تعد ظاهرة الاتجار بالبشر في العراق من الجرائم الكبرى، المنتشرة في كافة محافظات البلد، سواء المتاجرة بالأطفال والنساء أو حتى الرجال، وبشتى الطرق، السرية منها والعلنية، إذ سجلت منظمة “المصير”، المعنية بالملف الحقوقي في العراق، ثلاثمئة حالة اتجار بالبشر خلال العام المنصرم.

ومن العوامل التي ساعدت على تزايد حالات الاتجار بالبشر في العراق، بحسب خبراء وحقوقيين، ارتفاع نسب الفقر والبطالة، وضعف الجهاز الأمني، وقوة الميليشيات.

قصص مرعبة عن ضحايا الإتجار بالبشر في العراق

مئات المواطنين كانوا ضحايا الاتجار بالبشر في العراق، ومن ضمنهم مريم (اسم مستعار)، البالغة من العمر ثمانية عشر عاما.

تروي مريم لموقع “الحل نت” قصتها بالقول: “تم خطفي من قبل عصابة، عندما كنت في السادسة عشر من عمري، ومن ثم تم بيعي لرجل صاحب نفوذ ومال. وقام الرجل بتعنيفي وإجباري على العمل في إحدى النوادي الليلة، وممارسة الجنس مع الزبائن”.

وتتابع: “بعد سنوات توفي الرجل الذي تاجر بي، فتمكنت من الهرب من العاصمة بغداد إلى أربيل، وتخليص نفسي من هذه القذارة”، بحسب وصفها.

ومن أغرب حالات الاتجار بالبشر في العراق حكاية انتشرت عن أب باع ابنه الرضيع، الذي لم يبلغ العامين من عمره، مقابل خمسة وعشرين ألف دولار. جارة العائلة تروي القصة لموقع “الحل نت”: “رغم أن الأب عاطل عن العمل، ويسكن في منزل بالآجار، صغير جدا، لا تتعدى مساحته الخمسين مترا، إلا أنه قام بإنجاب خمسة أطفال”.

وتكمل: “ادعى أنه باع ابنه بداعي تأمين لقمة العيش لبقية أطفاله، وهو عذر أقبح من ذنب. وبعد أيام انتشر خبر بين أهالي المنطقة، مفاده أن الطفل قد تم اختطافه من جهة مجهولة. ولكن بعد القبض على الأب، من قبل جهاز مكافحة الاتجار بالبشر، علمنا بالحقيقة، ولكن من دون تفاصيل كافية”.

عصابات مجهولة تتاجر بالعوائل النازحة

مصطفى سعدون، مدير المرصد العراقي لحقوق الإنسان، يؤكد أن “هناك عصابات كبيرة تقوم بالاتجار بالبشر في العراق، مستغلة العوائل النازحة الفقيرة. ويتم تشغيل الأطفال المخطوفين بالتسوّل، أو يجبرون على العمل بأجور زهيدة. فيما ترغم الفتيات على العمل في الدعارة والنوادي الليلية”.  

ويضيف، في حديثه لموقع “الحل نت “، أن “الاتجار بالبشر جريمة كبرى، تأتي بأشكال عديدة، ومنها المتاجرة بالأعضاء البشرية. إذ تم العثور على بعض الجثث بين الحدود العراقية والتركية، تم تفريغ كثير من الأعضاء منها”.

ويعتقد سعدون أن “القانون في العراق ضعيف، ولا يتناسب مع هول الجرائم التي تحدث”.

ما دور وزارة الداخلية في الحد من الظاهرة؟

علي عبد الكريم، الضابط في وزارة الداخلية العراقية، يتحدث لموقع “الحل نت” عن جهود الأجهزة الأمنية في مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر في العراق: “تم تكليفي قبل أشهر، من قبل دائرة مكافحة الإجرام في بغداد، بالتصدي لظاهرة الاتجار بالبشر في المدينة. وجرى تشكيل فريق عمل، بالتنسيق مع جهاز المخابرات الوطني العراقي، وشعبة استخبارات الكرادة. ونجحنا بالقبض على رجل يعمل ببيع الأعضاء البشرية، وإرسالها إلى شمال العراق، أو إلى خارج البلد”.

ويضيف عبد الكريم أن “جميع الأشخاص، الذين تم القبض عليهم، كانوا يعملون مقابل مبالغ مادية، تتراوح ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف دولار”.

وكانت مديرية مكافحة الاتجار بالبشر في العاصمة بغداد قد تمكنت من الإطاحة بشبكة للاتجار بالبشر في العراق، داخل مركز للمساج في منطقة الكرادة وسط العاصمة، مكونة من ثمانية عشر شخصا (رجال ونساء).

الميليشيات ودورها في الاتجار بالبشر

وبالرغم من وجود قانون لمكافحة الاتجار بالبشر في العراق، يتضمن عديدا من العقوبات، تصل إلى السجن المؤبد وحتى الإعدام، إلا أن الخبراء القانونيين يرون أن القانون ضعيف في النص والتطبيق، لأسباب عدة.

ويبيّن الحقوقي وليد التميمي أن “هذا القانون يحتاج إلى جهد استخباري خاص جدا، لصعوبة الوصول إلى الأشخاص الذين يتجارون بالبشر. بالأخص مع تدخل الميليشيات الولائية، التي لها دور كبير في هذه الظاهرة”.

ويضيف التميمي، في حديثه مع موقع “الحل نت “، أن “الضعف في أداء الأجهزة الأمنية وانتشار الفقر والبطالة، فضلا عن الأجور المتدنية للمواطنين، جميعها عوامل ساهمت في ارتفاع معدلات الاتجار بالبشر في العراق”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.