رغم أنه كان قرار متوقعا تحدث عنه خبراء الاقتصاد خلال الأسابيع الماضية، إلا أن البنك الفيدرالي الأميركي، فاجأ الجميع مساء الأربعاء عندما أعلن عزمه رفع الفائدة 75 نقطة، متجاوزا التوقعات التي كانت تتحدث عن 50 فقط، وهذه الزيادة ستنعكس بدورها على اقتصادات العديد من الدول، فضلا عن سوق الذهب والأسهم.

الزيادة الأعلى

البنك المركزي الأميركي أقر زيادته الأعلى منذ نحو 30 عاما، في خطوة تهدف إلى كبح جماح التضخم وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، حيث سيكون سعر الفائد الجديد 1.75 بالمئة.

ورغم أنه القرار الثالث من نوع منذ شهر آذار/مارس الماضي، وهي الفترة التي شهدت صعودا غير مسبوق في مستويات التضخم، إلا أن الفيدرالي الأميركي لم يخفي توقعاته بحدوث مزيد من الزيادات خلال الفترة القادمة.

الأكاديمي والباحث في العلاقات الاقتصادية الدولية الدكتور عبد المنعم الحلبي، يرى أن القرار سينعكس بالتأكيد على مؤشر الدولار بالارتفاع، أمام العملات المحلية التي تعاني اقتصادياتها من مستويات تضخم كبيرة.

ويقول الحلبي في حديثه لـ“الحل نت“: “هو قرار متوقع لمواجهة مستويات التضخم غير المسبوقة منذ أربع عقود  في الاقتصاد الأميركي، بدأت آثار ذلك القرار  منذ رجحان التوقع بحدوثه خلال الأسبوع الماضي بالنسبة للكثير من تلك العملات“.

قد يهمك: تمويل مشاريع اقتصادية بـ500 مليون ليرة سورية

تأثير عالمي

وحول انعكاسات قرار رفع الفائدة على الأسواق العالمية يضيف الحلبي: “عالميا ربما يكون الأثر الأكثر وضوحا هو زيادة الادخار بالدولار والحد من الطلب الاستهلاكي، في حال استمر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بسياسته النقدية الانكماشية فقد يكون هناك تداعيات على معدلات النمو للعديد من الاقتصاديات خلال الفترة القادمة“.

وأظهرت التعليقات الصادرة بعد الاجتماع أن المسؤولين يتوقعون أن تصل أسعار الفائدة إلى 3.4 بالمئة بحلول نهاية العام، وهي خطوة سيتأثر بها الناس في صورة ارتفاع تكاليف الاقتراض الخاصة بالرهون العقارية وقروض المدارس وبطاقات الائتمان.

وأوضح المصرف الأميركي في بيان أن التضخم ما زال “مرتفعا ما يعكس اختلالات العرض والطلب المرتبطة بالجائحة وارتفاع أسعار الطاقة“.

وذكّر البنك المركزي الأميركي بأن الغزو الروسي لأوكرانيا، تسبب “بضغط إضافي على التضخم وعلى النشاط الاقتصادي العالمي“.

ومع الارتفاع في سعر الفائدة يوم الأربعاء، يعود المعدل الذي يفرضه الاحتياطي الفيدرالي على البنوك للاقتراض، إلى ما كان عليه قبل انتشار الوباء في عام 2020، لكنه يظل منخفضا نسبيا وفقا للمعايير التاريخية، إلا أن تأثير هذه الزيادات قد بدأ بالفعل في الظهور.

إذ ساعد ارتفاع معدلات الفائدة في تعزيز الطلب على الدولار، مما أدى إلى ارتفاع قيمة العملة بنسبة 10 بالمئة منذ بداية العام، ووضع ذلك دول أخرى، خصوصا الأسواق الناشئة التي لديها ديون كبيرة بالدولار، تحت ضغط هائل.

وفي الولايات المتحدة، تراجعت الأسواق المالية، حيث خسر مؤشر ستاندارد آند بورز 500، الذي يتتبع المئات من أكبر الشركات الأمريكية، خمس قيمته منذ بداية العام، فيما تحذر الشركات متعددة الجنسيات من أن التضخم وارتفاع الدولار يضر بأرباحها.

البورصات والأسهم والذهب والعملات المختلفة أمام الدولار ستكون صاحبة النصيب الأكبر من التأثيرات، خاصة أن رفع الفائدة يعنى خروج الدولار إلى تجارة الفائدة الرائجة حاليا، كما أن رفع الفائدة يعنى مزيدا من قوة الدولار، والذى سجل مستويات هي الأعلى في 20 عاما.

أسباب رفع الفائدة الأمريكية

أرقام التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية لشهر أيار/مايو 2022 التي صدرت مؤخرا، كانت بمثابة جرس إنذار التي أدت بالطبع إلى قرار الفيدرالي، إذ كشفت ارتفاع بشكل سريع للتضخم عند 8.4 بالمئة، في أسرع وتيرة منذ عام 1981، دفعت المسؤولين إلى التحرك بقوة أكبر، وفق ما قاله جيروم باول رئيس الفيدرالي.

وأظهرت بيانات يوم الأربعاء أيضا تراجعا في مبيعات التجزئة خلال الشهر الماضي، حيث أنفق الناس المزيد على محطات الوقود، بسبب ارتفاع سعر البنزين وتأجيل شراء المشتريات ذات القيمة الكبيرة مثل السيارات.

وأكد باول أن السيطرة على الزيادة في الأسعار أمر ضروري للاستقرار الاقتصادي وأن تحقيق أي تقدم في ذلك سيستغرق بعض الوقت.

قد يهمك:رفع سقف قروض الأرياف السورية.. ما القصة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.