“كان كل شيء مثل السحر”. هكذا تصف منى سامي دخولها إلى مجال الإعلام، ليتحقق حلم الصبا، وتلك ليست كل الحكاية، فالنجاحات هي القصة، وما الحياة إلا قصة.

منى سامي رجب، تربوية سابقا، إعلامية اليوم، وأي إعلامية، هي الترند في العراق منذ شهر رمضان في نيسان/ أبريل المنصرم، وحتى اليوم. وهي بنفسها لا تعرف كيف حصل ذلك.

قبل 3 عقود، ولدت سامي في العاصمة بغداد. لعائلة تربوية معروفة في العراق. والدتها “الكيميائية المعروفة” أزهار فيصل، ووالدها المستشار والخبير البيئي سامي رجب.

“بدأ تعلقي بالإعلام منذ الصغر، وازداد تعلقي في مرحلة الإعدادية، وما جعلني أحلم بأن أكون إعلامية في يوم ما، إجادتي لفن الخطابة”، تقول منى لـ “الحل نت”.

كانت سامي تشارك في جل الفعاليات والمسرحيات التي تقيمها مديريات التربية في البلاد، وفي مرحلة الثانوية نالت المركز الأول في فن الخطابة على جميع مدارس العراق.

“لم يكن السير وراء الحلم سهلا. عائلتي معارضة للإعلام، تريدني أن أكون تربوية مثلها، لذا لم أتمكن حتى من التقديم على كلية الإعلام بعد تخرجي من الثانوية”.

مثل أمها، درست سامي الكيمياء في “جامعة بغداد”، وتخرجت منها ومارست المهنة، تدريسية في المدارس الأهلية لمدة 4 أعوام، قبل أن تضحك لها الدنيا ويتحقق الحلم.

بداية الحلم

“كنت مستقرة بعملي كمُدرّسة لمادة الكيمياء. شغوفة به، محبة لطالباتي وطلابي، مستمتعة بتقديمي للدروس لهم، ثم جاءت جائحة كورونا”، تقول سامي.

تردف سامي: “أجبرتنا الجائحة على إيقاف المدارس. في هذه الأثناء لم أخطط لفعل شيء. كان كل شيء مثل السحر. قررت أن أخبر حلمي لأحد نجوم الاعلام، فأجابني: سأساعدكِ”.

ذلك الإعلامي، هو عامر إبراهيم، مقدم البرامج الثقافية المعروف في تلفزيون “الشرقية”، وكانت سامي تتابعه جيدا، وتبحث عن حلقات برنامجه إن فاتتها أي حلقة عُرضت على التلفاز.

ببساطة، أرشد إبراهيم الإعلامية منى سامي نحو قناة اقتصادية جديدة لم تبث بعد، وكانت تبحث عن مقدمين ومقدمات للبرامج ولإذاعة الأخبار. ذهبت لها، وما هي إلا 3 أسابيع وتحقق الحلم.

في شهر تموز/ يوليو 2020، أجرت سامي الاختبارات مع قناة “عراق 24″، وفي شهر آب/ أغسطس قدّمت أول نشرة إخبارية، فكان أول ظهور لها وأول ظهور للقناة. توأم وُلدا معا.

تقول سامي: “أحب تلك القناة؛ لأنها منحتني الفرصة وجعلتني أحقق الحلم، رغم تركي لها لاحقا نتيجة بعض الخلافات، إلا أن معزتها ستبقى بداخلي ما حييت”.

انطلقت منى مذيعة للأخبار الاقتصادية، واستمرت مذيعة للنشرات الإخبارية، ومقدمة لبرنامج اقتصادي أيضا، وبعد 9 أشهر انتهت محطتها الأولى، لتبدأ رحلة الشهرة.

استمرت سامي بممارسة مهنة التدريس إلى جانب الإعلام طيلة فترة عملها مع “عراق 24″، ولكنها تركت التدريس، عندما بدأت محطتها الجديدة مع تلفزيون “الرابعة” في أيلول/ سبتمبر 2021.

تقول منى: “اجتزت اختبار إذاعة الأخبار بنجاح، لكن مدير القناة أخبرني بأني أصلح لتقديم البرامج. خفت، لكنه شدّ على يدي، وقال سأعيدكِ مذيعة إن فشلت المهمة”.

كان البرنامج هو باب الشهرة، الذي تستمر في تقديمه إلى الآن. اسمه “من جهة رابعة”. والمفارقة أنه برنامج سياسي وحقق نجاحات لم يألفها أي برنامج سياسي عراقي.

شهرة منى سامي

في برنامجها تستضيف سامي، النواب والمسؤولين وخبراء السياسة في البلاد، ويحظى البرنامج بمتابعة غير طبيعية، حتى أن العديد من حلقاته تتخطى المليون مشاهدة في أيام وجيزة.

من تدريسية إلى إعلامية زاحمت الكبار في أقل من سنتين، وجائحة “كورونا” وراء تلك الانتقالة في مسيرة منى سامي

ما يميز منى سامي، أن برنامجها السياسي يتحول إلى رياضي في الأوقات الضرورية، وإلى مجتمعي في القضايا المصيرية، وإلى برنامج فني في المناسبات المهمة.

تلك الميزة، جعلتها تنال الشهرة بسرعة فائقة، فهي أسرع إعلامية تصعد إلى مصاف الإعلاميين والإعلاميات الكبار في العراق، في أقل من سنتين فقط من دخولها لمجال الإعلام.

في برنامجها، تناقش أهل السياسة بجدية، وتلقي الشعر بحنيّة، وفي الرياضة تجدها محللة، والدمعة لا تفارقها في اللحظات الإنسانية، وأكثر ما يحبه فيها الجمهور، ضحكتها العفوية التي تقفز دون سابق إنذار.

عن ذلك يقول المدون عادل المعموري في تدوينة عبر “فيسبوك”، إن ما ميز سامي عن غيرها، بحثها المستمر عن التفرد، وكان ذلك هو الفضل الأكبر في نجاحها جماهيريا.

ذلك التفرد، تمثّل بمداعبتها لقلوب محبي الشعر بقراءاتها المستمرة، وتناولها أبزر الأحداث الرياضية، لتكون حديث عشاق المستديرة، وإثارتها للشارع بمشاكساتها الشجاعة مع السياسيين، حسب المعموري.

ارتبطت شهرة سامي، التي لا يكاد يمر من أمامك مقطع ريلز واحد في “فيسبوك” إلا ويكون الثاني عنها، بحدثين مهمين، الأول رياضي، والثاني هو شهر رمضان المنصرم.

الحدث الذي عرّفها على الجمهور، هو انطلاق فكرة استضافة المعلق العربي خليل البلوشي للتعليق من ملعب خالي من الجمهور في بغداد على مباراة العراق والإمارات بتصفيات كأس العالم الأخيرة.

كان ذلك الحدث في شهر آذار/ مارس المنصرم، فبينما تستعد بغداد وقتها لاحتضان المباراة، نقلها “الفيفا” إلى العاصمة السعودية الرياض، ما مثّل صدمة جماهيرية كبيرة.

في برنامج منى الذي ناقش الملف آنذاك، انطلقت فكرة استضافة البلوشي للتعليق من “ملعب المدينة” في بغداد على المباراة، مع حضور الجمهور للمباراة من الملعب.

عروض مجزية

منى حثّت الجمهور على الحضور إلى الملعب، وكانت أول الحاضرات. ومثلت المباراة حدثا نادرا، بأن يملأ الجمهور مدرجات ملعب فارغ والمباراة في بلد آخر. كانت رسالة احتجاج قل مثيلها.

منذ ذلك الحدث، سطع نجم الإعلامية العراقية، وباتت الترند، ليأتي شهر رمضان، وتقدم فيه برنامجا إنسانيا، زاد من شهرتها، فكان البرنامج الأكثر مشاهدة في العراق طيلة رمضان.

نالت منى سامي ثناء العديد من الشخصيات الإعلامية والأكاديمية المتخصصة في الإعلام، ومع محبة الجمهور الواسعة لها، باتت تعرف بـ “روح الشاشة العراقية”.

هي “تشرينية”، ناصرت “انتفاضة تشرين”، وتفتخر بذلك في برامجها، وأكثر موقف لا يفارقها، البكاء بعد نهاية أول نشرة إخبارية أذاعتها في مسيرتها الإعلامية.

تعرف منى سامي بدفاعها المستميت عن حقوق المرأة، وهي عضوة في مؤسسة “العراقية هنا”، المعنية بمجال المرأة وحقوقها في العراق، ولعل ذلك بتجلى عبر تغريدتها التالية.

كتبت منى تلك التغريدة؛ لأن المجتمع العراقي في معظمه، لا يذكر اسم المرأة عند رحيلها في يافطات ومنشورات العزاء. يذكر كل أفراد أهلها من الذكور ويتحاشى ذكر اسمها.

مؤخرا، تعاني سامي من حملة تسقيط ممنهجة تنال منها في مواقع “التواصل الاجتماعي”، حتى أن بعضها يتم تمويلها، وعن ذلك تقول: “إنها ضريبة النجاح، لكنني سأستمر”.

اليوم، تنهال العروض من أهم المؤسسات الإعلامية العراقية على منى سامي للعمل معها وبرواتب مجزية، تصل ضعف ما تناله في قناة “الرابعة”، لكنها ترفضها.

تعلّل منى سبب رفضها لتلك العروض في حديثها مع “الحل نت’، إلى عاطفيتها، فهي ترتبط عاطفيا في المكانات التي تدخلها، ويصعب عليها تركها، على حد تعبيرها.

“أنا فخورة لأن أهلي باتوا ينظرون لي بفخر بعد ترددهم إزاء دخولي لمجال الإعلام، وجل ما أتمناه، أن أكون إعلامية عراقية ناصعة، لا ينالها السوء يوما ما”، تقول منى سامي مختتمة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.