحدود الدنيا!

وحول معمل تصنيع المعكرونة والشعيرية، قال نور الصحناوي، أن حاجة المعمل الشهرية تتجاوز 6000 لتر لضمان سير عمل المحارق داخل خطوط التصنيع بشكل جيد، إلا أن المعمل لم يحصل على ليتر مازوت منذ بداية العام الحالي، رغم العقود التي أبرمها لتزويد قاعات المؤسسة الاستهلاكية وقاعات المؤسسة الاجتماعية والعسكرية في السويداء، والعديد من المؤسسات في دمشق وحماة ودير الزور وغيرها، مما دفعه إلى الحصول على المازوت من السوق السوداء والعمل بخسارة للوفاء بالتزاماته التعاقدية.

وأضاف الصحناوي، أن “المطحنة التي تزود المصنع بالدقيق، لم تحصل على أية كميات من الوقود لتشغيلها منذ سنتين، إذ إن تشغيلها يحتاج إلى 20 ألف لتر شهريا، وقدرتها الإنتاجية تبلغ مائة طن يوميا، مما اضطره إلى شراء المواد من السوق السوداء لتشغيل أجهزة التوليد في المطحنة، بسبب ساعات التقنين الكهربائي الطويلة”.

من جهته، كشف صاحب معمل تجديد وتصنيع الإطارات وهو المعمل الثالث في المنطقة الصناعية، مهند كيوان، أنه كان من المفترض أن تبدأ عجلة الإنتاج في المحطة منذ ثلاثة أشهر، إلا أن عدم قدرة الجهات المعنية على تأمين الفيول حال دون بدء الاستثمار، خاصة وأن المحطة تحتاج إلى الوقود شهريا.

بدوره أكد عضو المكتب التنفيذي المختص بقطاع المحروقات في المحافظة، باسل الشومري، أنه في ظل الوضع الحالي في البلاد وما نتج عنه من نقص في الوقود على المستوى المحلي، تعمل اللجنة المركزية للوقود في المحافظة على تأمين احتياجات هذه المصانع من المازوت ولكن بمستويات قليلة وفي الحدود الدنيا.

أسعار المازوت تُعرقل حركة الاقتصاد

باتت خسائر الصناعة السورية من أهم القضايا التي تشغل الاقتصاديين، في وقت يتحدث فيه كثير من المراقبين عن تراجع الإنتاج المحلي وضعف كبير في الصادرات في سوريا جراء القرارات الحكومية الغير صائبة وغياب الدعم الحكومي لهذا القطاع.

وضمن هذا الإطار، يرى الصناعيون أن قرار حكومة دمشق الأخير برفع أسعار المحروقات سيؤدي حتما إلى ارتفاع الأسعار وبالتالي إعاقة تصدير المنتجات الصناعية، وهذا حتما سيضر باقتصاد البلاد عموما ومن الممكن أن تشهد سوريا هجرة جديدة لما تبقى من الصناعيين والحرفيين.

في سياق قرار حكومة دمشق الأخير برفع أسعار مادتي البنزين والمازوت، غير المدعومين، والتي بررت ذلك بالقول إن ارتفاع أسعار النفط ارتفاع عالمي، اعتبر عضو غرفة صناعة دمشق وريفها الحكومية، أسامة زيود، الأحد الفائت، أن “رفع سعر المازوت الصناعي إلى 2500 ليرة سورية سيعيق معظم المنتجات الصناعية السورية من التواجد في الأسواق العالمية نتيجة فقدانها القدرة على المنافسة السعرية، ما سيؤدي إلى تراجع التصدير”.

وأردف زيود، أن قرار رفع سعر المازوت بنسبة 47 بالمئة سيؤدي مباشرة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج بذات النسبة وهذا سيضاف على سعر المنتج سواء كان مخصصا للسوق المحلي أو الخارجي”.

الجديرر ذكره، أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية، في 17 أيار/مايو الفائت، رفعت أسعار مادتي البنزين والمازوت، وقالت الوزارة السورية في بيان نشرته وقتذاك، إن سعر مادة البنزين (أوكتان 90) الجديد هو 3500 ليرة سورية للتر الواحد، بعد أن كان بـ2500، في حين ارتفع سعر البنزين (أوكتان 95) من 3500 إلى 4000 ليرة، أما سعر مادة المازوت الصناعي والتجاري فارتفع بحسب بيان الوزارة، من 1700 إلى 2500 ليرة للتر الواحد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.