الجولة الثامنة من اجتماعات اللجنة الدستورية، لم تشهد أي خرق حقيقي للوضع الراهن، وفقا لمسار الحل المدعوم من الأمم المتحدة في سوريا، وما اتفقت عليه المجموعة بالإجماع تقريبا، هو تحديد موعد للجولة التاسعة. لكن، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، أجّل الجولة التاسعة، التي كان من المقرر عقدها بمدينة جنيف السويسرية في 25 من الشهر الحالي.

ويأتي هذا التأجيل، نتيجة مطالبة رئيس وفد الحكومة السورية أحمد الكزبري، بأن وفده سيكون مستعدا للمشاركة في الدورة التاسعة، فقط عند تلبية الطلبات المقدمة من روسيا.

ضغط روسي

الرئيس المشترك للجنة الدستورية، هادي البحرة، أعلن عن تسلّمه رسالة رسمية تفيد بتأجيل الجولة التاسعة من اجتماعات اللجنة، بناء على طلب من وفد حكومة دمشق.

وصرح البحرة، اليوم السبت، في تصريح صحفي، إن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، أبلغه برسالة رسمية بتأجيل الجولة لـ”إخطاره من قبل الرئيس المشترك الذي رشحته حكومة دمشق، إن وفده سيكون مستعدا للمشاركة في الدورة التاسعة، فقط عندما تتم تنفيذ الطلبات المقدمة من الجانب الروسي”.

وأردف البحرة، أن هذا التأجيل والتعطيل، ووضع شروط مسبقة لا علاقة للسوريين بها، يثبت مجددا انفصال وفد دمشق الكامل عن واقع المأساة التي يعيشها السوريون، وإمعانه في التّهرب من مستحقات تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، كما يثبت إبدائهم المصالح الأجنبية، كأولوية على مصالحنا الوطنية السورية”.

وعلى طرف آخر، طالب البحرة المبعوث الأممي، بصفته “ميسرا” لأعمال اللجنة، وضمن إطار تفويضه وفق القرار الأممي 2254، بضرورة تقديم تقرير متكامل إلى مجلس الأمن عن أعمال اللجنة الدستورية منذ تأسيسها وحتى الآن، وتحديد المعوقات التي تواجهها.

ودعا دول أعضاء مجلس الأمن بضرورة إلزام اللجنة بتنفيذ اقتراحات المبعوث الخاص، التي قدّمها لمنهجية نقاش مجدية تُحقق تقدما مستمرا وملموسا في أعمالها.

كما وشدد البحرة، على ضرورة إلزام الأطراف كافة بجدول زمني لانعقاد اجتماعات اللجنة بشكل دوري منتظم في جنيف، بحيث يكون الفاصل بين كل دورة اجتماعات، والدورة التي تليها أسبوع واحد، مما يُتيح لها إنجاز مهمتها وفق تفويضها في قرار مجلس الأمن.

قد يهمك: هل أطلق الأسد الرصاصة الأخيرة على اللجنة الدستورية؟

دوران في حلقات مفرغة

في سياق تأجيل الدورة التاسعة للجنة الدستورية السورية، كان مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، أشار، في 16 من حزيران/ يونيو الفائت، إلى المدن التي يمكن أن تحتضن اجتماعات اللجنة الدستورية السورية بدلا من جنيف السويسرية، مقترحا ثلاث عواصم عربية، هي: مسقط أو أبو ظبي أو الجزائر، بحسب ما نقلته وكالة “سبوتنيك” الروسية.

وأضاف للصحفيين في العاصمة الكازاخية، نور سلطان بختام مباحثات “أستانا 18″، “حددنا الحاجة إلى نقل عمل اللجنة الدستورية إلى منصة أكثر حيادية، واقترحنا برامج مختلفة. أبو ظبي (عاصمة الإمارات العربية المتحدة) ومسقط (عاصمة سلطنة عمان)، والجزائر ممكنة أيضا كمنصة”.

إلا أنه أكد عدم التوصل إلى اتفاق واضح حول نقل مقر اللجنة الدستورية، لافتا إلى أن استمرار العمل في جنيف بالنسبة لروسيا أصبح صعبا، بسبب الموقف “غير الودي والعدائي لسويسرا تجاه روسيا”، على حد وصفه.

السياسية والباحثة الأكاديمية، وعضو اللجنة الدستورية السورية، الدكتورة سميرة مبيّض، ترى أن الاستعصاء السياسي في الوضع السوري، ناجم عن تدويل القضايا السورية، وربطها بقضايا متعددة المحاور والمتصارعة فيما بينها، مما يعيق ويعطل الوصول لحل سياسي سوري.

وأردفت مبيّض في حديثها السابق لـ“الحل نت“: “أعتقد أن الملف السوري بحالة ديناميكية مستمرة طغى عليها الطابع العسكري المتعدد المحاور. اعتبار الأراضي السورية موقعا لتفريغ حمولات الصراعات الإقليمية، والدولية، وأن جميع هذه العوامل تفضي لمسار سياسي عدمي“.

وتعتقد مبيض أن مسار الحل الوحيد، هو بتحييد سوريا عن كافة الصراعات، واعتبارها فضاء جغرافي محايد عن صراعات دول الجوار، بحكم التعددية التي تتسم بها البنى الثقافية والمجتمعية ضمنها.

من جانبه يرى الديبلوماسي السابق، بشار الحاج علي، أن استخدام حلفاء دمشق لا سيما روسيا، للملف السوري، لمصالح إقليمية ودولية، ساهم بشكل كبير في استعصاء الحل السوري.

ويقول الحاج علي خلال حديثه السابق لـ“الحل نت“: “للأسف مازال الانسداد هو الغالب على العملية السياسية السورية، خاصة مع تمسك روسيا بالأسد، الذي تعامله كتابع ولا ترى مصالحها مع الشعب السوري، وفي ظل عدم وجود آلية حقيقية لفرض حل سياسي يستند للقرارات الأممية ذات الصلة، وخاصة قرار مجلس الأمن 2254”.

وفيما يتعلق باجتماعات اللجنة الدستورية السورية، فخلال ثمان جولات، لم يحدث أي تقدم حقيقي للمشهد القائم من اجتماعات اللجنة، فعلى الرغم من الهدوء الذي ساد جلسات المجموعات الصغيرة من اللجنة الدستورية السورية الأخيرة، كان هناك شبه إجماع على عقد الجلسة المقبلة في الربع الأخير من تموز/يوليو، ومحاولة جعل الاجتماعات شهرية.

الجدير ذكره، أن آراء الشارع السوري، تصب في أن مسار الحل السياسي في سوريا، بدأ يواجه خطر النسيان على الصعيد الدولي، وذلك تزامنا مع الفشل المستمر لمسار اللجنة الدستورية السورية، والتي برأيهم تساهم في زيادة استعصاء مسار الحل السياسي، بعدما فشلت جميع جولاتها في تقديم رؤية توافقية عن الحل السياسي في البلاد، أو رؤية مشتركة للخروج بدستور جديد، في وقت لم يتم فيه التوجه الجاد نحو البدء بتفعيل خطوات فاعلة، وملموسة نحو انتقال سياسي حقيقي في سوريا.

قد يهمك: سوريا.. الحل السياسي الضائع بين اللجنة الدستورية ومسار “أستانا”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.