تجارة وتهريب المخدرات، تعتبر السمة الأبرز التي تميز حكومة دمشق والميليشيات الإيرانية المتواجدة في سوريا، إذ تطورت هذه التجارة بشكل كبير بعد العام 2011، وخاصة بعد العقوبات التي فُرضت على دمشق، في محاولة من الأخيرة لإيجاد مورد مادي بديل.

دولة مخدرات

رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، بوب منديز، قال إن” نظام الأسد حول سوريا فعليا إلى دولة مخدرات، للحصول على العملة الصعبة والتحايل على العقوبات”، وذلك في كلمته الافتتاحية لجلسة استماع، في الكونغرس الأميركي أمس الأربعاء، بعنوان “المسار إلى الأمام بشأن السياسة الأميركية السورية: الاستراتيجية والمساءلة”.

وأوضح منديز، أن “الصراع المجمّد في سوريا أدى إلى معضلات إنسانية وسياسية وأمنية هائلة”، مضيفاً أن “الولايات المتحدة تبدو غير موجودة وترسل رسالة بأنه يمكنك ارتكاب جرائم حرب في وضح النهار أمام الكاميرا وسيتجاهل المجتمع الدولي أفعالك”، بحسب متابعة “الحل نت”.

وأشار إلى أن دمشق وحزب الله، يقومان بتصنيع حبوب “الكبتاغون”، ما يحول سوريا “فعليا إلى دولة مخدرات، تتاجر بالمخدرات في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأوسط للحصول على العملة الصعبة والتحايل على العقوبات” بحسب تعبيره.

قد يهمك:المخدرات منتشرة في البقاليات والأكشاك.. ووزارة الداخلية السورية تكذب فقط

خطر المخدرات يتصاعد في سوريا

بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، قال مسؤولون أمنيون عرب إن “الكبتاغون” يأتي بشكل أساسي من مناطق تسيطر عليها القوات النظامية السورية، والميليشيات الموالية لإيران. وهم يعزون زيادة التهريب على مدى العامين الماضيين إلى انخفاض تكاليف الإنتاج. ونضوب الموارد غير المشروعة الأخرى في الاقتصاد السوري المتضرر من الحرب.

كما قال المحلل العسكري، عبد الله حلاوة، لـ”الحل نت” في وقت سابق، إنه تحت قيادة الرئيس السوري، بشار الأسد، أصبحت البلاد النقطة المحورية لتصنيع المخدرات وتصديرها في المنطقة كإمبراطورية للمخدرات في سوريا. إذ إن صلات الأسد بتجارة المخدرات باتت موثقة جيدا وبالكاد يتم إخفاؤها. وهو ما يفسر عدم وجود جهود من قبل دمشق لقمع تجارة المخدرات المزدهرة. بالإضافة إلى أن جني المكاسب المالية من تجارة المخدرات، يستخدمه الأسد كورقة إستراتيجية ضاغطة ضد خصومه الإقليميين.

وأشار حلاوة، إلى أنه منذ عام 2011، انخرطت الجماعات المسلحة في سوريا في صناعة المخدرات. ومع ذلك، فإن هذه الأعمال غير المشروعة لم تزدهر إلا بعد تمدد القوات الحكومية واستعادتها لبعض المناطق. والذي بلغ ذروته في صيف 2018.

وأضاف، “لا يمكن أن يحدث الازدهار في صناعة الكبتاغون إلا بحماية الدولة. وهو ما يتضح من خلال مشاركة شخصيات وشبكات رئيسية في النظام. وعلى رأسها الفرقة الرابعة المدرعة في الجيش السوري، وهي وحدة النخبة بقيادة ماهر الأسد، الأخ الأصغر للرئيس وأحد أقوى الرجال في سوريا”.

وفي مطلع العام الحالي حاول مكتب اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، نفي تأكيدات التقارير الإخبارية والدراسات على أن “سوريا تطورت إلى دولة مخدرات”، بأنها تنقل “معلومات كاذبة ومضللة”. متجاهلا في الوقت ذاته تصريحات “الشرطة الدولية”، التي أكدت اعتراض ما لا يقل عن 15 شحنة أخرى من المخدرات في الشرق الأوسط وأوروبا في العامين الماضيين، جميعها قادمة من سوريا.

وسبق أن أكد مصدر خاص لـ”الحل نت”، أن مصانع المخدرات تمتد من الحدود اللبنانية – السورية وحتى جنوب سوريا مرورا بالقنيطرة. مشيرا إلى أن هذه المصانع لا تستطيع السلطات السورية الدخول إليها بسبب تبعيتها للحزب. في حين أن التجارة الداخلية للمخدرات أصبح منتشرة في البقاليات والأكشاك.

وأشار المصدر إلى أن تجارة المخدرات في سوريا تعتمد على عقارين رئيسيين؛ الأول “الحشيش”، والثاني هو حبوب المنبهات من نوع “الكبتاجون”. ولكن في الفترة الأخيرة باتت سوريا هي المركز العالمي لإنتاج الكبتاغون. والتي أصبحت الآن أكثر تصنيعا وتكيفا وتطورا من أي وقت مضى.

إقرأ:تصاعد خطر إمبراطورية المخدرات في سوريا

تقارير دولية تؤكد تورط دمشق

في شباط/فبراير الماضي، كشفت صحيفة “نيويورك تايمز”عن دور الفرقة الرابعة في تجارة المخدرات. إذ تسيطر على القسم المسؤول عن الحدود مع لبنان والأردن. وهما نقاط التصدير الأساسية لحبوب الكبتاغون” المصنعة في سوريا”.

حيث تحتفظ الفرقة الرابعة بشبكة من نقاط التفتيش عبر مناطق سيطرة الجيش السوري. والتي تمكنها من توفير حماية حيوية لمصانع “الكبتاغون” وتسهيل حركة المخدرات في جميع أنحاء البلاد. كذلك فإن العديد من أقارب الرئيس السوري متورطون بشكل كبير في هذه الأعمال غير المشروعة. بما في ذلك سامر الأسد، رغم أنه ابن عم بعيد لبشار، لكن التحقيق كشف أنه يشرف على غالبية إنتاج “الكبتاغون” حول اللاذقية. ويمارس بشكل كبير في التهريب بجميع أنحاء المنطقة الساحلية السورية. حيث أصبح مصنع “الكبتاغون” الذي يملكه في قرية بستان الباشا جنوب اللاذقية معروفا. بعد أن كان يخفيه في صورة شركة مصنعة لمواد التغليف، بحسب الصحيفة.

وفي نيسان/أبريل الفائت، كشف تقرير صدرعن معهد “نيو لاينز” الأميريكي، أن قيمة تجارة حبوب الكبتاجون في الشرق الأوسط، تجاوزت 5 مليارات دولار خلال العام 2021 ، مشيرا إلى تورط أفراد من عائلة الرئيس السوري بشار الأسد، وكبار أركان نظامه وحزب الله اللبناني في تصنيع الكبتاجون وتهريبه.

وأشار التقرير إلى أن هذه التجارة باتت تشكل اقتصادا غير مشروع ومتسارع النمو في الشرق الأوسط ومنطقة البحر المتوسط، مضيفا أنه فقد تم احتساب القيمة المذكورة من خلال كميات حبوب تم ضبطها، حيث تقدر القيمة المحتملة لتجارة التجزئة بأكثر من 5,7 مليار دولار، بينما كان الرقم في العام 2020 نحو 3,5 مليار دولار، وهي حبوب تمت مصادرتها تقدر خلال العام 2021 بنحو 420 مليون حبة كبتاجون.

وأكد التقرير أن سوريا تعد المنتج الرئيسي لحبوب الكبتاجون، بينما تعد السعودية المستهلك الرئيسي لها، ولكن الكمية الفعلية التي تم ضبطها هي أعلى بكثير، وهي جزء مما يتم إنتاجه.

قد يهمك:تهريب المخدرات وتوسيع النفوذ العسكري.. أهداف “حزب الله” من الطائرات المُسيّرة بسوريا

من الجدير بالذكر أن دمشق والميليشيات الإيرانية لا يمكنها التخلي عن صناعة وتهريب المخدرات، حيث أبحت أحد أركان الاقتصاد بالنسبة لها في ظل العقوبات الغربية المفروضة عليهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.