في ظل أزمات متلاحقة تعاني منها شريحة العمال في سوريا، برزت مؤخرا خطة غير مسبوقة داخل المؤسسات الحكومية السورية، حيث تتجه إلى توزيع نسبة من أرباح بعض مؤسساتها على العاملين فيها.

هذه الخطة تفتح باب التساؤل أمام جدوى هذا الفعل، فضلا عن إمكانية تحقيقها في ظل فساد مستشري داخل مؤسسات الدولة، إضافة إلى أن هذه النسب من الأرباح تتعلق بمدى إنتاجية هذه المؤسسات فعلا ومدى ملائمة هذه النسب الموزعة مع المستوى الحياة المتدني لدى شريحة العمال على وجه الخصوص، والتي تعتبر أحد أضعف شرائح المجتمع السوري من الناحية الاقتصادية، بعد تدهور اقتصادي مستمر، وتدني مستوى الدخل بشكل عام، بما لا يتناسب مع الأسعار الرائجة في السوق.

ما قصة توزيع الأرباح؟

وزارة المالية وافقت يوم أمس السبت، على توزيع الأرباح الصافية الإضافية على العاملين في كل من المؤسسة العامة للإسمنت ومواد البناء، والشركة العامة لصناعة الكابلات بدمشق، والشركة العامة لتعبئة المياه بطرطوس وشركة زيوت حماة وشركة حديد حماة التابعة لوزارة الصناعة.

وبحسب القرار يتم توزيع الأرباح على العاملين في هذه الجهات وفق مراكز العمل وباعتماد علامات تقييم لكل مركز عمل تقديرا لجهودهم المبذولة.

من جهتها، بينت وزارة الصناعة التي نشرت القرار على صفحة رئاسة “مجلس الوزراء”، أن هذا الإجراء جاء استنادا لقرار رئاسة مجلس الوزراء باعتبار منتجات القطاع العام الصناعي سلعا تنافسية ولنتائج الاجتماعات المنعقدة في وزارة المالية لمناقشة معايير الأداء السنوية المعتمدة في توزيع الأرباح لعام 2021.

وأوضح مدير عام الشركة العامة لصناعة الكابلات، عبد القادر القدور، إلى دور هذا القرار بتحفيز العمال على الاستمرار بهمة عالية في دعم العملية الإنتاجية ما يسهم بزيادة الإنتاج في الشركات المذكورة، وبالتالي زيادة الأرباح التي سيكون لهم حصة أكبر فيها بناء على ذلك في الأعوام القادمة.

وبين القدور أنه بموجب هذا القرار سيتم توزيع هذه الأرباح كل حسب مركز عمله، بموجب نقاط تحدد من قبل اللجنة الإدارية في كل شركة والتي يوافق عليها مجلس الإدارة ليتم توزيع هذه المبالغ على العمال.

وبحسب مختصين، فإن قرار وزارة المالية، يعتبر بمثابة إجراء تجميلي للتغطية على معاناة العمال، فعملية احتساب توزيع الأرباح بحسب معايير الأداء السنوية، تحتاج إلى وقت طويل، بالإضافة إلى أن المبلغ الذي سيحصل عليه كل عامل في النهاية لم يشكل فارقا في وضعه الإقتصادي، لذلك كان من الأفضل إيجاد آليات جديدة لهذه الشركات تمكنها من زيادة رواتب العمال بشكل حقيقي ومستمر.

إقرأ:القروض الشخصية.. حيل دمشق لمعالجة الأوضاع الاقتصادية؟

وسائل مختلفة للتحايل على المواطنين

في شباط/فبراير الماضي، أعلنت عدة مؤسسات في وزارة المالية السورية حزمة قرارات تتعلق ظاهريا بتمرير كتل مالية أكبر لمصلحة المقترضين من المصارف الحكومية، حيث تم رفع سقف القروض الشخصية من قبل “المصرف التجاري السوري” ورفع سقف القروض الممنوحة لذوي الدخل المحدود من قبل “مصرف التوفير”، وذلك وسط تدهور الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”.

فقد أوضح “المصرف التجاري السوري”، في ذلك الوقت، رفع سقف القرض الشخصي إلى 25 مليون ليرة، بضمانة عقارية بدلا من 20 مليون ليرة، كما قرر رفع سقف القرض إلى 10 ملايين ليرة بضمانة رواتب كفلاء موظفين بدلا من 5 ملايين ليرة، بينما يشمل هذا القرار التجاري كل من العسكريين والمدنيين العاملين في وزارة الدفاع.

كما قام “مصرف التوفير” بإصدار عدة حزمة قرارات جديدة تم بموجبها رفع سقف القروض وتخفيض عدد الكفالات، وتعديل طريقة احتساب الفائدة وتسهيل فتح الحسابات المصرفية، أبرزها رفع سقف القروض الممنوحة لذوي الدخل المحدود مدنيين وعسكريين لنحو 5 ملايين ليرة بدلا من 2 مليون ليرة.

وضمن الشروط التي يتطلبها القرض الشخصي وجود ضمانة شخصية حتى 10 مليون ليرة كفيل واحد أو اثنين (موظف قطاع عام أو عسكري) في حال عدم كفاية دخل الكفيل الواحد، أما القرض الشخصي بضمانة عقارية، فيتطلب عقارات تغطي 250 بالمئة من قيمة القرض في حال كان المقترض موظف في القطاع الخاص، وعقارات تغطي 200 بالمئة للفئات الأخرى من المقترضين.

وبحسب متابعة “الحل نت” لردود الأفعال، فإن غالبية العسكريين لا يحققون هذه الشروط، حيث يسكنون في مناطق مخالفات ولا يملكون سندات عقارية رسمية مسجلة عند الدولة السورية، لذا لا يحق لهم سحب القرض أو التكفل بأحد آخر.

وبحسب تقارير، فإن متوسط دخل راتب الموظف ما بين الــ 86 ألفا و243 ليرة سورية، أي ما يعادل نحو 50-30 دولارا بحسب سعر الصرف، في حين يتقاضى أصحاب الحد الأدنى للأجور 72 ألفا و23 ليرة سورية، أي ما يعادل 23 دولار، لذا يصعب على الكثيرين الحصول على القرض.

قد يهمك:خلال عام واحد.. السوريون يشترون عقارات بأكثر من 7 تريليونات ليرة

يذكر أن الرواتب في مناطق حكومة دمشق، تراجعت إلى مادون الحدود الدنيا لها، وهي غير كافية لتغطية معيشة الموظفين، فيما تدعي الحكومة دائما أنها تعمل لتحسين أوضاعهم في الوقت الذي لا يتغير فيه شيء على أرض الواقع.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.