لا يبدو أن الاتفاقية الثلاثية الموقّعة بين فنلندا والسويد وتركيا، الخاصة بموافقة تركيا على انضمام الدولتين إلى حلف “شمال الأطلسي” (الناتو)، مؤشرا على دعم أو تسريع وتيرة البدء بالعملية العسكرية التركية المحتملة في مناطق من الشمال السوري، كما بدأ يعتقد بعض المراقبين، لا سيما وأن تأخّر العملية مرتبط بشكل أساسي بالرفض الأميركي الروسي لأي تحرك عسكري تركي جديد في سوريا.

اتفاق ثلاثي

بعد مفاوضات واجتماع أخير، عُقد بعيدا عن كاميرات الإعلام، حدثت الانفراجة، ونالت السويد ومعها فنلندا ما طمحتا له، وهو موافقة تركيا على انضمامهما لـ “حلف شمال الأطلسي” (الناتو)، بعد رفض استمر لشهر ونصف، اعتبره مراقبون أنه رفض لتحصيل مكاسب سياسية لتركيا، يندرج تحت إطار “المساومات التركية المعهودة“.وقال الرئيس الفنلندي سولي نينيستو، في اليوم الأول من قمة الحلف في العاصمة الإسبانية مدريد الثلاثاء إن: “هذا التطور المهم جاء بعد أن وقّعت الدول الثلاث ،مذكرة مشتركة لتقديم دعمها الكامل في مواجهة التهديدات لأمن بعضها البعض“.

وأوضح البيان المشترك للدول الثلاثة الموقّعة على اتفاقية التفاهم، أن السويد وفنلندا تتعهدان بالتعاون التام مع تركيا في مكافحة “حزب العمال الكردستاني” وجماعة “غولن“، إضافة لمنع أي أنشطة تابعة للجماعات المذكورة.

قد يهمك: لهذه الأسباب أعادت حماس علاقاتها مع دمشق

ماذا كسبت تركيا؟

الرئاسة التركية قالت في بيان مساء الثلاثاء إن “تركيا حصلت على ما تريده“، مشيرة إلى أن كل من فنلندا والسويد، تعهدت مع تركيا في مكافحة “حزب العمال الكردستاني” الذي تصنفه أنقرة على قائمة الإرهاب لديها.

الكاتب والباحث السياسي التركي فراس رضوان أوغلو، يؤكد أن موافقة تركيا على انضمام الدولتين لحلف الناتو، جاء بعد تعزيز التعاون بين الجانبين، في العديد من الملفات والقضايا، أبرزها “حزب العمال الكردستاني“، إضافة إلى موافقة فنلندا والسويد على منع أي نشاطات “معادية لتركيا“.

ويقول رضوان أوغلو في حديث خاص لـ“الحل نت“: “ربما يكون هناك تسليم لبعض الأشخاص، الذين ثبتت عليهم تهم إرهابية، وستتعهد هذه الدول بعدم دعم أي شيء يضر بمصلحة الأمن القومي التركي“.

ويعتقد رضوان أوغلو، أن استفادة تركيا من هذه الموافقة، ستصل إلى الجانب الاقتصادي، وحول ذلك يضيف: “سيكون هناك دور فاعل، نعلم أن السويد رضخت للعقوبات الأميركية على تركيا، ومنعت بعض القطع العسكرية، فهذه الأمور سيتم إعادة تقييمها ضمن هذا التفاهم“.

ما علاقة العملية التركية؟

ويستبعد الباحث السياسي التركي، وجود أي علاقة بين الاتفاق الثلاثي، والعملية العسكرية التركية شمالي سوريا، لا سيما مع استمرار الرفض الأميركي الروسي لهذه العملية.

وحول ذلك يقول: “لا يوجد أي علاقة بين هذا التفاهم والعملية العسكرية التي أعلنت عنها تركيا في الشمال السوري، هذا ملف وهذا ملف آخر، العملية العسكرية لها حسابات أخرى تتعلق بالملف السوري حصرا ،ونوعا ما في الملف الداخلي التركي، الرفض الأميركي والروسي سيبقى موجودا“.

وتواصل الولايات المتحدة الأميركية، رفضها التحركات العسكرية التركية في الشمال السوري، حيث وسعت واشنطن من انتشار قواتها ودورياتها ،وسيّرت طائرات شرقي الفرات، لتأكيد حماية حلفائها وردع الجيش التركي. كما أعلنت واشنطن، وأبلغت أنقرة قبل أسابيع عبر مندوبتها إلى الأمم المتحدة ليندا غرينفيلد رفضها أي هجمات عسكرية، معتبرة أن ذلك سيضر بالاستقرار الإقليمي.

ومما يؤكد عدم تغيّر الموقف الأميركي، هو تصريح البيض الأبيض، مؤخرا، بعدم تقديم أي تنازلات لضمان إعطائها الضوء الأخضر لانضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي.

فيما قال مسؤول كبير في الرئاسة الأمريكية في تصريحات لصحفيين ونقلها موقع “القدس العربي“: “لم يكن هناك أي طلب من الجانب التركي للأمريكيين لتقديم تنازل معيّن“.

وأضاف طالبا عدم الكشف عن هويته إنّ قرار تركيا “يوفر دفعا قويا” لوحدة “حلف شمال الأطلسي“.هذا وتجدر الإشارة إلى أن انضمام فنلندا والسويد إلى حلف “الناتو“، يُعد خطوة لمواجهة روسيا في حربها المحتملة مع الغرب، لا سيما بعد الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، والذي بدأ في شباط/فبراير الماضي.

إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن معارضته بداية، انضمام البلدين الشماليين، بسبب ما وصفه بدعمهما لـ “المنظمات الإرهابية” في إشارة إلى “حزب العمال الكردستاني“، وفق رؤية أنقرة.

قد يهمك: تطور جديد في المحادثات الدبلوماسية بين إيران والسعودية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.