برز ملف اللاجئين السوريين مؤخرا وتصدر المشهد الإعلامي لا سيما بعد التضييق الذي يواجهه السوريون في بلدان عدة لجأوا إليها قبل أعوام مضت، وكذلك استحالة استقبال لاجئين جدد سواء في الدول العربية ودول الجوار وفي مقدمتها تركيا، إضافة إلى صعوبة ذلك في الدول الأوروبية.

ولعل التضييق المتزايد في تركيا وارتفاع مستواه واستخدام ورقة اللاجئين السوريين في ملف الانتخابات للقوى السياسية التركية، يدفع الكثير من السوريين للتفكير بخيارات جديدة تجاه بلدان لم تكن في حسبانهم أن يلجأوا إليها خلال السنوات الماضية، سيستعرض موقع “الحل نت” معكم أبرزها في السطور التالية.

وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قال في منتصف نيسان/أبريل الفائت إن تركيا، إلى جانب أربع دول أخرى، بدأت في مبادرة لإعادة اللاجئين السوريين بمجرد ضمان سلامتهم.

في 22 من الشهر ذاته، ردد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بيان جاويش أوغلو، مضيفا أنه بمجرد أن “نخلق بيئة آمنة وآمنة، سيعود اللاجئون طواعية”. وفي الوقت الحالي، تبدو الخطط التركية في إعادة أكثر من مليون لاجئ سوري إلى أراضيهم، وكذلك الخطط البريطانية التي بدأت بنقل اللاجئين إلى رواندا، غير واقعية إلى حد كبير وسط انعدام الأمن في سوريا، فما خيارات المتاحة أمام السوريين الآن.

التعقيدات عقبة أمام السوريين

يواجه اللاجئون السوريون في دول الجوار وخاصة تركيا مجموعة معقدة ومتشابكة من التحديات في سعيهم لتحقيق الاستقرار، فمعظم الدول العربية والإقليمية التي لجأ إليها السوريون، ليست دول لجوء، وهو ما يمثل التحدي الرئيسي للسوريين حيث لا يمكنهم التمتع بنفس الخدمات التي تقدمها الدول الأوروبية للاجئين، بدءا من تعلم اللغة وعملية الاندماج الكامل وانتهاء بإيجاد عوامل التواجد الدائم في تلك البلدان.

تعكس التعقيدات التي يعاني منها اللاجئين في هذه الدول الحاجة إلى عملية قانونية مناسبة لاستيعاب وجودهم الطويل، بعيدا عن أي تغيير مفاجئ تحمله القرارات الإدارية، لا سيما القرار الأخير الذي اتخذته تركيا، والذي شمل بعض القيود على التنقلات ومنح بطاقة الإقامة.

وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، أعلن أمس السبت، أنهم خفّضوا نسبة تواجد الأجانب في الأحياء من 25 بالمئة إلى 20 بالمئة، وعليه فلن يشكل عدد الأجانب أكثر من 20 بالمئة أمام الأتراك، اعتبارا من أول تموز/يوليو المقبل، ويهدف القرار الجديد إلى تقليص كثافة الأجانب في بعض المناطق التركية، حيث أوضحت تركيا مسبقا أنها لم تعد تسمح للأجانب بالإقامة في 781 حيا ضمن 54 ولاية، بسبب ازدياد نسبتهم على 25 بالمئة فيها.

وعلى الرغم من أن ذوبان الجليد في العلاقات مع دمشق سيمثل تحولا في السياسة الخارجية للدول التي تستضيف السوريين تجاه سوريا، فإن المقترحات الأساسية لمثل هذه التطورات ليست جديدة على الإطلاق، إذ يمثل التركيز على عودة اللاجئين وإنشاء “منطقة آمنة” حدودية على وجه الخصوص تأكيدا متجددا على أهداف السياسة طويلة الأمد، والتي تظهر الآن بسبب الاتجاهات في السياسة الداخلية التركية.

أميركا الجنوبية وجهة محتملة؟

في حين أن الدول التي تستقبل اللاجئين السوريين، فشلت حتى الآن في توفير الظروف المناسبة لعودة السوريين بأعداد كبيرة – ولا تزال مثل هذه العودة غير مرجحة في المستقبل المنظور – يرجح أن الضغط المحلي المتزايد على اللاجئين السوريين في هذه الدول أن يؤدي إلى خلق هجرة جديدة نحو أميركا الجنوبية.

البرازيل، هي بالفعل موطن لعدد كبير من الشتات السوري، خلال العقود الماضية، فالبرازيل يتواجد بها جالية سورية وعربية كبيرة نتيجة الهجرة المتزايدة منذ مطلع القرن الماضي، بينما إلى الآن لا تزال تستضيف المزيد من السوريين الذين لا تزال عملية تقديم طلباتهم جارية، حيث تعد البرازيل اليوم المتلقي الرئيسي للاجئين السوريين في أمريكا الجنوبية.

وبما أن الإجراءات في البرازيل غير معقدة أمام السوريين من المتوقع أن تتجه أنظار اللاجئين السوريين في الدول العربية والإقليمية المحيطة بسوريا إلى هناك، فتبعا للوائح التي تسنها وزارة الخارجية البرازيلية، يمكن للمتضررين من “النزاع المسلح في سوريا” التقدم بطلب للحصول على التأشيرة الإنسانية إلى البرازيل، وفق ما تذكره الوزارة.

وتشير اللوائح، إلى أن الحكومة البرازيلية لا تتكفل بتكاليف تذاكر الطيران أو المسكن في البرازيل، وبالتالي يجب أن يكون اللاجئ على استعداد لتغطية كافة تكاليف السفر الخاصة به وبعائلته، بعد تقديم موعد للمقابلة عبر رابط إلكتروني على موقع الوزارة.

وبعد استكمال ملء استمارة التأشيرة الإلكترونية، وإرفاق جميع المستندات المطلوبة على نظام المواعيد الإلكتروني، يتم معالجة الطلبات حسب نظام الدور، ويتم التصريح حول إمكان حجز موعد المقابلة، ثم تتخذ سلطات الهجرة في البرازيل القرار النهائي بشأن منح التأشيرة، أو عدمه، وقد يستغرق استلام الإجابة من شهر إلى ستة أشهر.

السفر إلى البرازيل يبدو وجهة جذابة، إذ لا تفرض الدولة اللاتينية، أية عراقيل أمام اللاجئين السوريين للحصول على إذن للعمل، الذي يعتبر تصريحا للعمل بشكل قانوني في البرازيل، إلا أنه يجب عليه التسجيل في أقرب قسم للشرطة الفيدرالية خلال 90 يوما اعتبارا من تاريخ الوصول.

قانون التأشيرة الجديد للأرجنتين

الأرجنتين هي الأخرى، واحدة من بين مجموعة من البلدان في أميركا الجنوبية التي وافقت على استقبال المزيد من اللاجئين المعاد توطينهم، بعد أن تم إطلاق البرنامج في عام 2014، وتم تعزيزه في أيلول/سبتمبر 2016.

وقد تم تعديل القانون الذي يتطلب أن يكون للمتقدمين بطلب الحصول على تأشيرة أفراد من عائلاتهم في البلاد، وكذلك أصبح بإمكان أي مواطن أرجنتيني أو منظمة غير حكومية أرجنتينية الآن أن تصبح كفيلا للاجئ أو المهاجر من الناحية النظرية، وأن تستضيفه.

في حين تقدم مفوضية اللاجئين، الدعم التقني والمالي للبرنامج، من خلال آلية الدعم المشترك للبلدان الناشئة في مجال إعادة التوطين كالبرازيل والأرجنتين، وهي إطار تعاون مشترك مع المنظمة الدولية للهجرة، وتركز موارد الآلية على تعزيز القدرات المؤسسية ودعم عملية اختيار اللاجئين السوريين واستقبالهم وإدماجهم في الأرجنتين.

الجدير ذكره، أن نسبة اللاجئين السوريين وصلت إلى 8.25 بالمئة من نسبة اللاجئين عالميا حتى نهاية عام 2019، لتصنف سوريا بذلك بلد المنشأ الأول للاجئين منذ العام 2014، وذكر تقرير “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” الصادر مؤخرا، أن عدد اللاجئين السوريين وصل إلى نحو 6.6 مليون لاجئ موزعين في 126 دولة، ويتركز 83 بالمئة من اللاجئين السوريين في دول المنطقة العربية والجوار السوري.

ووفقا لتقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، والمعروف باسم ” نزول سوريا إلى الهاوية “، فإن العنف يستمر ضد المدنيين في جميع أنحاء البلاد، من القصف في الشمال الغربي والشمال الشرقي، إلى عمليات القتل المستهدف والاحتجاز غير القانوني و التعذيب.

وبحسب تقرير لجنة التحقيق، الصادر في 15 آذار/مارس الفائت، لا توجد منطقة آمنة للاجئين السوريين يمكنهم الانتقال إليها، وفي الوقت نفسه يتعرض بعضهم لاعتداءات نفسية وأحيانا عنف جسدي لإجبارهم على التوقيع على استمارات “العودة الطوعية” داخل مراكز الترحيل في بلدان اللجوء في بعض دول الجوار.

وبحسب شهادات لاجئين، فإن اللاجئين السوريين يفتقرون إلى هيئة حقوقية تمثل صوتهم وتواجدهم في البلدان المستضيفة لهم، تحمي حقوقهم في حال وقوع مثل هذه الانتهاكات، وتوفر لهم الدعم القانوني لإدارة حياتهم، أو أن توفر خيارات متعددة تساعدهم على خلق واقع أفضل بالنسبة لهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.