تتناقض وعود الوزراء والبيانات الرسمية التي تؤكد على منح إجازات استثمار بمليارات الليرات، وقدرة الحكومة على إيجاد الحلول من خلال التعاون الشفاف والصريح مع المستثمرين، واستعدادهم لتقديم كل الدعم والتسهيلات لاستثمار كل الإمكانات المتاحة في سوريا، في حين يرى المستثمرون أن الحكومة تريد تشجيع الاستثمار بالكلمات، لكنها تعرقله في حدود القوانين التي تم سنها.

القطاع الزراعي بلا ضرائب

أثار الاجتماع الذي عقد أمس السبت، بحضور وزراء الزراعة والاقتصاد والصناعة والمهتمين بالجانب الزراعي، عددا من القضايا التي أوضحت عدم وجود ارتباط بين التصريحات والوعود الحكومية من جهة، وبين المشاكل والعقبات التي تواجه المستثمرين الزراعيين من جهة أخرى.

وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري، محمد سامر الخليل، قال إنه “تم إصدار تراخيص استثمار لـ 32 مشروعا استثماريا بأصول تتجاوز 1250 مليار ليرة سورية، بالإضافة إلى عدد من المشاريع التي هي قيد الإجازة والترخيص”.

وادعى الوزير الخليل، أن “هناك حركة استثمارية جيدة ونتائج مرضية، خصوصا بعد صدور قانون الاستثمار رقم 18 الذي وفر تسهيلات كثيرة ومزايا إضافية، كالإعفاءات وتبسيط الإجراءات والالتزام بجدول زمني للإسراع في إنجاز جميع التراخيص اللازمة بما فيها تصريح الاستثمار النهائي، بالإضافة إلى إعفاء القطاع الزراعي من 100 بالمئة من الضرائب”.

وقال وزير الاقتصاد، إن “هناك زيادة في عدد المشاريع الاستثمارية، سواء من حيث عدد المشاريع أو نوعية وطبيعة هذه المشاريع وتوزيعها حسب أولويات التنمية السورية، أو قيمة الأصول الموجودة في هذه المشاريع وما تقدمه ومدى جدية الالتزام بهذا القانون”.

وذكر الخليل، أن المشاريع التي تمنح تراخيص الاستثمار ستنفذ على أرض الواقع، لأن هناك التزاما بجدول زمني عند الحصول على هذه التراخيص، مشيرا إلى أن هناك الكثير من المشاريع الجديدة التي دخلها السوريون، والعديد منهم يقوم باستعادة منشآته المتوقفة لبدء مشاريع جديدة، مبينا أن الوزارة تنظر في الطلبات التي قدمت إلى هيئة الاستثمار السورية، لتحديد العوائق التي تواجه صناعة الاستثمار، وقال: “نرحب بكل المستثمرين المهتمين من داخل سوريا وخارجها”.

الاستثمارات الأجنبية في سوريا

رغم حديث وسائل إعلام مقربة من حكومة دمشق عن أن استثمارات ضخمة، من الإمارات وروسيا وإيران، في طريقها إلى سوريا، إلا أن المعلومات، التي حصل عليها “الحل نت” في وقت سابق، أكدت أن كل ما يتم الحديث عنه من جانب حكومة دمشق ما يزال في طور التخطيط والدراسات الأولية.

الطريق أمام الاستثمارات الأجنبية في سوريا لا يبدو سهلا، خاصة وأن البلاد ما زالت تفتقد للمناخ الجاذب للاستثمار، إلى جانب عدم توفر الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها الكهرباء.

مدين دياب، مدير عام هيئة الاستثمار السورية، كان قد كشف في نيسان/أبريل الفائت، عن “استثمارات إماراتية وروسية وإيرانية مرتقبة في سوريا، تشمل عدة قطاعات، لا سيما مجال الصناعة”. مضيفا أن “شركات إيرانية بحثت مع هيئة الاستثمار إقامة مشروعات استثمارية في سوريا، خصوصا في مجال الصناعة وتدوير النفايات والطاقة المتجددة”.

ويشكل قانون الاستثمار الجديد 18، حسب دياب، “فرصة مهمة لرجال الأعمال والمستثمرين الإيرانيين، لا سيما في ظل عدد من التسهيلات والمحفزات المتاحة لهم”، مشيرا إلى أن “الشركات الإيرانية تعمل خطوة بخطوة، فقد تقدمت بالدراسات، وسيتم الاطلاع عليها لمتابعتها”.

وبيّن المسؤول السوري، أن “عدد المشاريع الممنوحة إجازة استثمار، لتندرج تحت القانون الجديد، بلغ نحو ثلاثة وعشرين مشروعا، بكلفة تقديرية 1.246 تريليون ليرة سورية، وتوفر نحو 1846 فرصة عمل”.

ضآلة في المشاريع الاستثمارية

ألوان الاقتصاد وخصائصه وقدرته على العمل والحياة تجردت في سوريا مع انحدار وانخفاض الاستثمار، فضلا عن السياسات الاقتصادية غير المتسقة المرتبطة بهذا الاقتصاد، فقد تحول إلى الاقتصاد في البلاد، إلى “اقتصاد الفرص الحكومية”، مثل فرص للاستثمار في الخدمات، واستيراد المركبات، والاحتيال الضريبي، والصادرات الزائفة.

مدير الأبحاث في مركز السياسات وبحوث العمليات، كرم شعار، أكد في حديث سابق لـ”الحل نت”، أن “الاستثمارات الأجنبية في سوريا، التي يتم الحديث عنها من جانب هيئة الاستثمار، هي مشاريع معدة سابقا، ويتم عرضها على المستثمرين المحليين والأجانب بشكل دوري”.

وأضاف: “رغم أن قانون الاستثمار الجديد قد خلق ما يمكن تسميته بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية في سوريا، أكثر من القوانين السابقة، إلا أن المشكلة تكمن في التطبيق، فما زالت هناك مخاوف واضحة لدى المستثمرين السوريين والأجانب من دخول السوق السورية، بسبب عدم وضوح الأفق السياسي والاقتصادي، وبالتالي لن يكون هذا القانون الاستثماري الجديد كافيا لجذب الاستثمارات، وما نشاهده حاليا هو العكس، أي هناك هجرة للمستثمرين من سوريا”.

وأبعد من ذلك، يشير شعار إلى أن “التكلفة التقديرية لكل المشاريع، التي تتحدث عنها هيئة الاستثمار، لا تتجاوز النصف مليون دولار أميركي، وهو رقم ضئيل جدا، مقارنة بكلفة الدمار الحاصل في سوريا، التي تتجاوز خمسمئة مليار دولار أميركي”.

مختتما حديثه بالقول: “الاستثمارات الأجنبية المشار إليها في سوريا، في حال دخلت التنفيذ، وأنا أستبعد ذلك، لن تسهم بإنعاش الاقتصاد السوري، ودورها وتأثيرها سيبقى محدودا”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.