مجددا، عادت السلطات المتدافعة حول السلطة فيما بينها في لبنان، لمحاولة تدارك فشلها في إدارة مشاكل البلاد عبر ملف اللاجئين، حيث حذر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أمس الخميس، مجلس الأمن الدولي من خروج الوضع عن السيطرة في لبنان بسبب ما وصفه بـ “أزمة اللاجئين السوريين”.

تحذيرات الرئيس ميقاتي جاءت في رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اطلعت عليها موقع “الحل نت” على نسخة منها، وقال فيها إن “لبنان البلد الصغير بمساحته 10 آلاف و452 كلم مربعا وعدد سكانه 5 ملايين، يستضيف أعلى نسبة من النازحين (اللاجئين) في العالم بالنسبة لعدد سكانه”.

ميقاتي أضاف أن “لبنان يعاني منذ 3 سنوات، واحدة من أشد وأقسى الأزمات الاقتصادية والمالية، التي وضعت أكثر من 80 بالمئة من اللبنانيين تحت خط الفقر”، لافتا إلى أن “كلفة أزمة النزوح السوري على الاقتصاد اللبناني تقدر بأكثر من 3 مليارات دولار سنويا”.

كما أشار إلى أن “الفئات الأكثر ضعفا من اللبنانيين بدأت تتنافس على الخدمات والموارد المحدودة مع النازحين السوريين الذين يضاف إليهم اللاجئون الفلسطينيون، بحيث يشكلون معا نصف عدد اللبنانيين أو ما يقارب المليوني نسمة”.

اقرأ/ي أيضا: لبنان بين الحرب وترسيم الحدود مع إسرائيل

لبنان في وضع صعب

رئيس حكومة تصريف الأعمال المنشغل في صراع توريث المنصب وسط أزمات حادة يعاني منها البلاد، شدد في رسالته أن “الوضع الصعب الذي يواجهه لبنان يقتضي مقاربة مختلفة نوعيا في التعاطي مع أزمة النزوح السوري قبل أن تتفاقم الأوضاع بشكل يخرج عن السيطرة”.

فيما اعتبر، أن “التطورات الميدانية داخل سوريا وتراجع حدة العمليات العسكرية في العديد من المناطق، أتاحت فرصا للعودة الآمنة للاجئين السوريين ينبغي دراستها”، داعيا غوتيريش إلى “وضع خارطة طريق واضحة لمعالجة أزمة النزوح السوري”.

ميقاتي بين أن “عددا كبيرا من النازحين الموجودين في لبنان هربوا أساسا من العمليات العسكرية والوضع الاقتصادي الصعب، ولم يثبت فيهم توفر شروط معاهدة 1951 التي تتناول النواحي الجوهرية من حياة اللاجئ، والتي لم ينضم إليها لبنان أصلا، ولا أي من الشروط التي ينص عليها القانون الدولي لمنح حماية قانونية”.

وأشار إلى أن “الاستمرار في إقفال الباب أمام دراسة أية فرصة لعودة متماشية مع القانون الدولي يزيد من تأزم الوضع في دول اللجوء، ولا سيما لبنان، ويفوت فرصة أن تكون عمليات العودة الآمنة محفزا لتقدم المسار السياسي الهادف إلى حل مستدام يراعي مقتضيات الشرعية الدولية ويصون استقرار وسلامة أراضي سورية ووحدة شعبها”.

اقرأ/ي أيضا: هل تعود المياه لمجاريها بين وليد جنبلاط وسمير جعجع؟

لبنان يطالب بإجراءات سريعة

الرئيس اللبناني دعا أيضا، بحسب رسالته إلى “دون إبطاء إلى البدء بتنفيذ الآليات الدولية الواردة في النصوص المعتمدة لدى المفوضية العليا للاجئين ومجلسها التنفيذي حول عودة اللاجئين، ولا سيما أن تلك النصوص تفرض في نصها وروحها أخذ الوضع في البلد الأصلي بالاعتبار، وكذلك الوضع في بلد اللجوء، في معرض إقرار العودة”.

ويرى أن “مبدأ التقاسم العادل للأعباء ومبدأ التضامن الدولي اللذين تفرضهما مبادئ القانون الدولي على المجتمع الدولي غير محققين ولا سيما نظرا للكلفة الباهظة للأزمة على لبنان واقتصاده وموازنته العامة، إضافة لبناه التحتية ومؤسساته الإدارية المتنوعة”.

وبين أن “النصوص المعمول بها تفرض على المجتمع الدولي دعم تلك المسارات ومساعدة العائدين على إعادة الاندماج في مجتمعهم الأصلي، قبل أن يصبح النزوح المتمادي في الزمن سبباً لتمزيق النسيج الاجتماعي للبلد الأصلي، بشكل تصعب معالجته مع مرور كل يوم على الوضع الحالي”.

كذلك طالب رئيس حكومة لبنان بـ “السرعة المرجوة مساعدة الجهات المعنية في إجراء عملية مسح تراعي المعايير الدولية، وتسمح بتحديد الإطار القانوني الصالح للتطبيق، سواء كان القانون الدولي أو القوانين الداخلية التي ترعى إقامة الأجانب وعملهم”.

وبحسب التقديرات اللبنانية، يبلغ عدد اللاجئين السوريين في لبنان 1.8 مليونا، نحو 880 ألفا منهم فقط مسجلون لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كما يحتضن لبنان حوالي 200 ألف لاجئ فلسطيني.

https://twitter.com/faisali1958/status/1568092345463087104?s=21&t=anO-3y7cyuZp8bAmbyP99Q

مضايقات لبنانية على اللاجئين السوريين

كانت الحكومة اللبنانية وضعت مؤخرا خطة لإعادة 15 ألف لاجئ إلى سوريا شهريا، إلا أن الخطة تصطدم برفض الأمم المتحدة التي ترى أن الأمن في سوريا لم يستتب بعد، وتطلب من لبنان التريث بالوقت الراهن.

تزداد في الفترة الأخيرة الحملات في لبنان ضد اللاجئين السوريين، بحيث إن الملف بات ورقة بيد المسؤولين السياسيين في إطار مناكفاتهم، عدا عن محاولاتهم المستمرة تحميل اللاجئين السوريين أعباء الأزمة، آخرها على سبيل المثال أزمة الخبز، بحيث اتخذت تدابير بوجه اللاجئين عند شرائهم ربطة الخبر، بعد قول ميقاتي إن معظم ربطات الخبز تذهب لغير اللبنانيين، ما جعل كل لاجئ سوري يحمل ربطة خبز عرضة للاعتداء أو المضايقة.

واتخذ عددٌ من البلديات والمحافظات والأفران قرارات عدة، سواء لبيع ربطات الخبز للبنانيين قبل السوريين، أو إجبار السوريين وغير اللبنانيين على الوقوف بالصفّ لشراء الخبز بينما فتحت ممرات خاصة للبنانيين لإعطائهم الأولوية.

وعبّرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان في يوليو/ تموز الماضي عن قلقها الشديد إزاء الممارسات التقييدية والتدابير التمييزية ضدّ اللاجئين في لبنان، والتي يتم تفعيلها على أساس الجنسية.

وقالت إن “لبنان يشهد حالياً زيادة في التوتر بين الفئات المختلفة وبالأخصّ في العنف ضدّ اللاجئين، مما يؤدي إلى تصاعد أعمال العنف على الأرض في عددٍ من المناطق والأحياء”.

اقرأ/ي أيضا: سفارات لبنان تتوقف عن العمل؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.